البنك الدولي يحث المغرب لإصلاحات
يرى البنك الدولي أن ما يتمتع به المغرب من مزايا استراتيجية ومكامن قوة اقتصادية، هذه المؤهلات لم تستثمر بالقدر الكافي لتحسين مستويات عيش المواطنين أو دفع المملكة المغربية إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، ففي كلمة ألقاها خافيير دياز كاسو، ممثل البنك الدولي بالمغرب العربي ومالطا، خلال ندوة وطنية نظمها مجلس المستشارين، شدد على أن التقدم المحقق لم ينعكس بعد على الحياة اليومية للمغاربة.
موقع استراتيجي واستقرار محفز
أشاد خافيير دياز كاسو بالمزايا الاستراتيجية التي يزخر بها المغرب، وعلى رأسها موقعه الجغرافي الفريد عند ملتقى أوروبا وإفريقيا، ما يمنحه مكانة محورية في حركة التبادل الإقليمي والدولي، كما نوه باستقراره السياسي واستمرارية السياسات العمومية، معتبرا أن هذا التمازج النادر من العوامل قلما يتوفر بشكل متكامل في دول العالم النامي، ما يعزز موقع المملكة كفاعل إقليمي صاعد ووجهة تحظى باهتمام متزايد على الساحة الدولية.
استثمارات ضخمة وبنية تحتية عالمية
أبرز مسؤول البنك الدولي أن المغرب حافظ على معدل استثمار مرتفع يناهز 30% من الناتج الداخلي الخام على امتداد عدة عقود، ما أتاح له تطوير بنية تحتية تعتبر الأفضل عالميا، تشمل هذه المنظومة شبكة حديثة من الموانئ والطرق والسكك الحديدية، فضلا عن مناطق صناعية متكاملة، كما أشار أن المغرب راكم رصيدا مهما من الاتفاقيات التجارية، التي تتيح لشركاته امتيازات تنافسية في الولوج إلى أبرز الأسواق الدولية، ما يرسخ جاذبيته للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعكس مكانته المتنامية في سلاسل القيمة العالمية.
نمو مستقر دون إصلاحات عميقة
لفت خافيير دياز كاسو، في معرض حديثه عن مسار النمو الاقتصادي بالمغرب، أن المملكة لم تسجل سوى حالة ركود واحدة كانت مرتبطة بتداعيات جائحة كوفيد-19، وذلك في مقابل سبع سنوات متتالية من الانكماش الاقتصادي خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ورغم دلالة هذا المعطى الإيجابي، إلا أن كاسو نبه لغياب إصلاحات بنيوية عميقة لا تزال تحول دون تحقيق نمو نوعي ومستدام يلبي تطلعات التنمية الشاملة.
حكامة دامجة من أجل تنمية متوازنة
اختتم ممثل البنك الدولي مداخلته مؤكدا على إعادة النظر في نموذج الحكامة الترابية المعتمد، بما يضمن إشراكا أوسع وأكثر نجاعة لمختلف الفاعلين المحليين، وشدد على تحقيق تحول بنيوي حقيقي يمر عبر إرساء حكامة ترابية دامجة، توظف فيها آليات الاستثمار والتشغيل كرافعتين أساسيتين لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز التنمية المتوازنة على الصعيدين المجالي والبشري.
انتقال من من الكم إلى النوع
يستشف من تحليل الخطاب الصادر عن البنك الدولي أن المغرب يقف اليوم أمام ضرورة ملحة للانتقال من منطق الكم إلى منطق الكيف في تدبير الاستثمار، فلم يعد الرهان مقتصرا على استقطاب رؤوس الأموال، بل بات مطلوبا أن تترجم هذه الاستثمارات إلى نتائج ملموسة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تحسين ظروف عيش المواطنين، وتقليص الفوارق المجالية، وترسيخ أسس اقتصاد متماسك ومرن، قادر على التكيف مع التحولات ومواجهة التحديات المستقبلية بكفاءة واستدامة.
📰 اقرأ هذا المقال على Google News: اضغط هنا