تقرير إسباني يكشف حسم أمريكي
مليكة بوخاري
كشف معهد التنسيق للحوكمة والاقتصاد التطبيقي الإسباني “Instituto Coordenadas” في تقرير تحليلي حديث أن ملف الصحراء المغربية يوشك على بلوغ مرحلة الحسم، مدعوما بتحركات أمريكية غير مسبوقة تقودها إدارة الرئيس دونالد ترامب، يضع التقرير المبادرة المغربية للحكم الذاتي في صدارة الحلول الممكنة، معتبرا إياها المسار الواقعي الوحيد القادر على إنهاء النزاع الذي طال أمده لما يقارب خمسة عقود.
الإدارة الأمريكية لا حل خارج السيادة المغربية
أوضح التقرير أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبنت موقفا صريحا وحازما تجاه ملف الصحراء المغربية، موجهة دعوة واضحة إلى كل من الجزائر ومليشيا البوليساريو للانخراط الفوري في مسار الحوار مع المغرب، وشددت الإدارة الأمريكية، وفقا لما أوردتها الوثيقة التحليلية، على أن مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب سنة 2007، يمثل الإطار الواقعي والوحيد الكفيل بإرساء حل سياسي دائم للنزاع، داعية الأطراف المعنية إلى التخلي عن المواقف المتصلبة والانخراط في تسوية تراعي الحقائق الجيوسياسية الجديدة.
دعم أمريكي راسخ لمبادرة الحكم الذاتي
أكد التقرير أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، جدد موقف بلاده الداعم لسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، معتبرا أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يمثل الإطار الأنجع لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء، وشدد المسؤول الأمريكي على أن هذه المبادرة تعد “الحل الواقعي الوحيد” الكفيل بإنهاء الصراع بطريقة سلمية ودائمة، تحافظ على استقرار المنطقة وتراعي موازين القوى الإقليمية، وفي السياق ذاته، أبرز التقرير أن الموقف الأمريكي ينبع من رؤية استراتيجية تستند إلى الواقعية السياسية، وتدرك أهمية الشراكة مع المغرب في ضمان الأمن والاستقرار في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.
سنة الحسم المحتملة تلوح في الأفق
توقف التقرير عند البعد الرمزي البارز لسنة 2025، التي تصادف الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، معتبرا أنها قد تشكل محطة مفصلية على طريق التسوية النهائية للنزاع حول الصحراء المغربية، هذه الذكرى تحظى باهتمام خاص لدى دوائر صنع القرار وفق الوثيقة التحليلية، وانخراط أمريكي متصاعد في رعاية حل سياسي متوازن وعادل، ويبرز التقرير أن التسوية محتملة خلال هذا السنة بوساطة أمريكية فعالة، من شأنها إعادة تشكيل معادلات التوازن الإقليمي، وفتح آفاقا جديدة للاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وتعزيز موقع المغرب كشريك استراتيجي موثوق في المعادلة الأمنية والاقتصادية للقارة الإفريقية، في وقت يتزايد فيه التنافس الدولي على النفوذ والموارد داخل المجال الإفريقي الحيوي.
دعوة أوروبية للإنخراط الفعلي
دعا معهد التنسيق للحوكمة والاقتصاد التطبيقي الاتحاد الأوروبي إلى تبني موقف أكثر وضوحا إزاء ملف الصحراء المغربية، والانخراط الفعال في المسار الدبلوماسي الذي تقوده الولايات المتحدة، محذرا من مخاطر التهميش الأوروبي في سياق إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية والدولية، وأكد التقرير أن الحياد أو الغموض في مثل هذه القضايا المصيرية لم تعد خيارا استراتيجيًا مقبولا، وأشار المعهد أن العملية السياسية الجارية تمثل لحظة فارقة في تاريخ النزاع، ذات أبعاد جيوسياسية عميقة، وتداعيات مباشرة على مستقبل الأمن والاستثمار والتموقع الدولي في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، لذلك، فإن بقاء أوروبا على الهامش قد يفقدها تأثيرها التقليدي ويضعف قدرتها على صياغة التوازنات المستقبلية في فضاء استراتيجي بالغ الحساسية.
نزاع الصحراء عائق أمام التنمية والأمن
أبرز التقرير أن استمرار النزاع في الصحراء المغربية يشكل عائقا فعليا أمام الوصول الآمن والمستقر إلى موارد استراتيجية بالغة الأهمية في القارة الإفريقية، منها، اليورانيوم، والمعادن النادرة، والذهب، لا ينعكس هذا التعطيل على مسارات التنمية المستدامة في المنطقة، بل يقوض أيضا ركائز الاستقرار الإقليمي، ويشير التقرير أن تسوية النزاع لم يعد مطلب سياسي أو دبلوماسي، بل أضحى ضرورة اقتصادية وجيوسياسية ملحة، بحكم ارتباطها العميق بأمن الطاقة العالمي واستدامة سلاسل التوريد، في ظل التنافس الدولي على الموارد الحيوية في إفريقيا.
تصعيد أمريكي لتغيير موقف الجزائر
كشفت الوثيقة التحليلية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتمدت نهجا تصاعديا في الضغط على الجزائر، بهدف دفعها إلى مراجعة موقفها من نزاع الصحراء المغربية، تشمل هذه الضغوط دعوات مباشرة إلى تفكيك مخيمات تندوف، ونزع سلاح ميليشيا البوليساريو، باعتبارها عناصر تعيق التوصل إلى تسوية سياسية دائمة وتغذي التوتر في المنطقة، وركزت الوثيقة أبعد من ذلك، مشيرة أن واشنطن لا تستبعد فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على الجزائر، في حال استمرارها في دعم الطرح الانفصالي، ويستلهم من هذه الخطوة أن الولايات المتحدة بصدد إعادة صياغة مواقفها التقليدية من الملف، بما يرسخ الضغط على الأطراف المناوئة للمقترح المغربي، ويضع الجزائر أمام استحقاق سياسي وأمني بالغ الحساسية في سياق إقليمي ودولي متغير.
هندسة أمريكية عبر بوابة الاقتصاد
يشير التقرير أن الولايات المتحدة لا تكتفي بممارسة الضغط السياسي على الجزائر، بل بتحفيز الجزائر إقتصاديا، في محاولة لإعادة ترتيب موقفها من نزاع الصحراء، لتوسيع الاستثمارات الأمريكية في قطاع الطاقة الجزائرية، والتعاون في مجالات حيوية كالتنقيب عن المحروقات وتطوير تقنيات الاستكشاف والاستخراج، وتراهن واشنطن وفق التقرير، على دبلوماسية مكملة للضغط السياسي، حيث تشترط مراجعة الجزائر لموقفها من القضية وتليين خطابها السياسي تجاه المقترح المغربي للحكم الذاتي، مقابل تسهيلات وشراكات استراتيجية في قطاع الطاقة، هذا التوجه يعكس مقاربة أمريكية أكثر واقعية، وظفت فيها أدوات الاقتصاد والجغرافيا السياسية لفرض توازن جديد في المنطقة.
الجزائر بين ضغوط وكلفة التراجع
يشير التقرير أن اتخاذ قرار التخلي وإنهاء دعم مليشيا البوليساريو يعد مسألة بالغة التعقيد داخل الجزائر، نظرا لارتباطها بتاريخ طويل من الالتزام السياسي والخطاب الدعائي الرسمي، ويؤكد المعهد أن هذا الواقع يضع صناع القرار في الجزائر أمام معادلة دقيقة: بين التشبث برمزية خطاب سياسي ترسّخ لعقود، وبين التفاعل مع واقع جيوسياسي متغير وضغوط دولية متصاعدة تدفع في اتجاه تسوية نهائية للنزاع، ويعد أي تراجع محتمل في هذا الملف بمثابة “تنازل كبير”، قد يربك حسابات النظام الجزائري، ويفاقم الانقسامات الداخلية، ويقوض قدرته على التكيف مع الضغوط الخارجية والمتغيرات الإقليمية، إلى جانب صعوبة الاستجابة لتوقعات الداخل المتزايدة.
تصعيد أمريكي لتسريع حل نزاع الصحراء
يكشف التقرير، في سياق تصعيد أمريكي متدرج، أن إدارة الرئيس ترامب تدرس تعليق تمويل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء “المينورسو”، في خطوة تحمل دلالات سياسية قوية تهدف إلى تسريع التوصل إلى حل نهائي للنزاع، تفكر واشنطن في تطور لافت، في إدراج مليشيا البوليساريو ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، ما يمثل تحولا جذريا في مقاربة الولايات المتحدة للقضية، مما يعكس توجها واضحا واستراتيجيا لإعادة التوازنات وتشكيل المشهد الجيوسياسي الإقليمي
الرؤية الأمريكية لإفريقيا الجديدة
يشير التقرير بأن الولايات المتحدة أصبحت تنظر إلى المغرب كحليف استراتيجي محوري في رؤيتها الجديدة تجاه القارة الإفريقية، لاسيما في منطقة الساحل التي تشهد تصاعدا في التهديدات الإرهابية وتنافسا متزايدا بين القوى الدولية، يبرز التقرير أن قضية الصحراء المغربية تجاوزت حدودها كملف إقليمي، لتتحول إلى إحدى واجهات صراع النفوذ العالمي، خصوصا في ظل تنامي الحضور الصيني في إفريقيا، ما يجعل من دعم السيادة المغربية خيارا استراتيجيا بالنسبة لواشنطن من أجل تعزيز موقعها ومصالحها في القارة.
📰 اقرأ هذا المقال على Google News: اضغط هنا