المنتدى الصيني الإفريقي يعيد ترتيب
غابت ميليشيا “البوليساريو” عن فعاليات الاجتماع الوزاري لمنسقي متابعة أشغال منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي عقد هذا الأسبوع في مدينة تشانغشا بمقاطعة هونان الصينية.
الواقع يهمش الأوهام
يأتي هذا الحدث بالتزامن مع افتتاح الدورة الرابعة للمعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي، بمشاركة 53 دولة إفريقية، وسط غياب كامل لما يعرف “بالكيان الوهمي” المتمركز في تندوف.
غياب وتهميش مدروس
يعتبر عدد من المتابعين لملف الصحراء المغربية أن غياب “البوليساريو” عن منتدى بهذا الوزن يحمل دلالات سياسية واضحة، ولا يمكن اعتباره صدفة، بل يعكس قرارا مدروسا يحمل رسائل سياسية متعددة الأبعاد، ويبرز هذا الغياب تحوّلا نوعيا في مواقف عدد من القوى الدولية، وفي مقدمتها الصين، تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء. تشير مشاركة جميع الدول الإفريقية المعترف بها دوليا، باستثناء الكيان الوهمي، إلى إدراك بكين لحساسية هذا الملف بالنسبة للمغرب، الذي بات اليوم شريكا استراتيجيا لا غنى عنه في مجال الاقتصاد والاستثمار.
براغماتية صينية تفضل الشرعيات
يندرج هذا الموقف ضمن مقاربة صينية تتسم بالبراغماتية، تقوم على تجنّب الانخراط في ملفات انفصالية أو رمادية الطابع، حفاظا على وضوح مواقفها الجيوسياسية، على خلاف بعض القوى الغربية، وتميل بكين إلى التعامل مع دول مستقرة وذات شرعية معترف بها دوليا، بما يخدم مصالحها الاقتصادية المتنامية، ويعد في هذا السياق المغرب شريكا محوريا لكونه يشكل بوابة استراتيجية نحو العمق الإفريقي، وأيضا يمثل سوقا واعدا للاستثمار والتنمية.
تحول إفريقي في موقف الصحراء المغربية
يتزامن هذا التطور مع التحول الملحوظ في المواقف الإفريقية تجاه النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، حيث باتت العديد من الدول في القارة لا تعترف بشرعية وسياسية ومكانة “للبوليساريو”، يتجلى ذلك بوضوح في الدعم المتزايد الذي تقدمه هذه الدول لمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب، والتي تعتبر الخيار الواقعي والفعال لحل النزاع، المنسجم مع رؤى التنمية والاستقرار التي تسعى إليها القارة الإفريقية.
حسابات الصين الشراكة مع الشرعيات
يعكس غياب ميليشيا “البوليساريو” عن المنتدى إدراك الصين لأهمية التركيز على شراكاتها مع الأنظمة القائمة والمستقرة، التي تحظى باعتراف دولي وتمتلك سيادة فعلية على أراض آمنة وبيئات مواتية للتنمية، يحتل المغرب مكانة استراتيجية كمنصة اقتصادية فاعلة وبوابة رئيسية نحو القارة الإفريقية، لذا فإن تعكير العلاقات معه عبر دعم كيان انفصالي يفتقر إلى الاعتراف الدولي يعد خطوة محفوفة بالمخاطر وغير محسوبة على المستوى الاستراتيجي.
رسالة صينية مبطنة للجزائر لا مكان للإنفصال
يحمل الموقف الصيني في طياته رسالة مبطنة موجهة إلى الجزائر، مفادها أن الترويج للكيانات الانفصالية في الساحة الإفريقية لم تعد خيارا ذا جدوى في ظل التحولات العميقة التي تشهدها أولويات الشركاء الدوليين، يميل اليوم العالم دعم الدول المستقرة والفاعلين المؤثرين، ويتجنب المغامرة بمشاريع انفصالية تفتقر إلى المشروعية والواقعية. وفي هذا السياق، يبرز المغرب كنموذج راسخ في الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، ما يجعله شريكا مفضلا في الحسابات البراغماتية الجديدة للقوى الكبرى، وعلى رأسها الصين.
📰 اقرأ هذا المقال على Google News: اضغط هنا