هل يعد قصف السمارة رسالة يأس أم فشل ميداني؟

Nov 18, 2025 /

هل يعد قصف السمارة رسالة يأس؟

مليكة بوخاري

لم يكن القصف الذي استهدف مدينة السمارة، يوم الجمعة 27 يونيو الجاري، حادثا عرضيا أو معزولا، بل شكل مسارا مكشوفا خطيرا تنزلق فيه البوليساريو، التي ما فتئت تتخلى تدريجيا عن شعاراتها السياسية لتكشف عن وجهها الحقيقي كميليشيا تمارس العنف العشوائي، من خلال قصف عشوائي من المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني، الذي لم يحمل أي بعد عسكري واضح، بقدر ما يعكس محاولة مكشوفة لبث الفوضى وإرباك الاستقرار، في تصرف يجسد حالة يأس سياسي أكثر مما يعبر عن مناورة ميدانية.

قصف يائس في زمن المكاسب الدبلوماسية
لا يكمن مصدر القلق في استهداف المدنيين، بل في توقيت هذا الفعل العدائي ودلالاته السياسية، إذ تزامن مع تصاعد الزخم الدبلوماسي الذي تشهده قضية الصحراء المغربية لصالح الرباط، مقابل تراجع الدعم الإقليمي والدولي للميليشيا، يُفهم القصف ضمن هذا السياق أنه محاولة يائسة لتصدير أزمة داخلية خانقة، والبحث عن “انتصار رمزي” يخفي فشلا ذريعا في فرض واقع تجاوزه الزمن، غير أن الدولة لا ترد على العبث بردود شكلية، ليأتي الرد المغربي سريعا وحاسما، بضربة دقيقة نفذتها طائرة مسيرة متطورة، استهدفت مصدر الاعتداء داخل المنطقة العازلة، لم يكن هذا الرد تحرك عسكري تقني، بل رسالة استراتيجية واضحة مفادها أن السيادة المغربية غير قابلة للتفاوض وخط أحمر، وأن أمن المواطنين يصان بكل الوسائل، وكل من يختار منطق التصعيد سيواجه بردع متكافئ لا يسمح بتكرار هذه المغامرات الطائشة.

دعاية العجز تغلف الفشل
لجأت ما تسمى بقيادة البوليساريو في مواجهة الإخفاق الميداني، إلى إصدار بلاغات دعائية وصفت فيها القصف الذي استهدف مدينة السمارة “بالعملية النوعية”، في محاولة مكشوفة لتسويق وهم الإنجاز، غير أن هذا الاستهداف، في حقيقته، لا يعدو أن يكون مؤشرا واضحا على عجز سياسي عميق، يجسد غياب البدائل المشروعة وانسداد الأفق، مما دفع الميليشيا إلى تبني خيار العنف، وتجسد هذه السلوكيات حالة الانحدار المتسارع التي تعيشها، وباتت تعتمد على التضليل الإعلامي كوسيلة وحيدة للتغطية على تآكلها الداخلي، وفقدانها لأي أفق تفاوضي أو مشروع ذي مصداقية على المستوى الإقليمي والدولي.

من كيان وهمي إلى تهديد إرهابي
أضحت ميليشيا البوليساريو، في سلوكها ونهجها، نمطا من التنظيمات المسلحة العابرة للحدود، بما يجعلها أحد أبرز مصادر التهديد للأمن والاستقرار، ليس في المنطقة المغاربية، بل على امتداد فضاء الساحل والصحراء، ويبدو أن هذا التحول لم يعد يمر دون الانتباه إليه في المحافل الدولية، حيث تتصاعد داخل دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة، لاسيما في أوساط الكونغرس، الذي دعا الى إدراج البوليساريو ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، يعكس هذا التوجه تحولا تدريجيا في التعاطي الدولي مع المليشيا، التي انتقلت من كيان دعائي يروج لأوهام الانفصال، إلى ميليشيا مسلحة تمارس العنف وتستهدف الأبرياء خارج أي إطار شرعي.

مواجهة شاملة تتجاوز الميدان
لا تقتصر مواجهة تكرار هذه العمليات العدائية على الردود العسكرية الدقيقة، بل تتطلب بالموازاة تفعيل مقاربة دبلوماسية وأمنية شاملة، ترمي إلى إحالة ملف البوليساريو أمام الهيئات الدولية كخطر حقيقي يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين، لم يكن في هذا السياق، الرد المغربي الحازم مجرد نجاح ميداني، بل تجسيدا لنهج دولة تتعامل مع التحديات بمرجعية مؤسساتية، قائمة على احترام القانون والشرعية لقد أصبح الفرق واضحا بين من يرسّخ الأمن في إطار الشرعية، ومن يراهن على الفوضى ويتورط في دعاية جوفاء وعنف أعمى، غير مدرك أن زمن تجاوز القانون الدولي قد انتهى بلا رجعة.

شروط النشر:

يُرجى الالتزام بأسلوب محترم في التعليقات، والامتناع عن أي إساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات.
يُمنع تمامًا توجيه أي عبارات تمسّ الأديان أو الذات الإلهية، كما يُحظر التحريض العنصري أو استخدام الألفاظ النابية.

الأخبار 24 جريدة إلكترونية مغربية شاملة تتجدد على مدار الساعة ، تقدم أخبار دقيقة وموثوقة.
    نعتمد على إعداد محتوياتنا بالتحري الجاد والالتزام التام بأخلاقيات مهنة الصحافة المتعارف عليها دولياً، مما يضمن جودة الخبر ومصداقيته.

قلق دولي من تداخل الأنشطة الإرهابية أفاد دبلوماسي أوروبي مقيم…
×
Verified by MonsterInsights