زيارة وفد برلماني يرسخ الشراكة المغربية البريطانية في زمن التحولات الكبرى

زيارة وفد برلماني ترسخ الشراكة

تأتي زيارة الوفد البرلماني البريطاني إلى الرباط، برئاسة فابيان هاميلتون، في سياق إقليمي ودولي يتسم بتحولات جيواستراتيجية متسارعة،لتسليط الضوء على منحى جديد في العلاقات المغربية البريطانية، يقوم على توسيع نطاق التعاون الثنائي ليشمل أبعادا استراتيجية تتجاوز الإطار التقليدي للدبلوماسية البرلمانية.

شراكة متجددة وشاملة
خلال مباحثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، شدد هاميلتون على أن المغرب والمملكة المتحدة بصدد تدشين مرحلة جديدة من الشراكة، تقوم على تنسيق أوثق في قضايا الأمن، ومحاربة الجريمة المنظمة، فضلاً عن استثمار مشترك في مجالات الطاقات المتجددة، والتبادل التجاري، والبنيات التحتية.

تحول في ظل الإرث التاريخي
اللافت في التصريحات التي أدلى بها هاميلتون، الإشارة إلى الامتداد التاريخي للعلاقات بين البلدين، الممتدة لأكثر من 800 سنة، وهي مرجعية غالبا ما يتم استحضارها لترسيخ الطابع الاستثنائي للعلاقات الثنائية، غير أن الجديد اليوم يتمثل في الرغبة السياسية المشتركة في نقل هذه العلاقة إلى مستوى أكثر نجاعة ومردودية، في ظل تحولات ما بعد “البريكسيت”، وتوجه بريطانيا نحو تنويع شراكاتها خارج الفضاء الأوروبي التقليدي.

دعم بريطاني للمونديال
تأتي هذه الزيارة في سياق خاص، تتزامن مع توقيع مذكرة تفاهم في مدينة سلا، التي تعكس دعم المملكة المتحدة للمغرب في تنظيم كأس العالم 2030، خطوة يمكن قراءتها كبوابة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتقني، إذ تراهن لندن على توظيف خبراتها في مجالات الهندسة والتخطيط والابتكار لدعم هذا المشروع الضخم، الذي يمثل في الوقت ذاته فرصة استثمارية كبرى.

المغرب في صلب الرؤية البريطانية
إن ما يبدو واضحا من مجمل هذه المؤشرات، هو أن لندن لم تعد تنظر إلى الرباط باعتبارها شريكا تقليديا في الجنوب، بل باتت ترى فيها فاعلا محوريا في معادلات الأمن والطاقة واللوجستيك في القارتين الإفريقية والأوروبية، فالتقارب البريطاني المغربي اليوم ليس فقط تعبيرا عن رغبة في تعزيز العلاقات الثنائية، بل يعكس إعادة تموقع استراتيجية من الجانبين، في عالم يتغير بسرعة ويتطلب شراكات أكثر مرونة وفعالية، زيارة الوفد البرلماني البريطاني تمثل أكثر من خطوة دبلوماسية، بل تؤشر على تحوّل أعمق في النظرة إلى الشراكة، بما يجعل من المغرب بوابة رئيسية للسياسات البريطانية الجديدة في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.