تحقيق يكشف دور خفي منسق للجزائر وإيران في تهديد أمن المنطقة المغاربية

Nov 17, 2025 /

تحقيق يكشف دور خفي منسق للجزائر

مليكة بوخاري

كشف تحقيق صحفي معمق نشرته صحيفة “فيسيغراد 24” البريطانية عن معالم خفية لدور متصاعد تؤديه كل من الجزائر وإيران، بدعم من شبكة فاعلين غير نظاميين، في زعزعة استقرار منطقة المغرب الكبير، ووفقا لما أورده التقرير، تنتهج كل من الجزائر وإيران سياسة ممنهجة توظف من خلالها ملف الصحراء المغربية كورقة تأثير جيوسياسية، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تغذية التوترات الإقليمية وإعادة رسم موازين القوة في شمال إفريقيا، ولا تقتصر هذه التحركات على حسابات محلية ضيقة، بل تنخرط ضمن رهانات إيديولوجية وصراعات نفوذ دولية، تعكس طموحا لفرض واقع جديد في منطقة بالغة الحساسية الجيوسياسية.

الجزائر تعرقل الحل الواقعي
يسلط التحقيق الضوء على دينامكيات معقدة في موازين النفوذ الإقليمي بشمال إفريقيا، حيث تبرز الجزائر كفاعل محوري يتبنى، بحسب الصحيفة، نهجا معارضا بشكل ممنهج لمساعي الأمم المتحدة والجهود الإقليمية الرامية إلى بلورة حل سياسي واقعي ومستدام لنزاع الصحراء المغربية، ويفيد التقرير بأن الدعم الجزائري طويل الأمد لميليشيا البوليساريو لم يقتصر على تأبيد الصراع، بل أسهم بصورة مباشرة في تقويض مشروع التكامل المغاربي، وكرس حالة من الجمود السياسي والركود الاقتصادي، ما حول المنطقة إلى بؤرة توتر دائمة وعقبة أمام الاستقرار والتنمية المشتركة.

فوضى ممنهجة وتمدد إيراني
وصفت الصحيفة هذا المشهد “بالتعطيل المتعمد”، مشيرة إلى أنه أسفر عن شلل شبه كامل في الهياكل الإقليمية، وعلى رأسها اتحاد المغرب العربي، وأيضا ساهم في تحويل شمال إفريقيا من فضاء واعد للتكامل والتنمية إلى ساحة مشرعة أمام الانقسامات والتجاذبات، وما يبعث على القلق بصورة أعمق، وفقا للتحقيق، الاختراق الإيراني المتنامي في شمال القارة، والذي يسير على منوال تدخلات طهران السابقة في اليمن وسوريا ولبنان، ما يعزز المخاوف من نقل نماذج الفوضى الإقليمية إلى الضفة الجنوبية للمتوسط.

إيران وأجندة أوسع للوكلاء
أفادت الصحيفة بأن طهران تضطلع بدور مقلق في تغذية التوترات بشمال إفريقيا، من خلال تمويل وتسليح فصائل مسلحة متطرفة تنشط في المنطقة، مشيرة أن الدعم الإيراني المتزايد لميليشيا البوليساريو يشكل منعطفا خطيرا في مسار النزاع، ويعكس نوايا واضحة لتحويل ملف محلي إلى منصة تصادم مفتوحة مع الغرب، وتحذر الصحيفة في هذا الإطار من خلال التحقيق أن الاستراتيجية الإيرانية تقوم على تصدير الفوضى عبر وكلاء محليين، في سياق خريطة نفوذ توسعية تسعى إلى إضعاف الاستقرار الإقليمي وإعادة رسم موازين القوة في منطقة تعد من أكثر المواقع الجيوسياسية على عتبة أوروبا.

هشاشة وممرات مفتوحة
تواصل الشبكات الجماعات الجهادية وعصابات التهريب في ظل هذا المناخ الإقليمي المأزوم، استثمار هشاشة الحدود الممتدة من منطقة الساحل الإفريقي إلى ضفاف المتوسط، حيث تحولت المنطقة إلى تربة خصبة لتقاطع المصالح بين المافيا العابرة للحدود والميليشيات المدعومة خارجيا، وفقا لما أوردته الصحيفة، فإن التداخل المتزايد بين الفاعلين غير النظاميين والأجندات الجيوسياسية ينذر بتداعيات كارثية، قد تؤدي إلى انفجار شامل للوضع الأمني، واصفة المشهد بأنه “برميل بارود” على الخاصرة الجنوبية لأوروبا، يهدد الاستقرار على امتداد الضفتين.

اتزان في زمن الفوضى
يبرز المغرب في هذا المشهد الإقليمي القاتم كنموذج للاتزان والاستقرار، إذ تواصل الرباط ترسيخ استثماراتها التنموية في الأقاليم الجنوبية، وتجدد التزامها بخيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل سياسي واقعي ومنطقي، يحظى بدعم متزايد من القوى الدولية الكبرى، ووفقا للتقرير، تجسد المقاربة المغربية رؤية عقلانية تتماشى مع الشرعية الدولية، تستند إلى منطق التنمية والاستقرار وتستجيب لتطلعات سكان المنطقة، في مواجهة مشاريع انفصالية تغذيها أجندات خارجية ذات طابع أيديولوجي وأمني يهدد السلم الإقليمي.

أوروبا تعيد حساباتها
خلصت الصحيفة في خاتمة تحقيقها أن أوروبا لم تعد تملك ترف التغاضي عما يجري في محيطها الجنوبي، إذ تجاوزت التطورات في المغرب الكبير نطاقها الإقليمي الضيق، لتغدو جزءا لا يتجزأ من معادلة الأمن الجماعي لحوض البحر الأبيض المتوسط، لتصاعد حدة التهديدات وتعقد تشابكها، تتزايد الدعوات إلى تحرك أوروبي أكثر فاعلية وحضورا، من أجل دعم الاستقرار الإقليمي والتصدي للشبكات التخريبية العابرة للحدود، التي باتت تمثل تهديدا مباشرا لأمن القارة.

مفترق الطرق الجيوسياسة العالمية
ما كشفه التقرير يتجاوز توصيفا لحالة طارئة، تشكل قراءة معمقة لواقع جيوسياسي معقد ومتقلب، حيث تتشابك فيه الحسابات الإقليمية مع صراعات دولية متعددة الأبعاد، وتعد هذه المنطقة بوابة عبور استراتيجية بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي، وأضحت مرآة تعكس تداعيات حرب باردة جديدة، تتخذ من النزاعات الهامشية بؤرا للاشتعال والتصعيد المستمر.

شروط النشر:

يُرجى الالتزام بأسلوب محترم في التعليقات، والامتناع عن أي إساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات.
يُمنع تمامًا توجيه أي عبارات تمسّ الأديان أو الذات الإلهية، كما يُحظر التحريض العنصري أو استخدام الألفاظ النابية.

الأخبار 24 جريدة إلكترونية مغربية شاملة تتجدد على مدار الساعة ، تقدم أخبار دقيقة وموثوقة.
    نعتمد على إعداد محتوياتنا بالتحري الجاد والالتزام التام بأخلاقيات مهنة الصحافة المتعارف عليها دولياً، مما يضمن جودة الخبر ومصداقيته.

قلق دولي من تداخل الأنشطة الإرهابية أفاد دبلوماسي أوروبي مقيم…
×
Verified by MonsterInsights