أكاديمية المملكة تصدر موسوعة رائدة تحلل الجغرافيا الجديدة للمغرب

أكاديمية المملكة تصدر موسوعة رائدة

أصدرت أكاديمية المملكة المغربية موسوعة جديدة بعنوان “الجغرافيا الجديدة للمغرب”، تتجاوز ألف صفحة، ناتجة عن جهود بحثية مكثفة شارك فيها أربعة وثلاثون باحثا منذ سنة 2021، يمثل هذا العمل نقلة نوعية في تحديث رسم الخرائط متعددة المواقع للمملكة، متجاوزا النظرة التقليدية للجغرافيا كعلم تقني يقتصر على الخرائط، ليصبح أداة تحليلية شاملة لفهم التفاعلات المجالية والبنى الاجتماعية، وموجها للسياسات العمومية نحو إدراك أدق تعقيدات الواقع المجالي المغربي، وقد تمّ تقديم الأجزاء الثلاثة للموسوعة يوم الثلاثاء بمقر الأكاديمية بالعاصمة الرباط باللغة الفرنسية، مع ترقب صدورها قريبا بالنسخة العربية.

رؤية معرفية متجددة لتحولات المجال المغربي
أوضح عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، أن الإصدار الجديد يمثل حصيلة معرفية عميقة تعكس فهما معمقًا لتحولات المجال المغربي وعلاقته المترابطة بالإنسان والسياسات والبيئة، مضيفا أن الجغرافيا تجاوزت مرحلة رصد الظواهر لتصبح أداة نقدية تحليلية تعيد تشكيل الواقع، من أجل بلورة اختيارات تنموية واعية تراعي التنوع والإمكانيات المجالية، وتقدم الموسوعة مرجعا علميا متكاملا، موثقا بدقة، ومدعوما بالصور والخرائط والبيانات التوضيحية، موزعا على ثلاثة أجزاء شاملة تغطي مختلف الجوانب، وتعتمد الموسوعة على رؤية معرفية متجددة تبرز الجغرافيا كعلم تحليلي يعنى بفهم التحولات المجالية وكشف اختلالات التوازنات البنيوية والتكتلات المكانية، أوضح أمين سر أكاديمية المملكة أن العمل يتجاوز مجرد التصنيف الجغرافي، لينخرط في تحليل نقدي لقضايا محورية تشمل المياه، التغيرات المناخية، التعمير، التحديات الجهوية، والعدالة المجالية، وتقدم الموسوعة آفاق نقاش واسعة تدعو إلى إعادة التفكير في علاقة المغرب بجغرافياته المتطورة، مما يعزز من دور الجغرافيا كشريك أساسي في صياغة السياسة العمومية ويرسخ الحس الترابي باعتباره ركيزة أساسية للمواطنة الحديثة.

آفاق معرفية للجغرافيا المغربية
أوضح مدير الموسوعة محمد بريان، أن عنوان “جغرافيا جديدة للمغرب”يعكس رؤية متجددة للمعرفة الجغرافية بالمملكة، وإعطاء اهتمام خاص للخرائط كأساس ديناميكي مستمر في الدراسة والتحليل، مشيرا أن العمل يعتمد مناهج حديثة وأسئلة بحثية معاصرة، ويتسم بانفتاح واسع على تخصصات أخرى منها: الاقتصاد، علم الاجتماع والعلوم السياسية، مما يعزز التلاقح المعرفي بين الجغرافيا والمجالات العلمية المجاورة، وأضاف يأتي هذا الإصدار بعد أكثر من عقدين من آخر منشورات مماثلة، في ظل تغييرات سريعة ومتلاحقة شهدها المغرب تستوجب مراجعة شاملة، وأشاد المؤرخ نبيل ملين بالموسوعة، مؤكدا أنها تفتح آفاقا رحبة للمعرفة الجغرافية عبر مختلف مناطق المملكة.

رؤية حديثة لتحليل التحولات المجالية بالمغرب
أوضح المؤرخ نبيل ملين، بعد اطلاعه على موسوعة “الجغرافيا الجديدة للمغرب”، أن هذه الموسوعة تفتح آفاقا واسعة للمعرفة الجغرافية، وتشكل دعامة معرفية راسخة برؤية دقيقة ومبتكرة. فهي لا تكتفي بتقديم الجغرافيا كعلم تقني يختزل في تصنيف التضاريس وقياس المسافات، بل تمنحها مكانة أعمق كأداة تحليلية تمكن من فهم التحولات الجارية، والتغيرات في التوازنات المجالية، بالإضافة إلى الكشف عن التكتلات البنيوية التي تشكل المشهد الجغرافي الوطني، وأضاف أن دعم هذه البحوث وإصدارها يأتي كاختيار منهجي لبناء تصور حديث لعلم الجغرافيا يستشرف آفاق المستقبل، ويعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والمجال، يرسخ هذا المنهج الجديد الفهم الدينامي للفضاء المغربي، ويقدم رؤية متجددة تهدف لإدراك أعمق لكيفية تطور الجغرافيا، ليس كعلم بل كمرآة تعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها المغرب.

تحليل جغرافي متكامل للتحديات والتنمية
علق إدريس خرخور، في كلمته عقب اطلاعه على الموسوعة، بأن هذا العمل العلمي يقدم تحليلا جغرافيا عميقا ومتعدد الأبعاد، يربط بين تخصصات متنوعة تشمل الاقتصاد والسياحة والتراث والهجرة، مما يجعل الجغرافيا إطارا شاملا لاستيعاب هذه الظواهر ودراستها بعمق. وأوضح أن التحليل يركز بشكل خاص على موضوع الجهوية المتقدمة ودور الجهات في التصدي لتحديات بيئية حاسمة كالتصحر ونقص المياه والجفاف، مع إبراز الروابط المتشابكة بين الاقتصاد والتاريخ والسياسة والجغرافيا. وأكد أن الموسوعة توسع آفاق البحث من خلال فتح نوافذ معرفية متعددة التخصصات، مما يعزز فهم الدينامية والتحولات التي يشهدها المغرب اليوم ضمن سياق جغرافي معاصر ومنفتح.