جريدة الاخبار 24

تازة تحتفي بعقدين من التنمية للمبادرة الوطنية في مرآة الفاعلين المحليين


تازة تحتفي بعقدين من التنمية للمبادرة

في سياق استحضار عشرين سنة من الفعل التنموي الميداني، احتضنت عمالة إقليم تازة يوم الإثنين 19 ماي الجاري، لقاءا مميزا بمناسبة الذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي شكلت على مدى عقدين رافعة استراتيجية لترسيخ العدالة الاجتماعية وتعزيز الاندماج المجالي، هذا اللقاء المنظم من طرف اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تحت شعار “20 سنة في خدمة التنمية البشرية”.

جريدة الاخبار 24 عرف اللقاء مشاركة وازنة لمنتخبين، وممثلي القطاعات، وفعاليات المجتمع المدني، بالإضافة إلى أعضاء اللجن المحلية، كان اللقاء أكثر من مجرد احتفاء رمزي، بل محطة تقييم وتحليل لنتائج مبادرات تنموية متراكمة، وفرصة لتقاطع الرؤى حول رهانات التنمية بإقليم تازة، خاصة في ضوء التوجهيات الجديدة للنموذج التنموي الوطني.

جريدة الاخبار 24 منجزات ملموسة قراءة في خطاب العامل
استهل اللقاء بكلمته افتتاحية، لعامل إقليم تازة، السيد: مصطفى المعزة، بسرد المنجزات الرقمية، بل أضاء على البعد المفاهيمي للمبادرة الوطنية كرهان استراتيجي يزاوج بين النجاعة الاجتماعية والتخطيط الترابي، مؤكدا أن البرامج المنجزة منذ 18 ماي 2005 لم تكن مجرد تدخلات ظرفية، بل تدخل في سياق مشروع مجتمعي واسع يسعى إلى إعادة هيكلة علاقة الدولة بالمجتمع من خلال تمكين الفئات الهشة وتحفيز دينامية القرب، كما شدد على أن النجاح الذي تحقق بفضل انخراط شركاء محليين ومؤسساتيين، يظل رهينا باستدامة المشاريع ومرونتها في التفاعل مع التحديات المستجدة، وهو ما يتطلب مواصلة الاشتغال وفق مقاربة تشاركية تراعي الخصوصيات المجالية، وتستند إلى توجيهات التنسيقية الوطنية كموجه استراتيجي لآليات التدخل الترابي.

مداخلة رئيس قسم العمل الاجتماعي
في كلمته بالمناسبة، قدّم رئيس قسم العمل الاجتماعي قراءة رقمية وتفسيرية لحصيلة ثلاثة مراحل متعاقبة “2005-2025″، مشيرا إلى أن مجموع التدخلات يعكس توجها عموميا نحو تعميق العدالة المجالية، وتعزيز رأس المال البشري، خاصة في العالم القروي والمناطق الهشة، حيث تظهر مؤشرات التنمية أكثر هشاشة وتفاوتا.

المرحلة الأولى بداية تكسر الصمت الاجتماعي
شهدت هذه المرحلة التأسيسية استهدافا مباشرا للفقر والإقصاء والهشاشة من خلال برامج قطاعية همت الفئات الأشد تضررا:
_برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي: استهدف 7 جماعات قروية تتجاوز بها نسبة الفقر 30%، تم خلالها إنجاز 96 مشروعا بغلاف مالي قدره 38 مليون درهم.
_برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري: خص أحياء من مدينتي تازة وتاهلة، عبر 23 مشروعا بتكلفة تفوق 25 مليون درهم.
_برنامج محاربة الهشاشة: وجه لـ8 فئات مجتمعية هشة من ضمنها الشباب، النساء، وأطفال الشوارع، وتم تنفيذ 37 مشروعا بتمويل يقارب 38 مليون درهم.
البرنامج الأفقي: استهدف الجماعات غير المدرجة في البرامج السابقة، عبر 182 مشروعا بميزانية تجاوزت 66 مليون درهم.
كانت الرسالة واضحة: تدخل الدولة لأول مرة، بهذه الكثافة، إلى عمق التفاوتات الاجتماعية والمجالية، في محاولة لكسر حلقة الفقر البنيوي.

المرحلة الثانية التوسعة الجغرافية والجرأة المالية
بدأت المبادرة في هذا التطور تخرج من تمركزها الأولي إلى تغطية أوسع للجماعات والأحياء، توازياً مع رفع كبير للميزانية:

_برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي: توسع إلى 15 جماعة بنسبة فقر تفوق 14%، تم تنفيذ 270 مشروعا بغلاف مالي قدره 134 مليون درهم.
_برنامج محاربة الإقصاء بالوسط الحضري: بلغ 128 مشروعا في 5 أحياء، بكلفة ناهزت 102 مليون درهم.
_برنامج الهشاشة: شمل فئات إضافية كالمدمنين ومرضى السيدا، بعدد 61 مشروعا بغلاف مالي يناهز 38 مليون درهم.
_البرنامج الأفقي: ارتفع إلى 369 مشروعا بقيمة تفوق 158 مليون درهم.
لم تعد المبادرة مجرد رد فعل اجتماعي، بل تحولت إلى أداة تدخل مندمج في السياسات العمومية، تستند إلى معطيات ميدانية دقيقة ومقاربات ترابية أكثر نضجا.

المرحلة الثالثة رأس المال البشري في صلب الرهان
دخلت المبادرة، منذ 2019، مرحلة مفصلية تنسجم مع مضامين النموذج التنموي الجديد، حيث بات التركيز على الاستثمار في الإنسان لا يقل أهمية عن تشييد البنية التحتية، وقد تميزت هذه المرحلة بأربعة برامج محورية:
_برنامج تدارك الخصاص في البنيات والخدمات الأساسية
ركز على دعم النقل المدرسي، وتوسيع الداخليات، والدعم المدرسي، بإعتمادات مالية تناهز: 51.7 مليون درهم.
الأثر: انخفاض ملحوظ في نسب الهدر المدرسي بالعالم القروي.
_برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة: دعم الفئات الضعيفة من خلال مراكز الإيواء والتكفل الطبي والاجتماعي،
بتمويل مرصود يناهز: 57.89 مليون درهم.
_برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب: تم عبر منصات الشباب التي رافقت المقاولات الصغرى ورواد الأعمال.
عدد المشاريع: 330 مشروعا.
الغلاف المالي: 41 مليون درهم.
_برنامج الدفع برأسمال الأجيال الصاعدة: فيما يهم صحة الأم والطفل، التغذية، وتنمية الطفولة المبكرة.
عدد المشاريع والعمليات: 377 مشروعا و779 عملية.
حجم التمويل: 214.65 مليون درهم.
الإجمالي العام للمرحلة بلغ نحو 365 مليون درهم، ما يعكس طموحا غير مسبوق في بناء إنسان المستقبل، وليس فقط رتق أعطاب الحاضر.

المبادرة رافعة للتحول الاجتماعي
في ختام اللقاء، أجمع المتدخلون على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم تكن يوما مجرد آلية لتمويل المشاريع، بل تجربة إصلاحية ذات نفس طويل، أعادت الاعتبار للإنسان كمركز للقرار العمومي، وكسرت الحواجز بين الدولة والمجتمع المحلي، رؤية ملكية متبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، جعلت من التنمية البشرية خيارا استراتيجيا، لتعزيز التنسيق المؤسساتي وتوسيع الاستهداف في أفق تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية أكثر توازنا، من محاربة الفقر إلى بناء الإنسان، ومن التدخل القطاعي إلى المقاربة المندمجة، تبدو تجربة تازة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مرآة لمسار مغربي متجدد في هندسة العدالة الاجتماعية، مسار لا يزال مستمرا… بكل التحديات والطموحات.


تحقق أيضا

جريدة الاخبار 24

الوكالة الوطنية تطلق خرائط تنبؤية لرصد بؤر حرائق الغابات

الوكالة الوطنية تطلق خرائط تنبؤية أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات في إطار جهودها الاستباقية لمواجهة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *