كيف تطورت أساليب التسول؟
مليكة بوخاري
تتواصل ظاهرة التسول بتطورات ملحوظة، عبر الزمن، وذلك بالتزامن مع تطور المجتمعات وتغير أنماط الحياة، حيث انتقلت من الطرق التقليدية البسيطة إلى أساليب أكثر تعقيدا وابتكارا، وذلك بهدف زيادة فرص الحصول على المال والتعاطف من المارة، وبهذا يزداد وعي المواطنين بأهمية الحد من تقديم المساعدة للمتسولين غير الجادين، ومع ذلك، لا يزال هذا الوعي غير كاف لمواجهة انتشار التسول في الفضاءات العامة، إذ يبتكر محترفو التسول طرقا جديدة لاستدرار عطف الناس، مستغلين بذلك مشاعرهم الإنسانية، فالتسول لم يعد مقتصرا على طلب المال فقط، بل أصبح يتضمن أيضا طلب تذاكر السفر أو الطعام، التي يتم بيعها لاحقا.
التسول في محطات النقل
تبدو هذه الظاهرة بشكل جلي في محطات النقل، حيث يكثر المتسولون الذين يروون قصصا متشابهة للحصول على المساعدة، وغالبا ما يدعي هؤلاء أنهم بحاجة إلى ثمن تذكرة سفر، ليقوموا بعد ذلك بالتربص بمسافرين آخرين لطلب المساعدة منهم، وكذلك حتى في المحلات التجارية مثل المخابز ومحلات الجزارة، وايضا يواجه الزبائن متسولين يحاولون الحصول على منتجات غذائية أو استهلاكية، ثم يعيدون بيعها، أحيانا حتى للبائع نفسه، هذا التحايل يعكس رغبة المتسولين في مواكبة زيادة الوعي لدى المواطنين بأساليب الاحتيال.
التسول المبني على النصب
يتجلى أخطر أنواع التسول، المبني على النصب، في تزايد أشكاله وتطوره، يعود ذلك إلى أسباب رئيسية : منها:
استمرار التعاطف مع المتسولين، والذي قد يكون مدفوعا بالوازع الديني أو الشعور بالذنب، وكذا من المتسولين ذوي النوايا السيئة يبتكرون قصصا معقدة لاستدرار عطف الناس.
التسول المستتر: يمارس بعض المتسولين التسول بطرق غير مباشرة، مثل بيع منتجات بسيطة أو تقديم خدمات صغيرة مقابل المال: التسول المنظم: يتشكل من البعض حيث يتم تقسيم المتسولين إلى مجموعات وتوزيعهم على أماكن مختلفة: استغلال الأطفال: يتم استغلال الأطفال في التسول، في الشوارع .
الحيل المستخدمة في التسول
تتعدد الحيل المستخدمة، من ادعاء انقطاع السبيل إلى طلب الطعام أو المال، ويستمر المتسولون في تطوير أساليبهم كلما زاد وعي المواطنين، عندما تنجح إحدى الحيل، يقوم المتسولون بتبادلها فيما بينهم حتى تنكشف، ومن ثم يبدأون في ابتكار طرق جديدة.
الفضاءات المستهدفة
يستهدف المتسولون هذه الأساليب في الأماكن التي يكون فيها الناس أكثر عرضة للشعور بالذنب، مثل محلات الطعام، وأيضا عودة ظاهرة التسول بالإعاقة للظهور، حيث يدعي بعضهم إصابته.
أهمية الوعي
لمواجهة هذه الظاهرة، على المواطنين أن يدركوا أن تقديم المساعدة للمتسولين ليست صدقة حقيقية، وأن الصدقات تعطى في السر، في الوقت نفسه، يبرز دور الوعي الديني في توجيه سلوك الناس تجاه هذه الظاهرة، إذ تتجلى تطورات التسول أيضا في تغير نظرة المجتمع له، فقد كان يعتبر في الماضي عيبا وإذلالا، ولكنه اليوم ينظر إليه على أنه طلب مشروع، مما يساهم في تقبل المواطن له. وقد ساهم تغيير ملابس المتسولين إلى أزياء أكثر أناقة في تعزيز هذا الانطباع.
ابتكار طرق التسول
يستمر المتسولون في تطوير طرقهم لجذب تعاطف الناس، بما في ذلك التسول الرقمي، ومع تطور المجتمعات وتزايد الوعي بحقوق الإنسان، بدأت بعض الدول في سن قوانين تمنع التسول في الأماكن العامة، مما دفع المتسولين إلى ابتكار طرق جديدة للتسول.
التكنولوجيا: ساهمت التكنولوجيا في تطوير أساليب التسول، حيث يستخدم بعض المتسولين منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات للترويج لأنفسهم وجمع التبرعات، وكذلك اثناء أوقات الأزمات الاقتصادية، ومن أبرز أساليب التسول الحديثة إستخدام قصص مؤثرة أو صور مأساوية لجذب التعاطف، رغم أن بعض المواطنين قد لا يدركون أنهم قد تم خداعهم، وأن مثل هذه الممارسات تؤدي إلى انعدام الثقة بين الناس، مما يضعف قدرة المستحقين الحقيقيين على الحصول على المساعدة، لقد أصبحت هذه الظاهرة معقدة تتطلب حلولا شاملة ومتكاملة، فعلى الحكومة والمجتمع المدني والمواطن العمل معا للتوعية بأضرار التسول وكيفية محاربة هذه الظاهرة والحد من هذه الأساليب التي تشجع الآخرين على اللجوء إلى التسول كمصدر للدخل، فتزايد تفريخ وانتشار التسول يشويه ويؤثر سلبا على صور المدين ويخلق انطباعا سلبيا عن المجتمع.