تشهد الجزائر تحركات دبلوماسية مثيرة للقلق، إشارة إلى حالة من الإضطراب الشديد وضيق الخيارات، فقد بلغت الأمور ذروتها خلال ولاية رمطان لعمامرة، الذي تولى منصب وزير الخارجية قبل سنتين ، كان له هدفان رئيسيان: إستعادة مكانة الجزائر في القارة السمراء وإعادة التوازن الإقليمي في المنطقة ، ومع زيادة تأثير الدبلوماسية المغربية وعزل الجزائر في تقرير المصير بشأن الصحراء المغربية ، وضعت الجزائر نفسها أمام تحديات كبيرة، خاصة بعد إعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ووحدته الترابية ، وبدأت السياسة الخارجية الجزائرية تواجه إنتقادات حادة بسبب الخلافات والتنافس على السلطة بين رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون ورمطان لعمامرة ” ،أصبحت السياسة الخارجية تبدو متداخلة بشكل كبير مع أجندات القوة السياسية في البلاد، وهو ما يؤثر سلبًا على إتخاذ القرارات الخارجية ، ورغم أهمية هذه القضية، إلا أن التركيز يجب أن يكون على تقييم النتائج والأثر الذي حققته السياسة الخارجية الجزائرية خلال فترة ولاية رمطان لعمامرة. هل تحققت الأهداف المسطرة في التوازن ، أم أنها أدت إلى تفاقم الأزمات والتعقيدات؟.
وبالنظر إلى مجموعة من الأحداث التي وقعت خلال الفترة المذكورة، يمكن القول إن السياسة الخارجية الجزائرية تجاوزت حدودها وفشلت في إعادة تحقيق التوازن المطلوب، وفي ذات السياق تعاملت الجزائر مع عدد من الدول الأوروبية بحَسم وعدم تحقيق النجاح المرجو في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، بدلاً من ذلك إستعانت الجزائر بالدعم الروسي والصيني لتعويض نقص التعاون مع أوروبا والولايات المتحدة، إلا أن هذه الخطوة لم تكن دون عواقب ، حيث تسببت في تفاقم التوترات مع باريس وأضعفت العلاقات الجزائرية الفرنسية ، ومع ذلك فإن الجزائر تحاول إستعادة بعض التوازن بعد الأحداث الأخيرة، وهو ما تم تجسيده في دعوة وزير الخارجية الجزائري لزيارة الولايات المتحدة ،إلا أن هذه الخطوة لا تزال غير كافية لإستعادة الإستقلالية الدبلوماسية والتوازن في العلاقات الدولية، ومع تداخل الإختصاصات وعدم التوافق الكبير بين مؤسسات الجمهورية ، يتعين على الجزائر العمل على تحسين تنسيق السياسة الخارجية وتحقيق الوحدة الوطنية في هذا الشأن .
ويُعتبر هذا التقييم الكارثي للسياسة الخارجية الجزائرية حلاًّ مهمًا للتعرف على النقاط الضعيفة وتجاوز التحديات المستقبلية، إن الحفاظ على إستقلالية السياسة الخارجية وتعزيز التوازن في العلاقات مع مختلف الأطراف الدولية سيكون حاسمًا لمستقبل الجزائر وإستقرارها .
تحقق أيضا
نقد أداء الرئيس الجزائري عبد المجيد قراءة في مساره لرئاسة الجزائر
مليكة بوخاري نقد أداء الرئيس الجزائري عبد المجيد كتب الصحافي والمدير السابق لمجلة “لو نوفيل …