المجلس الأعلى للسلطة القضائية
مليكة بوخاري
نظم المجلس الأعلى للسلطة القضائية ندوة افتتاحية خلال الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، حيث تم عرض إنجازات المجلس ومناقشة خططه المستقبلية، وأكد الأمين العام للمجلس منير المنتصر بالله، أن المشاركة في هذا المعرض تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، توفير منصة للتفاعل بين العدالة والمجتمع، وأشار إلى أهمية الحوار لتعزيز القيم الدستورية، التي تلبي تطلعات المواطنين، بفضل التوجيهات الملكية التي جعلت القضاء في خدمة المجتمع.
مسيرة إصلاح القضاء واستراتيجيات المجلس
كما استعرض المنتصر بالله مسيرة المجلس منذ تأسيسه كهيئة دستورية مستقلة، موضحا إنجازاته الإصلاحية والطموحات التي يسعى لتحقيقها في مجال العدالة الوطنية، معتبرا أن دستور 2011 لم يكن مجرد تغيير قانوني، بل ثورة هادئة رفعت القضاء إلى مركز السلطة، وأوضح أن المجلس قد وضع خطة استراتيجية تمتد خلال السنوات الأربع الأولى من ولايته “2021-2024″، والتركيز على النجاعة والرقمنة والانفتاح، مما أسفر عن عشرين قرارا استراتيجيًا وتسعة اتفاقيات دولية مع هيئات قضائية من أوروبا وآسيا.
إطلاق منصات رقمية لتعزيز العدالة
وكشف الأمين العام عن إطلاق ستة منصات رقمية لدعم القضاة والمتقاضين، بما في ذلك بوابة قضائية تضم 43,485 اجتهادا قضائيا، ومنصة لتقديم الشكايات، ومجلة قضائية وطنية تتناول المسار المؤسساتي والحقوقي، كما نظمت ثلاثة وعشرين دورة تكوينية تخص القضاة في مجالات متعددة، بالإضافة إلى تسعة وخمسين مهمة تفتيش من المفتشية العامة، وأكد المنتصر بالله أن المجلس ينظر إلى الإصلاح كمشروع حضاري يتطلب رؤية استراتيجية بعيدة المدى، مشيرا إلى أن سنة 2024 ستكون نقطة انطلاق لمزيد من التحولات نحو عدالة حديثة ومستقلة تستجيب لقضايا المجتمع.
مراحل تطوير المجلس الأعلى للسلطة القضائية
أوضح مدير قطب الدراسات والشؤون القانونية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية شكير فتوح، أن المجلس مر بثلاثة مراحل رئيسية منذ تأسيسه في سنة 2017، إمتدت المرحلة الأولى من تأسيس المجلس حتى سنة 2021، حيث تم خلالها وضع الأسس الرئيسية لهذه السلطة الجديدة، أما المرحلة الثانية، فركزت على إكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية، حيث تم إصدار النصوص القانونية اللازمة لعمل المجلس، مما مكنه من ممارسة مهامه في الإشراف على الشأن القضائي في المملكة ومتابعة أداء المحاكم واتخاذ الإجراءات المطلوبة لتحسين الجودة، مشيرا أن المرحلة الثالثة هي المرحلة الحالية، حيث بدأ المجلس بتنفيذ مشاريع استراتيجية هامة تهدف إلى تحقيق الرؤية الملكية للإصلاح القضائي، مما جعل القضاء عاملا محفزا للتنمية والنموذج التنموي الجديد، وتتضمن هذه المشاريع مجالات النجاعة القضائية، بما في ذلك تحديد آجال استرشادية للفصل في القضايا، بالإضافة إلى التحديث والرقمنة، وتعزيز التكوين، وتحسين التواصل، فضلا عن زيادة حضور المجلس في المشهد المؤسساتي.
أهمية العنصر البشري في العدالة
أشارت رئيسة قطب التكوين والتعاون بالمجلس أمال لمنيعي، أن العنصر البشري يمثل جوهر أي إصلاح وعموده الفقري، مؤكدة أن المجلس يؤمن بأن الاستثمار الأهم هو في الإنسان، أي في القاضي، ليس فقط لأنه يؤدي مهمة القضاء، ولكنه شريك أساسي في تحقيق رؤية عدالة حديثة وفعالة وإنسانية، وأوضحت أن الثقة في القضاء لا يمكن أن يتحقق دون الثقة في القاضي نفسه، كما اعتبرت أن التدريب المستمر والمتخصص هو المفتاح لبناء هذا النموذج وتعزيز أسسه، مما يمكن القاضي من الاضطلاع بالأدوار الجديدة المطلوبة في إطار عدالة متطورة، وأوضحت أن التكوين ليس مجرد مرحلة عابرة، بل هو مسار مستمر لصقل المهارات وتعزيز القيم، بدءا من الالتحاق بالمعهد كملحق قضائي حتى نهاية المسار المهني، وهذا يتماشى مع المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يركز على أهمية العنصر البشري وتطوير قدراته، ويبدو من خلال تعديل الإطار القانوني للمعهد العالي للقضاء وإحداث قطب التكوين والتعاون داخل المجلس، بالإضافة إلى وضع استراتيجية واضحة للتدريب الأساسي والمستمر والمتخصص.
استقلال المجلس وتطوير الموارد البشرية
شكلت الندوة الافتتاحية للبرنامج التواصلي للمجلس بمعرض الكتاب فرصة للحوار المفتوح حول جوانب الاستقلال المالي والإداري للمجلس، وأوضح عبد القادر شيخي، رئيس شعبة الشؤون المالية للقضاة، أن نجاح أي هيئة أو مؤسسة معنية بالشأن العام يعتمد بشكل كبير على نوعية وكمية الموارد المتاحة لها، وكذلك قدرتها على استغلال هذه الموارد بشكل فعال وفقا لمبادئ الحكامة الجيدة، وأكد أن دستور 2011 قد عزز استقلال السلطة القضائية من خلال منحها استقلالا ماليا وإداريا، وفقا للفصل 116، مما يعكس تجليات هذا الاستقلال، كما قدم شيخي عرضا شاملا حول ميزانية المجلس، موضحا مراحل إعدادها وطرق تنفيذها، وأشار أن الموارد البشرية بالمجلس شهد تطورا ملحوظا بين سنتي 2017 و2024، حيث ارتفع عدد العاملين من 40 شخصا في 2017 إلى 495 حسب أحدث الإحصائيات حتى 15 أبريل 2025، دون احتساب 90 عنصرا من القوات المساعدة، ليصل الإجمالي إلى 585.
📰 اقرأ هذا المقال على Google News: اضغط هنا