المدرسة المغربية بين رهانات التنمية
د عبدي حفيض
تلعب المدرسة المغربية، سواءا في قطاعها العمومي أو الخصوصي، دورا محوريا في تحقيق التنمية المجتمعية وبناء الإنسان، من خلال مساهمتها المتواصلة في تقديم خدمات تربوية وتعليمية وتكوينية ورياضية، تجعل منها رافعة أساسية لإعداد الأجيال وتأهيلها لمواجهة تحديات المستقبل والمشاركة الفاعلة في مسار التنمية الشاملة.
جهود مستمرة رغم التحديات في الإصلاح
رغم تعدد الانتقادات التي تواجه منظومة التربية والتكوين من مختلف الجهات، تظل الجهود المبذولة على مستويات عدة جديرة بالتقدير، تواصل وزارة التربية الوطنية، عبر مصالحها المركزية واللاممركزة، والأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، تنفيذ مشاريع إصلاحية طموحة من أجل تحسين جودة المؤسسات التعليمية وتعزيز دورها الاجتماعي، ولا يمكن إغفال التضحيات اليومية التي يقدمها الطاقم التربوي والإداري داخل الفصول، إضافة إلى الالتزام الدائم للشركاء والمتدخلين الاجتماعيين في هذا الورش الوطني، الذي يهدف إلى تربية وتكوين ملايين التلميذات والتلاميذ، وبناء نهضة تعليمية شاملة تلبي تطلعات المجتمع المغربي وتواكب طموحاته التنموية.
دعم وتوسعة لضمان عدالة تربوية شاملة
يشكل الدعم الاجتماعي أحد المحاور الأساسية في التزام الدولة إتجاه المدرسة المغربية، من خلال مجموعة من البرامج الهادفة لمحاربة الهدر المدرسي، وتشجيع التمدرس، لاسيما في صفوف الفتيات بالمجال القروي، مما يعكس الحرص الواضح على تكريس مبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التربوية، وفي السياق ذاته، تواصل المنظومة التربوية استثماراتها المتصاعدة في البنيات التحتية، من خلال إحداث مؤسسات تعليمية جديدة، وتوسيع القائم منها، وتعويض البناءات المفككة، فضلا عن عمليات التأهيل والإصلاح والتجهيز، سواء في المناطق الحضرية أو القروية، وذلك في إطار مشاريع تنموية تنخرط فيها مختلف المستويات المركزية والجهوية والإقليمية.
تكوين مستمر ومناهج متجددة
تواكب هذه الدينامية مجهودات حثيثة لترسيخ لقدرات التدبيرية عبر التكوين والتكوين المستمر، وتجديد المناهج والبرامج البيداغوجية بما يتلاءم مع متطلبات الإصلاح التربوي، كما يشهد هذا الورش الحيوي تنزيلا تدريجيا لمضامين الرؤية الاستراتيجية 2015–2030، وتفعيلا لمقتضيات القانون الإطار رقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، من خلال خارطة طريق طموحة تهدف النهوض بأدوار التلميذ والأستاذ والمؤسسة التعليمية، في انسجام تام مع انتظارات المجتمع ورهاناته المستقبلية.
المدرسة العمومية في قلب التحول
تعرف منظومة التربية والتكوين دينامية استثمارية متواصلة، غير أن التحديات ما تزال قائمة، ما يعكس طموح مجتمع يضع المدرسة العمومية في صلب رهاناته التنموية ويراهن عليها كرافعة أساسية للتقدم، رغم التحديات التي تعترض طريق الإصلاح، فإن ما تحقق من مكتسبات ملموسة على أكثر من مستوى يعكس وجود إرادة صادقة ورغبة جماعية في إحداث التغيير المنشود داخل المنظومة التربوية، ويعد استمرار النقاش العمومي وتنامي النقد البناء حول واقع المدرسة المغربية مؤشرا صحيا يساهم في تصويب الاختلالات وتجويد السياسات، بما يعزز مسار بناء مدرسة عمومية عصرية، منصفة ودامجة، تستجيب لتطلعات الأجيال الصاعدة، وتواكب المشروع التنموي الوطني في أبعاده الشاملة.














