جو ويلسون يحرك المياه الراكدة
أعلن النائب الجمهوري جو ويلسون، إلى جانب زميله الديمقراطي جيمي بانيتا، خطوة تجسد تحولا في موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه قضية الصحراء المغربية، عن تقديم مشروع قانون أمام الكونغرس الأمريكي يقضي بتصنيف جبهة البوليساريو “منظمة إرهابية أجنبية”، في مؤشر على تنامي القلق داخل الأوساط التشريعية الأمريكية من تهديدات أمنية متصلة بالبوليساريو.
البوليساريو تهديد إيراني في إفريقيا
يأتي هذا التحرك بعد أشهر من التحضير المكثف، مدعوم بتقارير استخباراتية ووثائق اعتبرها مقدمو مشروع القانون “دامغة” في إثبات تورط البوليساريو في أنشطة إرهابية، وتنسيقها مع أطراف معادية للمصالح الأمريكية، على رأسها إيران وذراعها العسكري حزب الله اللبناني، إضافة إلى روسيا، شدد النائب الجمهوري جو ويلسون في هذا السياق على أن مليشيا البوليساريو باتت تمثل تهديدا مباشرا لاستقرار المملكة المغربية، الحليف الإستراتيجي والتاريخي للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، مؤكدا أن الجبهة تتيح لإيران موطئ قدم في العمق الإفريقي، وهو ما يشكل مصدر قلق متزايد لصناع القرار في واشنطن.
وثائق تربط البوليساريو بمحور إيران
يرتكز مشروع القانون الأمريكي على معطيات موثقة، من أبرزها صور تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، تبدي عناصر البوليساريو في لقاءات مع مسؤولين إيرانيين، إلى جانب تقارير استخباراتية تشير إلى تلقي العناصر تدريبات عسكرية على يد ضباط من حزب الله داخل مخيمات تندوف، حيث ورد أن أحد هؤلاء الضباط سبق له التورط في هجمات دامية استهدفت قوات أمريكية، وكما يتضمّن المقترح معلومات حول استخدام البوليساريو لطائرات مسيّرة إيرانية الصنع، وحصولها على دعم لوجستيكي وعسكري مباشر من طهران، فضلا عن وجود علاقات وثيقة مع منظمات مصنفة إرهابية من الولايات المتحدة، أبرزها “حزب العمال الكردستاني”، الذي يفيد إنه شارك في أنشطة وفعاليات نظمتها البوليساريو، ومن المرتقب أن يعرض المشروع على اللجان المختصة داخل الكونغرس خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما، في خطوة تمهد لتحول نوعي في الموقف الأمريكي من النزاع الإقليمي حول الصحراء.
رسم ملامح الموقف من نزاع الصحراء
يعكس هذا التحرك الأمريكي غير المألوف تقاطعا نادرا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن قضية خارجية، ما يشير إلى توجه مؤسساتي داخل واشنطن لإعادة تقييم علاقتها بالأطراف المنخرطة في ملف الصحراء، ووفقا لتحليل سياسي، فإن ربط البوليساريو بمحور إيران، حزب الله وروسيا يخرجه من إطاره المحلي كحركة انفصالية، ليضعه ضمن شبكة تهديدات عابرة للحدود، الأمر الذي يضفي على النزاع أبعادا دبلوماسية وأمنية معقدة، يرسخ المقترح المطروح داخل الكونغرس فرضية يعتر فيا البوليساريو تهديدا مباشرا لاستقرار شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، وفي مقدمتهم المغرب، ما قد يدفع لدعم أمريكي أكثر وضوحا للموقف المغربي بشأن الصحراء المغربية، وتؤكد الوثائق تورط ضباط من حزب الله في تدريب عناصر الكيان، وتزويده بتقنيات عسكرية إيرانية كالطائرات المسيرة، يضفي بعدا ميدانيا وعسكريا جديدا على النزاع المفتعل، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تعرفها المنطقة.
الكونغرس يلوح بمراجعة موقفه من الجزائر
يرتقي الطرح الأمريكي الجديد بقضية الصحراء من صراع إقليمي محدود إلى ساحة مواجهة دولية معقدة، تستخدم فيها أدوات الحرب بالوكالة، وتشكل منصة لتوسيع نفوذ قوى مناوئة للمصالح الأمريكية، وفي مقدمتها إيران وروسيا، كما يحمل المقترح، وفق قراءات تحليلية، رسالة غير مباشرة إلى الجزائر، باعتبارها الداعم الرئيسي للبوليساريو، مفادها أن استمرار الدعم الأمريكي غير مضمون في ظل مواقفها الحالية، ما يلمح إلى إمكانية إعادة تقييم واشنطن لعلاقاتها الثنائية مع الجزائر في حال عدم مراجعة موقفها من النزاع.
تحول أمريكي مرتقب في ملف الصحراء
أكد الطرح الأمريكي أن إدراج البوليساريو على قائمة المنظمات الإرهابية قد يترتب عنها تبعات مالية وسياسية تطال الجهات الداعمة والممولة لها، كما قد يدفع عدداً من الدول الإقليمية إلى إعادة النظر في تموقعها الإستراتيجي إزاء ملف الصحراء، واعتُبر طرح المشروع داخل أروقة الكونغرس، سواء أُقرّ أو لم يُقرّ، سابقة في طريقة تعاطي واشنطن مع النزاع، بما يعكس توجها أمريكيا جديدا قد يفضي إلى تحولات ملموسة في المواقف الغربية، خاصة الأمريكية والأوروبية، ويرسخ في الوقت ذاته مكانة المغرب كشريك محوري في مواجهة التهديدات الإرهابية عابرة الحدود.
📰 اقرأ هذا المقال على Google News: اضغط هنا