جريدة الاخبار 24

كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ترسي نموذج أكاديمي جديد في تجويد البحث العلمي بالقنيطرة


كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ترسي

حكيمة القرقوري

في إطار دينامية أكاديمية متجددة، يحتضن مختبر التراب والبيئة والتنمية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، بتنسيق مع كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ومركز الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والفنون وعلوم التربية، الدورة التكوينية الثانية لفائدة طلبة الدكتوراه، وذلك يومي 30 و31 ماي 2025، تحت عنوان دال: “تطوير قدرات ومهارات الطالب الباحث للرفع من جودة الأطروحة”.

نحو تكوين تشاركي يرتقي بالبحث العلمي
هذه المبادرة ليست مجرد محطة تكوينية عابرة، بل تندرج ضمن رؤية استراتيجية تروم تجويد الإنتاج العلمي وتعزيز مكانة الطالب الباحث كفاعل محوري في المشهد الأكاديمي. إذ تتسع أهداف الدورة لتشمل التمكين المنهجي، وتقوية مهارات العرض والتحليل، فضلاً عن خلق فضاء تفاعلي بين الباحثين والمشرفين الأكاديميين، بما يعكس تحوّلاً في نمط التكوين نحو مقاربات أكثر تشاركية ونجاعة.

من التلقين إلى التمكين
تتجاوز الدورة الطابع النظري التقليدي، لتراهن على ممارسات بيداغوجية تطبيقية، تجعل من الطالب محوراً للعملية التكوينية. ففي وقت تشهد فيه الجامعة المغربية تحولات عميقة على مستوى التكوين والبحث، يأتي هذا اللقاء العلمي ليعيد الاعتبار لضرورة التأطير المستدام والمواكبة المنهجية للطلبة الباحثين، بما يضمن إعداد أطروحات بحثية ذات قيمة علمية مضافة، وقابلة للنشر في مجلات علمية محكمة.

أربعة محاور ومسارات بحث متعددة
ترتكز الدورة على أربعة محاور كبرى تعكس تداخل الحقول المعرفية وتعدد رهانات البحث:
1. البيئة والتنمية المستدامة: في زمن التغيرات المناخية، تتصدر القضايا البيئية أجندة البحث الأكاديمي، من حيث تدبير الموارد وتقييم السياسات البيئية.
2. المجالات الحضرية والتخطيط العمراني: رصد التحولات الحضرية وتفكيك تعقيدات الفضاءات المدينية باعتبارها مختبرات لتقاطع الظواهر السوسيو-مجالية.
3. المجالات القروية والتنمية المحلية: تسليط الضوء على التحديات التنموية بالعالم القروي، ورصد الإمكانيات البديلة لتفعيل تنمية مستدامة.
4. سوسيولوجيا التنمية: مقاربة الظواهر التنموية من منظور اجتماعي، وتحليل تمثلات الفاعلين المحليين تجاه المشاريع والسياسات العمومية.

نحو ثقافة أكاديمية جديدة
لا تنفصل هذه الدورة عن سياق أوسع للجامعة المغربية، حيث أصبح من الضروري إعادة هيكلة العلاقة بين البحث العلمي ومتطلبات التنمية، فالمطلوب اليوم ليس إنتاج المعرفة، بل توجيهها نحو خدمة المجتمع وإرساء معايير جودة ترتقي بمستوى الخطاب الأكاديمي، وأيضا تؤسس هذه الدورة لثقافة أكاديمية جديدة قوامها الانفتاح، التفاعل، والبحث عن التميز، في أفق إعادة الاعتبار للبحث العلمي كقاطرة للتغيير ومصدر لإنتاج الحلول.

نحو جامعة منتجة للمعرفة المرتبطة بالواقع
لا تعد هذه الدورة التكوينية محطة أكاديمية عابرة، بل تمثل لحظة تأمل جماعي في سبل الارتقاء بجودة البحث العلمي الجامعي، وربطه بشكل فعّال بقضايا الواقع وتحولاته المتسارعة. إنها خطوة واثقة ضمن مسار طويل ومركب، لكنه واعد، يعكس طموح الجامعة في استعادة دورها المركزي كفضاء لإنتاج معرفة نقدية، رصينة ونافعة، قادرة على المساهمة في بناء مجتمع المعرفة وتوجيه السياسات التنموية برؤية علمية مسؤولة.

جريدة الاخبار 24 كلمة عميد كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية
افتتح عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل السيد الدكتور جمال الكركوري، أشغال الملتقى العلمي الثاني لمختبر “تراب، بيئة وتنمية”، المنظم تحت شعار: “تطوير قدرات ومهارات الطالب الباحث للرفع من جودة الأطروحة”.
وفي كلمته الافتتاحية، عبر السيد العميد عن اعتزازه بهذه الدينامية العلمية التي تشهدها الكلية، منوها بالمجهودات الجادة التي بذلها فريق المختبر، خاصة الأستاذ عبد الصادق بلفقيه، الذي أشرف على التحضير لهذا الملتقى منذ شهور، رغم الظروف الصحية التي مر بها، متمنيا له الشفاء العاجل، كما خص بالشكر الأستاذ “مبارك الطايعي”، الذي تولى التنسيق واستكمال ترتيبات اللقاء بكفاءة ومسؤولية عالية، وأكد الدكتور الكركوري أن تنظيم هذا النوع من الملتقيات يندرج ضمن رؤية الكلية لتعزيز البحث الأكاديمي وتطوير كفاءات الطلبة الباحثين، مشددا على أهمية التكوين المستمر والانخراط الفعال للطلبة، خصوصا في مسلكي السوسيولوجيا والجغرافيا، في مثل هذه الفضاءات العلمية التي توفر فرصة للتفاعل مع باحثين وأساتذة متخصصين، كما دعا السيد العميد إلى تجاوز الأساليب التقليدية في إعداد البحوث، والانفتاح على الأدوات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، باعتباره أداة مهمة في تطوير البحث وتحسين جودة الإنتاج العلمي، مبرزا أن التكنولوجيا ينبغي أن تُوظف كوسيلة داعمة، دون أن تغيب أهمية العمل الميداني والاحتكاك بالواقع، وأشار الكركوري إلى أن هذا الملتقى يأتي استكمالا لمسار من التظاهرات العلمية التي دأبت الكلية على تنظيمها، مثل “أيام الدكتوراه”، التي بلغت ثلاثة نسخ ناجحة، داعيا إلى تنظيم نسخة رابعة في المستقبل القريب، لما لها من أثر إيجابي في صقل مهارات الطلبة وتعزيز قدراتهم المنهجية والبحثية.
وفي ختام كلمته، تقدم السيد العميد بالشكر الجزيل لكل الأساتذة المشاركين، من داخل الكلية وخارجها، الذين تكبدوا عناء السفر والمشاركة بمداخلاتهم القيمة، مؤكدا التزام الكلية بدعم واستمرارية مثل هذه المبادرات العلمية الهادفة، بما يعزز إشعاع الجامعة ويخدم المجتمع الأكاديمي.

جريدة الاخبار 24 مداخلة مدير مركز الدكتوراه
أكد مدير مركز الدكتوراه بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة ابن طفيل، الدكتور سعيد البوزيدي، خلال كلمته في افتتاح الملتقى التكويني، أن تنظيم هذه اللقاءات التكوينية ينبع من نقاشات معمقة تجمع إدارة الكلية ومركز الدكتوراه، استجابة لمضامين الجريدة الرسمية لسنة 2024، التي نصت صراحة على إلزامية التكوينات العلمية ضمن مسار إعداد الأطروحة، وأوضح الدكتور البوزيدي أن فكرة إشراف المختبرات على هذه التكوينات تنطلق من قناعة بكون الأساتذة الباحثين داخل المختبرات هم القادير على تحديد حاجيات الطلبة، وتوجيههم وفقا لخصوصيات مشاريعهم البحثية، مشيرا أن هذه التكوينات لا ترتبط فقط بتقييم عددي أو نقطة جامعية، بل تمثل وحدة أساسية ضمن وحدات التكوين في سلك الدكتوراه، ولا يمكن نيل الشهادة دون استيفائها، وأضاف أن حضور الطلبة لهذه الدورات ليس خيارا، بل ضرورة ملزمة، داعيا إلى التعامل بجدية ومسؤولية مع هذه المحطات التكوينية، لاسيما وأن نتائج تقييم الطلبة ستُبنى على مشاركتهم الفعلية في الورشات العلمية وجودة أعمالهم المقدّمة، وفي هذا السياق، نوه البوزيدي بمبادرة الأستاذ عبد الصادق بلفقيه، الذي كان من أوائل من اقترح هذا النموذج التكويني، معتبرا أن ما تم تحقيقه إلى حدود الساعة يعد مكسبا يجب تعميمه على باقي المختبرات التابعة للكلية، كما ثمّن مجهودات السادة الأساتذة المشرفين، مبرزا أن حوالي 60% من الطلبة قد استوفوا هذه الوحدة، في حين يبقى غياب بعض الطلبة عن التكوينات مسألة مقلقة تستدعي المعالجة.
واختتم كلمته بالتنويه بالحضور النوعي للأساتذة، وعلى رأسهم مديرة مركز الإنتاج العلمي، التي أشاد بجهودها المتواصلة لتعزيز النشر الأكاديمي الدولي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، كما توجه بالشكر الخاص للسيد عميد الكلية، وللأستاذ بلفقيه، على دعمهما المتواصل، معربا عن فخره بالمسار الذي يسلكه مختبر “تراب، بيئة وتنمية”، وداعيا طلبته إلى مواصلة الانخراط الفعّال في هذا التوجه البحثي الجاد.

جريدة الاخبار 24 كلمة الدكتور مبارك الطايعي
أكد الدكتور مبارك الطايعي، نائب رئيس مختبر “تراب، بيئة، وتنمية”، على أهمية حضور التخصصات الأكاديمية بقوة في مواجهة الإشكالات المجتمعية المطروحة اليوم، مشددا على أن البحث العلمي يجب أن يكون في صلب التحولات المجتمعية، لا أن ينحصر في الأطر النظرية المغلقة، وفي كلمة له خلال افتتاح إحدى الدورات التكوينية التي نظمها المختبر، عبّر الدكتور الطايعي عن شكره وتقديره لعميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية على حضوره ودعمه المتواصل لأنشطة المختبر، كما نوه بالمجهودات التي يبذلها الأستاذ سعيد البوزيدي، أحد المؤطرين الأساسيين، متمنيا، ومتنيا الشفاء العاجل لمدير المختبر الأستاذ عبد الصادق بلفقيه، وأوضح الطايعي أن المختبر أخذ على عاتقه مهمة التميز في ثلاثة مجالات أساسية: الجغرافيا الطبيعية والبشرية، والسوسيولوجيا بأنواعها، مضيفا أن فلسفة المختبر ترتكز على التكامل بين التخصصات وتجاوز النظرة الضيقة للعلوم، معتبرا أن “التخصصات المنغلقة تموت ولا يمكنها مواكبة التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع”، وشدد على أن المختبر يسعى إلى تقديم تجربة بحثية متكاملة، قائمة على تطوير قدرات الباحثين وتكوينهم بشكل مستمر، مؤكدا أن “البحث العلمي لا ينبغي أن يتوقف عند نيل الشهادات، بل هو مسار دائم، يتطلب من الباحث التفاعل مع قضايا الواقع وترجمتها إلى أسئلة علمية تعالج الإشكالات الحقيقية، وليس إعادة إنتاج ما كتب من قبل”، وأضاف الدكتور الطايعي أن هذه الدورة التكوينية تندرج ضمن هذا التصور، إذ تهدف إلى تأهيل الطلبة الباحثين لصياغة أطروحات علمية ذات جودة عالية، تجيب عن انتظارات المجتمع وتعكس انخراطهم الحقيقي في قضاياه، مبرزا أن المختبر يعمل على صقل مهارات الطلبة في ما يخص أدوات وتقنيات البحث، إلى جانب تشجيعهم على التفكير النقدي والتحليل الميداني.
وفي ختام كلمته، حيا الدكتور مبارك الطايعي حرص الأستاذ سعيد البوزيدي على ضمان التزام الطلبة، داعيا جميع المسجلين في هذه الدورة، سواء من الموسم الحالي أو السابق، إلى حضور الورشات المقررة، والمساهمة فيها عبر إعداد تقارير توثق لمجريات الورش وترجمة مدى استفادتهم منها، في أفق خلق جيل من الباحثين الجادين، المتفاعلين مع محيطهم، والمساهمين في بلورة المعرفة العلمية ذات الأثر المجتمعي، وكذلك نراهن على البحث العلمي الملتزم بقضايا المجتمع ونرفض الانغلاق الأكاديمي.

جريدة الاخبار 24


تحقق أيضا

جريدة الاخبار 24

الوكالة الوطنية تطلق خرائط تنبؤية لرصد بؤر حرائق الغابات

الوكالة الوطنية تطلق خرائط تنبؤية أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات في إطار جهودها الاستباقية لمواجهة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *