مسرحية حب لمزاح حوار بين الماضي والحاضر

تستعد فرقة محترف 21 للمسرح لإطلاق عرضها الجديد “حب لمزاح” ابتداءا من مساء السبت المقبل بالمركز الثقافي بمدينة القنيطرة، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، يأتي هذا العمل في سياق المسرح المغربي المعاصر، الذي يسعى إلى إعادة طرح نقاش حول قضايا اجتماعية وإنسانية متجذرة في الذاكرة الجماعية، واستلهام رموز التراث المغربي لتسليط الضوء على أسئلة الراهن وإضاءة أبعادها الثقافية والفكرية.

مولات السر ذاكرة إجتماعية حية

تعيد مسرحية “حب لمزاح“ إلى الواجهة شخصية اجتماعية وتاريخية لامعة، عُرفت في مدن مغربية منها، فاس، مراكش، وسطات باسم “مولات السر”، لعبت هذه المرأة أدوار الوسيط والمُصلحة بين الأزواج، وأشرفت على ترتيبات الزواج، وقدمت الاستشارات الأسرية ضمن فضاءات ارتبطت بما كان يُعرف “بدار الطاعة”، حيث كانت النساء يجدن فيها ملاذا اجتماعيا وروحيا لحل النزاعات وطلب النصائح، مع ما يحمله هذا الدور من ثقل اجتماعي وروحي في النسيج التقليدي المغربي.

من الذاكرة الى الراهن

لا يتوقف العرض عند استعادة صورة من الماضي، بل يتجاوز ذلك لمساءلة الراهن الاجتماعي، فاستحضار شخصية “مولات السر” لا تقدم كاستذكار تاريخي فحسب، بل كمدخل لفتح نقاش معاصر حول تعقيد العلاقة بين الرجل والمرأة، وكيف يمكن للفن المسرحي أن يوظف الموروث الشعبي ليصبح أداة لفهم تحولات المجتمع المغربي ومساءلته، وبذلك، يوازن العمل بين المتعة الفنية والإبداعية من جهة، وإشعاع الوعي الثقافي والفكري من جهة أخرى، ليمنح الخشبة بعدا يتخطى حدود الترفيه إلى فضاء للتأمل الجماعي.

ذاكرة شعبية في قالب معاصر

كتب وأخرج مسرحية “حب لمزاح” المبدع عبد المجيد سعد الله، معتمدا على أداء جماعي لمجموعة من الوجوه المسرحية المتمرسة، من بينها جميلة مصلوحي، سميرة هيشيكة، مصطفى أهنيني، حميد مرشد، عبد الحق الزوهري، وسعيد مزوار، يقوم رهان العمل على تنويع الشخصيات وإبراز تفاعلاتها داخل حبكة درامية تستلهم روح التراث الشعبي، لإعادته بلغة فنية معاصرة تفتح المجال أمام مقاربة جديدة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.

مسرحية تستحضر الذاكرة الإجتماعية

أسندت مهمة السينوغرافيا لمسرحية “حب لمزاح” للفنان محمودي مبارك، وتصميم الأزياء لجميلة مصلوحي، وتكفل أيوب بنهباش بالجانب التقني، تحت إشراف إداري عام لإبراهيم أقلل، ومساعدة إخراجية من سامي سعد الله، يجسد هذا التناغم بين عناصر الإبداع الفني والتقني إرادة جماعية في تقديم عرض متكامل، يوازن بين جمالية الصورة المسرحية وعمق الرؤية الفكرية، تأتي مسرحية “حب لمزاح” كعرض مسرحي يمد خيط الوصل بين الماضي والحاضر، ويستحضر ذاكرة اجتماعية كادت أن تندثر، لإعادتها في قالب فني معاصر يجعل منها مادة للتأمل والنقاش، لايكتفي العرض ببعث تراث اجتماعي منسي، بل يحوله إلى مساحة حوار حيّة، يفتحها المسرح أمام الجمهور للتفكير في قضايا المجتمع المغربي وتحولاته المستمرة.