وسيط المملكة ضمان المساواة الرقمية يتطلب تأطيرا إنسانيا عميقا

وسيط المملكة ضمان المساواة الرقمية

أوضح وسيط المملكة، الأستاذ حسن طارق، التحديات الجديدة التي تفرضها الرقمنة المتسارعة على الإدارة العمومية المغربية، مؤكدا أن هذه التحولات العميقة تضع العدالة الإدارية وحقوق المرتفقين أمام اختبار حقيقي، ودعا إلى ضرورة تعزيز اليقظة المؤسسية التي تضع القيم الإنسانية في صميم مسار التحول الرقمي، لضمان توازن فعال بين التطور التكنولوجي وحماية حقوق المواطنين.

يوم دراسي حول دور وسيط المملكة
انعقد الأربعاء بالرباط يوم دراسي تحت عنوان “دور وسيط المملكة بين تجويد الخدمات ومعالجة اختلالات الحكامة: الطلبيات العمومية، التعمير، والإعلام نموذجا”، نظم بشراكة بين مؤسسة الوسيط ومختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن بجامعة الحسن الأول بسطات، وقد انطلق اللقاء بجلسة افتتاحية تناولت المحاور الأساسية للموضوع.

التحول الرقمي بين الكفاءة والتحديات الأخلاقية
أكد السيد حسن طارق أن التحول التكنولوجي، رغم ما يتيحه من فرص لتعزيز الكفاءة وتبسيط الإجراءات، يضع المنظومة الإدارية أمام تحديات جوهرية تتعلق بضمان المساواة في الولوج إلى الخدمات العمومية، وصون الخصوصية الفردية، وتأطير استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن مرجعية أخلاقية وإنسانية واضحة، وشدد على أن القدرات الرقمية، مهما بلغت من تطور، تظل عاجزة عن استيعاب عمق الإنصاف في الحالات التي تتقاطع فيها صرامة النصوص القانونية مع واقع يتطلب فهما إنسانيا يتجاوز المقاربة الآلية،
وسجل في السياق ذاته أن الرقمنة تعيد رسم معالم المرفق العمومي، منتقلة من المنطق العمودي إلى منطق شبكي، ومن التراتبية التقليدية إلى منطق الفعالية، ومن المشروعية الشكلية إلى تحقيق النجاعة الملموسة.

الوسيط فاعل في ترسيخ العدالة والحكامة
اعتبر الأستاذ عبد الجبار عراش، مدير مختبر الأبحاث الشريك في تنظيم هذا اللقاء، أن الحدث يعد محطة علمية متميزة تعكس انفتاح الجامعة على المؤسسات الدستورية، وتجسد التزامها بالمساهمة في إغناء النقاش العمومي حول قضايا الحكامة الجيدة والوساطة المؤسساتية، مؤكدا أن مؤسسة الوسيط باتت تضطلع اليوم بأدوار تتجاوز البعد التقليدي لتسوية النزاعات الإدارية، لتتحول إلى فاعل مؤسساتي محوري في دعم العدالة المجالية، وتعزيز الحقوق، وترسيخ مبادئ الحكامة الرشيدة.

الجامعة جسر بين الفكر والممارسة
أبرز الأستاذ سعيد رحو، رئيس لجنة التنسيق، على الدور الحيوي الذي تضطلع به الجامعة باعتبارها فضاءا منفتحا للحوار البناء بين الأكاديميين والفاعلين المؤسساتيين، مؤكدا أن هذا اللقاء من شأنه إرساء شراكات استراتيجية تساهم في تحويل المعرفة النظرية إلى حلول عملية وفعالة، تلبي حاجيات تدبير الشأن العام وترسيخ جسور التكامل بين الفكر والممارسة.

رهانات وساطة في الإدارة الحديثة
توزعت أشغال اليوم الدراسي على محاور نوعية تناولت قضايا ذات راهنية، من أبرزها تحليل تقارير مؤسسة الوسيط المتعلقة بالطلبات العمومية برسم سنة 2023، واستعراض الاختصاصات المستحدثة للجنة الوطنية لحل النزاعات في هذا المجال، وناقشت الجلسات الإشكاليات المرتبطة بمبدأ المنافسة في الصفقات العمومية المغربية، بين الإكراهات القانونية والتعاقدية، وسلطت المداخلات الضوء على العلاقة التفاعلية بين الوساطة والتواصل كآليتين متكاملتين في تدبير الأزمات، وعلى الدور المتنامي لمؤسسة الوسيط في ترسيخ جسور الثقة بين الإدارة والمواطن، واختتم النقاش بـقراءة تحليلية معمقة لمنجزات المؤسسة خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2024، في ما يتعلق بتعزيز الحكامة والرقابة على أداء المرافق العمومية.