خريطة كليمنصو 25 رسالة فرنسية
قد تبدو خطوة تقنية في ظاهرها، لكنها محمّلة برسائل سياسية عميقة، أثارت الخريطة المنشورة ضمن وثائق أنجزتها البحرية الفرنسية “كليمنصو 25″، جدلا واسعا، حيث تبدي المغرب من طنجة إلى الكويرة، دون أي ترسيم يفصل الصحراء المغربية عن باقي التراب الوطني، ما يعد مؤشرا إضافيا على انزياح باريس نحو موقف داعم لمغربية الصحراء.
ماكرون يكسر الحياد
ينسجم هذا التطور، وإن بدا رمزيا، مع تصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يوليو 2024، حين قال بوضوح إن “مستقبل الصحراء يجب أن يكون ضمن السيادة المغربية”،جملة لم تكن لتقال قبل سنوات، مما عكس تغيرا لافتا في اللهجة الفرنسية التقليدية التي لطالما التزمت الحياد في هذا الملف الشائك.
خريطة بصمتها سياسية
المثير أن هذه الخرائط لم تدرج في تقرير ثانوي، بل ضمن وثائق رسمية لتقييم مهمة عسكرية بحرية واسعة النطاق امتدت من المتوسط إلى المحيطين الهندي والهادئ، بمشاركة دول كبرى منها: الولايات المتحدة وفرنسا والمغرب نفسه، الذي ساهم بفرقاطة في تشكلة متعددة الجنسيات، هو ما يعطي بعدا عمليا لهذا التقارب الفرنسي المغربي، ليس فقط في الدبلوماسية، بل أيضا في التعاون الدفاعي والعسكري، قد تكون الخرائط وثائق صامتة، لكن في السياسة، الصمت أحيانا أبلغ من التصريحات، وظهور المغرب الكامل في وثائق مؤسسة سيادية كالبحرية الفرنسية، ليس تفصيلا عابرا.
باريس تحسم موقفها
لم تكن فرنسا تاريخيا بعيدة عن دعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب في 2007، وقد اعتبرتها أساسا جادة وموثوقة لحل النزاع المفتعل، لكنها تجنبت طيلة سنوات اتخاذ موقف صريح لصالح السيادة المغربية الكاملة على الصحراء، حيث تغير هذا النهج تدريجيا، وصولا إلى لحظة فاصلة في رسالة وجهها ماكرون لجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش في صيف 2024، حين قال بوضوح إن خطة الحكم الذاتي هو الإطار الوحيد الذي ترى فيه باريس حلا دائما لهذا النزاع.
باريس تلون خرائطها بلون السيادة المغربية
وقد مرت العلاقات بين باريس والرباط بمحطات توتر، إلا أن تقاطع المصالح الاستراتيجية، لا سيما في قضايا الساحل والأمن والهجرة، ترك خيوط التنسيق ممدودة، يبدو أن فرنسا إتجهت بخطى أكثر وضوحا مع التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، نحو موقف داعم، وأن الخرائط كخرائط “كليمنصو 25” تقول وتعبر عن الكثير.














