الصين تعفي إفريقيا من الرسوم
أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ عن استعداد بلاده لإلغاء الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من الدول الإفريقية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع بكين، في خطوة تُعد ذات طابع استراتيجي، وتأتي في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
آفاق للصادرات المغربية
يرتقب أن يحدث هذا القرار أثرا مباشرا في ميزان التبادل التجاري بين المغرب والصين، بحسب ما أفاد به خبراء ومحللون اقتصاديون مغاربة، الذين اعتبروا أن المبادرة الصينية قد تمثل نافذة واعدة للمنتجات المغربية لدخول السوق الصينية، غير أن تحقيق هذا المكسب، وفق تقديرهم، يظل مشروطا بجاهزية الفاعلين الاقتصاديين المغاربة، وقدرتهم على احترام المعايير الصارمة للجودة والمواصفات الفنية التي تفرضها السوق الصينية.
إعفاء جمركي صيني للدول الإفريقية الحليفة
أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة رسمية وجّهها إلى وزراء الخارجية الأفارقة، خلال اجتماعهم مع نظيره الصيني وانغ يي، أن بلاده ستمنح إعفاءا جمركيا كاملا على جميع التعريفة الجمركية للدول الإفريقية منها 53 تقيم علاقات دبلوماسية مع بكين، مستثنيا فقط جمهورية إيسواتيني، التي لا تزال من بين الدول الإفريقية القليلة الداعمة لتايوان، يأتي هذا الإعلان، وفقا لما أوردته وكالة “إيكوفين” الإفريقية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، ضمن سياسة الصين الرامية إلى تعميق شراكاتها الاستراتيجية مع القارة السمراء، في إطار توجه أوسع لدعم التعاون جنوب–جنوب، وترسيخ موقع بكين كشريك تنموي وتجاري موثوق في إفريقيا، تعد هذه المبادرة امتدادا لمجموعة من التدابير والمبادرات التي أطلقتها الصين في السنوات الأخيرة لتعزيز حضورها الاقتصادي، وتحقيق توازن أكبر في العلاقات مع الدول النامية بعيدا عن الهيمنة الغربية التقليدية.
تحول استراتيجي في سياسة الصين التجارية
يأتي هذا الإعلان في سياق تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، منذ أن فرض الرئيس دونالد ترامب، رسوما جمركية بنسبة 34% على واردات صينية محددة، وفي مواجهة هذا التصعيد، اختارت بكين اتخاذ خطوة تعكس تحولا استراتيجيا في سياستها التجارية، من خلال تعزيز الشراكات مع دول الجنوب، وتقليص تبعيتها للأسواق الغربية.
فرصة للمغرب لاختراق السوق الصينية
يعتبر محللون اقتصاديون مغاربة أن القرار الصيني بإلغاء الرسوم الجمركية على واردات الدول الإفريقية تمثل فرصة استراتيجية للمغرب لتقليص العجز المزمن في ميزانه التجاري مع بكين، وأكدوا على أهمية استباق هذه الخطوة عبر استعداد مبكر من قبل الشركات الوطنية، خاصة من خلال الامتثال لمعايير الجودة والمواصفات الفنية المعتمدة في السوق الصينية، ويشدد المتابعون على أن “التنين الصيني” لا يفتح سوقه إلا وفق قواعد صارمة تتطلب مطابقة المنتجات للمواصفات العالمية، ما يفرض على المقاولات المغربية الارتقاء بجودة منتجاتها وتوسيع قاعدة تنويعها لضمان حضور مستدام ومجد في واحدة من أكثر الأسواق العالمية تنافسية.
عجز التجاري رغم نمو الصادرات
سجل المغرب خلال السنة الماضية رقما قياسيا في صادراته للصين، إلا أن هذا التطور يظل محدود الأثر بالنظر إلى اتساع الفجوة في الميزان التجاري بين البلدين، الذي لا يزال يميل بشكل واضح لصالح بكين، ويرجع هذا الخلل إلى الحجم الكبير للواردات الصينية، خاصة في مجالات التكنولوجيا والمنتجات المصنعة، مقابل محدودية الصادرات المغربية وضعف تنوعها، ما يبرز الحاجة إلى تطوير العرض التصديري الوطني وتعزيز قدرته على المنافسة.
نافذة تجارية للمغرب مع الصين
يجد المغرب نفسه في ظل التطورات الأخيرة، أمام فرصة استراتيجية لإعادة هيكلة علاقاته التجارية مع واحدة من أكبر القوى الاقتصادية العالمية، عبر توسيع قاعدة صادراته، وتعزيز قدراته التنافسية، واستثمار رصيده الدبلوماسي المتين مع بكين، غير أن تحويل الإعفاء الجمركي الصيني إلى مكسب تجاري ملموس يظل رهينا بسرعة استجابة الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين، توجيه الاستثمارات نحو قطاعات تصديرية واعدة قادرة على تلبية معايير السوق الصينية واختراقها بكفاءة.
الصين ترسخ تحالفاتها الجيوسياسية بإفريقيا
تندرج المبادرة الصينية المرتقبة في إطار تحول سياسي وجيوسياسي واضح، يتجاوز الأبعاد الاقتصادية البحتة، إذ تسعى بكين تعزيز حضورها في دول الجنوب العالمي، وعلى وجه الخصوص في القارة الإفريقية، التي باتت تمثل محورا استراتيجيا في سياساتها الخارجية، وتعد هذه الخطوة رسالة صريحة بأن الصين ماضية في توسيع نطاق شراكاتها الدولية، متجاهلة الضغوط الناتجة عن السياسات الحمائية التي تنتهجها الولايات المتحدة، مؤكدة في الآن ذاته على تمسّكها بنهج الانفتاح المتعدد الأطراف.
الصين تنفتح والمغرب في قلب المكاسب المرتقبة
يعكس القرار الصيني المرتقب رغبة بكين في ترسيخ صورتها كحليف استراتيجي لدول الجنوب، ولا سيما البلدان الإفريقية، التي تعتبرها شريكا طويل الأمد في معادلاتها الجيوسياسية والاقتصادية، تأتي هذه الخطوة أيضا كرد غير مباشر على السياسات الحمائية التي تنتهجها الولايات المتحدة، في إشارة واضحة أن الصين ماضية في توسيع انفتاحها على إفريقيا، بعيدا عن الضغوط الغربية، يتوقع في السياق ذاته أن المغرب من أبرز المستفيدين من هذا التوجه الصيني، إذ يرتقب أن تسجل صادراته إلى السوق الصينية نموا متسارعا، خاصة في ما يتعلق بالمواد الأولية والمعادن الاستراتيجية التي تحتاجها الصين لدعم صناعتها، وسيزداد الطلب على الفوسفاط المغربي، الذي تفتقر إليه الصين نسبيا، إلى جانب بطاريات السيارات الكهربائية، التي باتت تمثل ركيزة واعدة في استراتيجية التصدير المغربية
فرصة تجارية تتطلب جودة وابتكارا مغربيا
يساهم القرار الصيني المرتقب في تقليص الفجوة التجارية بين المغرب والصين، سواء من حيث حجم المبادلات أو قيمتها، ما يفتح الباب أمام الرباط لموقعها الاقتصادي في واحدة من أكبر الأسواق العالمية، تبرز في هذا السياق ضرورة إستغلال المغرب لهذه الفرصة الاستراتيجية لتوسيع قاعدة صادراته وتنويعها، من أجل خفض العجز التجاري المزمن مع بكين، وإرساء نوع من التوازن في العلاقات التجارية الثنائية، لتحقيق استفادة حقيقية ومستدامة من هذا الانفتاح، باتت المقاولات المغربية، مطالبة بالمسؤولية والالتزام بمعايير الجودة والمواصفات التقنية التي تفرضها السوق الصينية، والتي تعد من بين الأكثر دقة وتنظيما على المستوى العالمي، يمر دخول المنتوج المغربي إلى السوق الصينية، وانتشاره عبر بوابة الجودة والابتكار، ما يستدعي، في المرحلة المقبلة، استثمارا أكبر في تطوير القدرات الإنتاجية والتصديرية، بما يضمن التكيف مع متطلبات الأسواق الدولية، ويرسخ تنافسية “صُنع في المغرب” على الصعيد العالمي.
توازن تجاري يلوح في الأفق
أقدمت الصين على خطوة اللافتة ما يفتح أمام المغرب آفاقا اقتصادية واعدة في ظل العجز الهيكلي الذي يثقل ميزانه التجاري، وتعد هذه المبادرة فرصة استراتيجية للصادرات المغربية للسوق الصينية، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، خاصة مع ما يتيحه القرار من خفض في التكاليف الجمركية، ما يحفز تنافسية المنتجات المغربية ويزيد من جاذبيتها، ويرى محللون اقتصاديون أن هذا الانفتاح قد يفضي إلى تقليص العجز التجاري بين الرباط وبكين، بل وربما تحقيق فائض خلال السنوات المقبلة، إذا ما تم استثماره بفعالية، ومن شأنه أيضا أن يحفز المصدرين المغاربة على توسيع وتنويع قاعدة صادراتهم، الى السوق الصينية، بما يتماشى مع حاجياتها الصناعية المتنامية.
شراكة بين الصين وإفريقيا عبر بوابة التجارة
يمثل قرار الصين إلغاء الرسوم الجمركية على واردات الدول الإفريقية خطوة استراتيجية تصب في مصلحة الطرفين، وإن كانت تخدم في جوهرها مصالح بكين الاقتصادية، تعتمد الصين على استيراد كميات ضخمة من المواد الأولية الخام من إفريقيا لتغذية قطاعها الصناعي، تسعى من خلال هذا القرار إلى تأمين احتياجاتها بكفاءة أعلى وكلفة أقل، بما يدعم استدامة نموها الاقتصادي، في المقابل، يشكل القرار فرصة ثمينة للدول الإفريقية لتعزيز صادراتها للسوق الصينية، التي تعد من أكبر وأسرع الأسواق نموا في العالم، ومن المرتقب أن يساهم هذا التوجه في تعميق الشراكة الاقتصادية بين القارتين، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتعاون الصناعي، في إطار علاقة تجارية أكثر توازنا وندية.
📰 اقرأ هذا المقال على Google News: اضغط هنا