الحزب الإصلاحي البلجيكي يؤكد دعمه

أعلن جورج لويس بوشيز، رئيس الحزب الإصلاحي البلجيكي، في خطوة لافتة تحمل أبعادا سياسية ودبلوماسية عميقة، عن تقديم مبادرة تشريعية بالبرلمان الفيدرالي بالاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، في خطوة تعكس تحولا في المقاربة البلجيكية إزاء النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.

دعم صريح لمبادرة الحكم الذاتي
جاء الإعلان عقب زيارة رسمية إلى المملكة المغربية، فلم يكن مجرد تصريح دبلوماسي عابر، بل تضمن رسائل واضحة بشأن ضرورة تجاوز الموقف الحيادي التقليدي، وتبني موقف صريح يدعم جهود المغرب لحل هذا النزاع على أساس مبادرة الحكم الذاتي، التي تعتبرها قوى الدول متزايدة، خيار واقعي وعملي وحيد لتسوية هذا الملف المزمن.

تقاطع المصالح السياسية والأمنية
تأتي زيارة بوشيه إلى الرباط ضمن أجندة ثنائية شملت لقاءات مع مسؤولين مغاربة، من أبرزها اجتماعه بوزير العدل عبد اللطيف وهبي، تمحورت النقاشات حول توسيع مجالات التعاون القضائي والأمني، وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات، وهي ملفات أصبحت تفرض تنسيقا مباشرا وعميقا بين الشريكين، في ظل تهديدات متصاعدة على المستوى الإقليمي، وأن هذا البعد الأمني يمثل أحد أبرز دوافع التقارب بين الحزب الإصلاحي والمغرب، خصوصا في ظل نجاح المملكة المغربية في إرساء نموذج مستقر وفعال في مجال الأمن الإقليمي، ما يضفي مصداقية إضافية على مقترحاتها السياسية.

من الحياد إلى الوضوح
في تصريحه الرسمي، أكد بوشيه أن مشروع القانون المقدم إلى البرلمان لا يتعارض مع مبادئ القانون الدولي، بل يساهم في ترسيخ الاستقرار والسلم الإقليميين، معتبرا أن المرحلة لم تعد تتحمل مواقف رمادية، بل تتطلب وضوحا وانخراطا مسؤولا في دعم المبادرات الجادة لحل النزاعات، وفي مقدمتها مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب منذ سنة 2007، وأضاف أن الاستمرار في تبني سياسة الحياد لم تعد مقبولة في ظل التطورات الجيوسياسية، التي تجعل من المغرب شريكا موثوقا واستراتيجيا لبلجيكا ولأوروبا عموما.

تحول أوروبي متدرج
لا يبدو الموقف الجديد للحزب الإصلاحي البلجيكي معزولا عن موجة دعم متزايدة في القارة العجوز لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، فقد سبقته مواقف مماثلة من دول كإسبانيا وألمانيا وهولندا، ما يؤشر على تحول أوروبي متدرج نحو مقاربة أكثر واقعية ومنسجمة مع التحولات التي تعرفها المنطقة المغاربية والساحل.

#المغرب شريك إقليمي استراتيجي
يأتي دعم الحزب الإصلاحي في سياق رغبة بروكسل في تطوير علاقات أكثر نجاعة مع بلدان الجنوب، خصوصا تلك التي تشكل نقاط ارتكاز في قضايا الأمن والهجرة والتنمية، وفي هذا الإطار، بات المغرب ينظر إليه باعتباره فاعلا إقليميا يتمتع بالاستقرار والقدرة على المساهمة في بناء توازنات إقليمية جديدة.

المغرب شريك اقتصادي واستراتيجي
لم تعد العلاقات بين الرباط والعواصم الأوروبية تقتصر على الجوانب الاقتصادية والتجارية، بل تحولت إلى شراكات متعددة الأبعاد تشمل الأمن، العدالة، ومكافحة التهديدات العابرة للحدود، ويبدو أن الحزب الإصلاحي البلجيكي قد التقط هذه الدينامية الجديدة، ليترجمها إلى موقف سياسي داعم لمغربية الصحراء، في انسجام مع موقع المغرب كمحور استراتيجي في جنوب المتوسط.

انحياز أوروبي للحل الواقعي
تعكس المبادرة التي أطلقها الحزب الإصلاحي البلجيكي بداية لبلورة موقف جديد داخل النخب السياسية الأوروبية، عنوانه الانحياز للحلول الواقعية والدائمة، والقطع مع الحياد الذي لم يعد ينسجم مع تعقيدات المرحلة، وفي هذا السياق، يبدو أن المغرب، بثقله الاستراتيجي وتماسكه المؤسساتي، بات يفرض نفسه شريكا لا يمكن تجاهله، في معادلات الاستقرار والتنمية والأمن على الصعيد الإقليمي والدولي.