خريبكة تحتفي بالموروث اللامادي في الدورة 24
افتتحت مساء الخميس 25 شتنبر الجاري فعاليات الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان الوطني لعبيدات الرما، حفل احتضنه المركب الثقافي محمد السادس بخريبكة، بحضور رسمي وازن يتقدمه المصطفى الحصار، الكاتب العام لعمالة إقليم خريبكة، إلى جانب الحسن الشرفي، المدير الجهوي لقطاع الثقافة بجهة بني ملال–خنيفرة، والحسين الهوفي، المدير الإقليمي للثقافة بخريبكة، وامحمد الزكراني، رئيس المجلس الجماعي للمدينة، إضافة إلى شخصيات مدنية وعسكرية، وممثلي جماعات الإقليم، ووسائل إعلام المكتوبة والمرئية وإلكترونية منها الأخبار 24.
صون التراث من أجل تنمية مستدامة
يستمر المهرجان الوطني لعبيدات الرما بخريبكة إلى غاية 27 شتنبر الجاري، في إطار الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تحت شعار: “صون وتثمين تراث عبيدات الرما من أجل تنمية مستدامة”،شعار يترجم الرؤية العميقة للتظاهرة، باعتبارها فضاءا يتجاوز الطابع الاحتفالي إلى محطة استراتيجية من أجل حماية هذا التراث اللامادي، وإدماجه ضمن مقاربات التنمية الثقافية والاجتماعية المستدامة.
مشاركة واسعة وبرنامج متنوع
أفاد المنظمون أن الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان الوطني لعبيدات الرما شهدت هذه السنة مشاركة 45 فرقة فنية، بينها 42 مجموعة تمثل هذا اللون التراثي الأصيل، إلى جانب 3 فرق ضيفة شرف تتقدمها فرقة الركادة من وجدة، يزخر البرنامج بباقة من الفعاليات المتنوعة، حيث ستقام خمس سهرات كبرى بمختلف فضاءات الإقليم، إلى جانب عروض فنية بالساحات العمومية، فضلا عن أنشطة موازية تسعى إلى ربط الفن بالبعد الثقافي والاجتماعي ومن أبرزها:
_كرنفال استعراضي بشارع مولاي يوسف، سبق حفل الافتتاح وأضفى أجواء احتفالية على المدينة.
_ندوة وطنية فكرية تحت عنوان “الهجرة في التراث الموسيقي الشعبي: عبيدات الرما نموذجا”، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين، وذلك بمقر غرفة التجارة والصناعة بخريبكة.
_تكريم شخصيات فنية تركت بصمتها في مسار عبيدات الرما، من بينهم قيدوم الفن الشعبي محمد دراك من الفقيه بن صالح، والفنان المعطي قنطار من خريبكة.
_أنشطة اجتماعية ذات بعد إنساني، شملت تنظيم عروض داخل المؤسسات السجنية بخريبكة ووادي زم، لتمكين النزلاء من التفاعل مع جزء حي من الذاكرة الفنية المغربية.
وبهذا التنوع، تؤكد دورة 2025 مكانة المهرجان كمنصة تتجاوز حدود الفرجة، لتجسد رؤية متكاملة تربط التراث بالمعرفة، وتزاوج بين الاحتفاء الفني والبعد الإنساني.
صون التراث وتجسيد التنمية المستدامة
أكد المدير الجهوي للثقافة بجهة بني ملال–خنيفرة، الحسن الشرفي، في كلمة افتتاح المهرجان الوطني لعبيدات الرما، أن هذه التظاهرة تمثل موعدا سنويا ثابتا لترسيخ الاعتراف الرسمي بهذا الفن كأحد أعمدة الذاكرة الجماعية المغربية، وشدد على أن استمرار المهرجان يعكس التزام مختلف الشركاء المؤسساتيين، من وزارة الثقافة والداخلية إلى عمالة الإقليم ومجلس الجهة والمجمع الشريف للفوسفاط، بدعم هذا اللون الفني باعتباره رافعة للتنمية المستدامة، ومن جانبه، أبرز رئيس المجلس الجماعي لخريبكة، امحمد الزكراني، أن المهرجان يشكل نافذة حقيقية لتسويق الهوية المحلية وإبراز غنى التراث اللامادي، مؤكدا عزم الجماعة على تطوير هذه التظاهرة وتوثيق مسارها بما يضمن استمراريتها وإشعاعها وطنيا ودوليا.
عروض فنية وتكريم الرواد يضيئان المهرجان
شهد حفل افتتاح المهرجان الوطني لعبيدات الرما لحظات فنية استثنائية، حيث قدمت فرقة أولاد عطوش من وادي زم ونجوم السلطان من خريبكة عروضا غنية ألهبت حماس الجمهور، وجاءت لحظة تكريم المؤسسين والرواد لتجسيد رمزية الاعتراف بالعطاء الذي ساهم في استمرارية هذا الفن عبر الأجيال، إذ نظم المهرجان على امتداد اليوم الأول، حلقات شعبية بعدد من الجماعات المحلية، منها بولنوار وحتان وبوجنيبة، قبل أن تختتم السهرة العمومية الكبرى بساحة المجاهدين بعروض لفرق من مختلف مناطق المملكة، بتنشيط الفنانة حنان الخالدي، ما أضفى على الحدث أجواء احتفالية حقيقية ومشاركة جماهيرية واسعة.
المهرجان منصة وطنية للتراث والبعد الاجتماعي
تجسد الدورة الرابعة والعشرون من المهرجان الوطني لعبيدات الرما مسارا تراكميا في تاريخ التظاهرة، التي تطورت من احتفال محلي محدودة لتصبح منصة وطنية ذات إشعاع متزايد، ويعكس تنوع فضاءات المهرجان، من الساحات العمومية إلى المؤسسات السجنية والمراكز الثقافية، فلسفة تنظيمية من أجل توسيع قاعدة الجمهور وربط التراث بالبعد الاجتماعي والثقافي.
المهرجان رافعة للتراث والتنمية الثقافية
يجسد الحضور المكثف للمؤسسات الداعمة مدى الوعي الرسمي بأهمية دمج الثقافة في استراتيجيات التنمية، لا سيما أن فن عبيدات الرما نال في السنوات الأخيرة اعترافا أكاديميا وتراثيا على المستويين الوطني والدولي، وبذلك يواصل المهرجان ترسيخ مكانته كأحد أبرز المواعيد التراثية بالمملكة، التي تتجاوز الاحتفاء بالماضي لتعيد صياغة التراث ضمن رؤية حديثة للتنمية الثقافية المستدامة.





















