شرارة الصراع بين الرئاسة والجيش الجزائري

Nov 18, 2025 /

الأخبار 24: مليكة بوخاري

شرارة الصراع بين الرئاسة والجيش الجزائري

اختفاء الجنرال ناصر الجن، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية، لم يكن حادثة أمنية أو مناورة داخل أجنحة السلطة، بل كشف بجلاء عن العمق الحقيقي للصراع السياسي في الجزائر، صراع وجودي بين السلطة المدنية والقيادة العسكرية. هذا الصراع ليس وليد اللحظة، بل تراكمت جذوره على مدى عقود، منذ أن هيمنت المؤسسة العسكرية على مفاصل الدولة بعد الاستقلال، لتصبح لاعبًا رئيسيًا في صناعة القرار السياسي والاقتصادي، بينما بقيت السلطة المدنية في كثير من الأحيان على هامش التأثير الفعلي.

حافة الانفجار بين الرئاسة والجيش

تقف الجزائر اليوم على حافة مواجهة سياسية مفتوحة بين الرئاسة والجيش، حيث يتصاعد صراع النفوذ ليصبح مسألة حياة أو موت لكل طرف، خلفت هذه الأزمة ملفات عالقة منذ سنوات، أبرزها محاولات فرض السلطة المدنية على المؤسسة العسكرية التي اعتادت التحكم في مفاصل القرار السياسي لعقود، وهيمنة أجنحة عسكرية تقليدية على مفاصل الدولة، يسعى الرئيس عبد المجيد تبون، بدعم حليفه الأقوى مدير ديوانه بوعلام بوعلام، إعادة رسم خريطة السلطة عبر تقليص نفوذ رئيس أركان الجيش سعيد شنقريحة، الذي لا يزال يحاول تثبيت مكانته وسط شبكة ولاءات متجذرة داخل مؤسسات الدولة، بما يضمن استمرار هيمنة الجيش على صناعة القرار السياسي، تؤكد بعض المصادر أن تبون يدرس إعادة تشكيل قيادة الجيش لضمان ولاء كامل للسلطة المدنية، ضمن خطوة تمثل اختبارا لمتانة النظام وقدرته على الصمود أمام تحديات الداخل والخارج، تنبع خطورة الأزمة من أن أي تصعيد قد ينعكس على الأمن الداخلي، والاقتصاد المتداعي، وثقة المواطنين في الدولة، ويزيد من الاحتقان الاجتماعي في ظل أزمة البطالة والأزمة الاقتصادية الخانقة، وقد تمتد التداعيات المحتملة إلى استقرار النظام السياسي برمته، إذ أن استمرار هذا الصراع دون تسوية قد يعيد رسم خريطة النفوذ في الجزائر، ويحدد شكل الدولة ومستقبلها السياسي والاجتماعي لعقود مقبلة، ما يجعل إدارة الأزمة أكثر صعوبة وتعقيدا من أي مرحلة عرفتها البلاد في العقود الأخيرة.

صراع البقاء يكشف هشاشة النظام

تتجاوز الأزمة الحالية الصراع على المناصب، لتتحول إلى صراع البقاء السياسي، إذ يواجه رئيس أركان الجيش سعيد شنقريحة تحديات متزايدة مرتبطة بتقدمه في السن وتدهور حالته الصحية، ما يجعله أكثر حذرا في كل خطوة ويزيد من حدة المواجهة مع الرئاسة، لم يعد التنافر بين سلطة الرئيس عبد المجيد تبون والجيش مسألة سياسية عابرة، بل أصبح مسألة حياة أو موت لكل طرف، في ظل غياب أي أفق للتفاوض أو وساطة يمكن أن تخفف حدة التوترات، ما يجعل كل تحرك داخل السلطة محملا بعواقب غير محسوبة على استقرار الجزائر، تتجاوز تداعيات قضية الجنرال ناصر الجن الحسابات الفردية، لتكشف هشاشة النظام السياسي الجزائري بأكمله. أصبح الشرخ بين الرئاسة والجيش جليا، كان الغطاء الأمني والسياسي يخفف الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي حيث بدأ يتصدع أمام الرأي العام، ما يطرح تساؤلات جدية حول قدرة النظام العسكري الجزائري على احتواء الصراعات الداخلية والحفاظ على توازن هش لطالما حكم البلاد لعقود، ليست الأزمة الحالية صراع مؤسساتي، بل اختبار حقيقي لمتانة الدولة وقدرتها على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة.

الجزائر بين هشاشة الاستقرار وصراع السلطة

تواجه الجزائر اليوم مرحلة من عدم اليقين العميق، وسط أزمة اقتصادية خانقة، وارتفاع معدلات البطالة، واحتقان شعبي متواصل منذ حراك 2019، إن لم يحتوَ الصراع المكتوم بين الرئاسة والجيش، قد يتحول إلى مواجهة مفتوحة تعيد رسم موازين القوى السياسية بالكامل، وربما تعيد تشكيل الدولة نفسها، وتزداد المخاطر تعقيدا مع امتداد خطوط الصراع إلى مؤسسات الدولة، حيث تتقاطع مصالح كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وتتعاظم حدتها بفعل التدخلات الخارجية المحتملة والضغوط الإقليمية والدولية، لتصبح كل خطوة في هذا النزاع لها انعكاسات فورية على الأمن الداخلي، واستقرار الاقتصاد، وثقة المواطن في الدولة، ما يجعل إدارة الأزمة تحديا بالغ الصعوبة، وفي هذا السياق، يتجاوز ما يحدث اليوم كونه خلاف داخلي وصراع مؤسساتي، إنه اختبار مصيري لقدرة الجزائر على الصمود أمام تحديات العصر، وإعادة بناء توازن سياسي جديد يضمن للسلطة المدنية هيمنة فعلية دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع المؤسسة العسكرية، تتصاعد احتمالات تفجر الأوضاع مع مرور كل يوم في ظل هذه الأزمة، لتقف البلاد عند مفترق طرق يحدد مستقبلها السياسي والاجتماعي، ويرسم ملامح الدولة لعقود مقبلة، بين هشاشة الاستقرار وسيناريوهات إعادة تشكيل السلطة والنفوذ.

شروط النشر:

يُرجى الالتزام بأسلوب محترم في التعليقات، والامتناع عن أي إساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات.
يُمنع تمامًا توجيه أي عبارات تمسّ الأديان أو الذات الإلهية، كما يُحظر التحريض العنصري أو استخدام الألفاظ النابية.

الأخبار 24 جريدة إلكترونية مغربية شاملة تتجدد على مدار الساعة ، تقدم أخبار دقيقة وموثوقة.
    نعتمد على إعداد محتوياتنا بالتحري الجاد والالتزام التام بأخلاقيات مهنة الصحافة المتعارف عليها دولياً، مما يضمن جودة الخبر ومصداقيته.

قلق دولي من تداخل الأنشطة الإرهابية أفاد دبلوماسي أوروبي مقيم…
×
Verified by MonsterInsights