المجلسان العلميان الجهوي والمحلي
الأخبار 24: حكيمة القرقوري
احتضن المسرح الجامعي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، مساء الخميس 11 شتنبر 2025 الموافق لـ18 ربيع الأول 1447هـ، الجلسة الافتتاحية للأسبوع السادس عشر للسيرة النبوية العطرة، وقد جرت الفعالية بحضور عامل الإقليم السيد عبد الحميد المزيد، مرفوقا بالكاتب العام، رئيس المجلس العلمي، إلى جانب شخصيات مدنية، عسكرية،أمنية، وسلطات قضائية، فضلا عن العلماء والفقهاء والأئمة، نظم هذا الموعد الروحي من طرف المجلس العلمي الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة، بشراكة مع المجلس العلمي المحلي لإقليم القنيطرة، تأكيدا على استمرارية العناية المؤسساتية بالبعد التربوي والروحي في المجتمع المغربي، وتجديدا للصلة بالذكرى العطرة لمولد الرسول الأكرم، وقد افتتحت الجلسة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، أعقبها النشيد الوطني، تلتها كلمات الهيئات المنظمة التي أبرزت مكانة السيرة النبوية في صون القيم الإيمانية والإنسانية، وترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال التي تميز الهوية الدينية للمملكة المغربية.

كلمة رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم القنيطرة
افتتح رئيس المجلس العلمي المحلي الدكتور يونس الصباري كلمته بحمد الله والثناء عليه، مستحضرا عظمة المناسبة التي يلتئم حولها الحضور، ألا وهي ذكرى المولد النبوي الشريف التي اعتبرها “مجلسا من مجالس تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجليا لارتباط الأمة المغربية برسولها الكريم”، وبعد الترحيب بالضيوف الرسميين من ممثلي السلطات المدنية،العسكرية،الأمنية،القضائية، الهيئات العلمية والأكاديمية، إضافة إلى الأئمة والوعاظ والطلبة، مشيرا أن حضور هذا الجمع المهيب في القاعة في حد ذاته تعبير عن الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستحضار لقول القاضي عياض في كتابه الشفاء حول وجوب تعظيم المؤمن لما عظمه الله عز وجل، مؤكدا في كلمته أن هذا اللقاء لا يقتصر على احتفال تقليدي، بل يندرج في إطار مسارين متكاملين: أولهما، مشاركة عامة الناس في أمسيات المديح والسماع التي يزخر بها المغرب تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره وأيده، وثانيهما، البعد العلمي الذي يميز هذا الأسبوع من خلال المحاضرات والندوات الهادفة إلى إبراز معالم السيرة النبوية باعتبارها “سفينة نجاة، ومنهجا لبناء الحضارة والعمران وخدمة الإنسانية”، مشيرا إلى نقاش جمعه بعامل إقليم القنيطرة، خلصا فيه إلى ضرورة استحضار قيم “التبشير والتيسير” المستمدة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة في خطاب الوعظ والإرشاد، ودعا الأئمة والخطباء إلى استحضار الوجه الباسم والروح المتفائلة للرسول الكريم، الذي وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنه “كان بساما ضحاكا”، مشددا على حاجة الناس إلى خطاب ديني يبعث الأمل والسكينة، ويجعل من السيرة النبوية معينا لتربية النفوس وبناء القيم، واختتم رئيس المجلس العلمي المحلي كلمته بالدعاء أن يكون هذا الأسبوع المبارك صلة تربط الحاضرين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يفيض بنور السيرة العطرة على النفوس والقلوب.
كلمة رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة
في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للأسبوع السادس عشر للسيرة النبوية المشرفة، استهل الدكتور محمد أصبان، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة، خطابه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على الرسول الكريم، مؤكدا أن هذا اللقاء يشكل لحظة علمية وروحية متميزة، وفرصة لاستحضار معاني النور المحمدي الذي أشرق على الإنسانية جمعاء، بعد أن توجه بالشكر إلى رئيس المجلس العلمي المحلي بالقنيطرة على الدعوة، ورحب بالحضور من شخصيات مدنية، عسكرية، قضائية وعلمية، مشددا على أن الأمم الراقية هي التي تعتز بعظمائها، ولا عظيم يفوق مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي جاء للعالمين رحمة وهدى، ومولده كان فاتحة سعادة شملت الخلق أجمعين، واستشهد أصبان بآيات من القرآن الكريم تؤكد قرب الرسول من أمته وحرصه عليها، مبرزا أن بعثته أعادت للإنسانية توازنها، وملأت القلوب إيمانا والعقول حكمة، ونشرت في الكون قيم العدل والرحمة والسلام، وأضاف أن عظمة النبي تجلت في رفع اسمه مقرونا باسم الله عز وجل، وفي كونه “رحمة مهداة” للبشرية، لا لأمة بعينها، بل للناس كافة، وأوضح أن الفرح بذكرى مولده في جوهره تعبير عن الشكر لله على نعمة البعثة المحمدية، وتجسيد لمحبة الرسول وتعظيم مكانته، مستشهدا بقول الله تعالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا”، كما نقل عن الإمام العز بن عبد السلام قوله إن الفرح برسول الله قربة من القربات يثاب عليها المؤمن، وترتفع بها الدرجات، واختتم كلمته بالتأكيد على أن الاحتفاء بالسيرة النبوية ليس تظاهرة سنوية، بل مناسبة لتجديد الصلة برسول الرحمة، واستلهام معانيه في ترسيخ القيم الإيمانية والإنسانية التي تظل جوهر الرسالة المحمدية.
كلمة رئيس جامعة ابن طفيل بالنيابة
وفي كلمة رئيس جامعة ابن طفيل بالنيابة الدكتور محمد بن تهامي خلال الجلسة الافتتاحية للأسبوع السادس عشر للسيرة النبوية، عبر عن اعتزازه الكبير باحتضان جامعة ابن طفيل لهذا اللقاء العلمي والروحي المميز، الذي يستحضر ذكرى مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد استهل بن تهامي كلمته مرحبا بالحضور الوازن من ممثلي السلطات المدنية،العسكرية، الأمنية، القضائية والعلمية، مؤكدا أن اختيار موضوع هذه الدورة حول “التربية على القيم الإيجابية من خلال السيرة النبوية” يعكس الأبعاد العملية العميقة للإسلام، دين جاء ليترجم في كل تفاصيل الحياة اليومية: في البيت والمسجد، وفي السلم والحرب، وبمجال القضاء والسياسة والأخلاق، وثمن المتحدث البعد المجتمعي للتظاهرة، إذ لا يقتصر أثرها على فضاءات الجامعة، بل يمتد إلى مختلف مساجد الإقليم، ليصل إلى عموم المواطنين، في تكامل مع رسالة الجامعة التي تسعى إلى أن يكون عطاؤها العلمي والمعرفي في خدمة جميع فئات المجتمع، كما نوه باستمرارية تنظيم هذا الموعد في نسخته السادسة عشرة، معتبرا ذلك دليلا على نجاحه وقوة رسالته، معلنا استعداد الجامعة لمواكبته في دوراته المقبلة، وفي سياق حديثه، كشف بن تهامي عن مبادرة علمية جديدة، تتمثل في إحداث مركز أكاديمي خاص بالتأطير والبحث في قضايا الدين والفقه، مؤكدا أن جامعة ابن طفيل ستتكفل بتوفير المقر والتمويل اللازم لضمان إشعاع هذا المركز محليا وجهويا ووطنيا، وحتى عالميا، واختتم رئيس الجامعة بالنيابة كلمته بتوجيه الشكر لعامل إقليم القنيطرة وكافة مكونات الإقليم والجهة على دعمهم المتواصل لجامعة ابن طفيل، معبرا عن اعتزازه بأن تكون هذه أول كلمة له على رأس المؤسسة، متمنيا دوام التوفيق للمملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
محاضرة افتتاحية: الإيجابية في الإسلام
في محاضرته الافتتاحية ضمن فعاليات الأسبوع السادس عشر للسيرة النبوية بالقنيطرة، توقف مدير مديرية التتبع بالمجلس العلمي الأعلى السيد محسن أوكجيم، عند مفهوم الإيجابية في الإسلام، باعتبارها ركيزة أساسية في بناء شخصية المؤمن وسلوكه، وأوضح أن الأصل في الإنسان الإيجابية، لأنها تعبير عن التفاعل مع الكون وأحكام الشريعة والموجودات من حوله، في حين أن السلبية والعدمية ليست سوى مظاهر إنكار وجحود ابتدأها الشيطان حين أنكر خلق الله وفضله على الإنسان، وأضاف أن الله سبحانه وتعالى أراد للإنسان أن يظل إيجابيا، وأن يستلهم من أسمائه وصفاته معاني العدل والقسط والرحمة، ليكون مصدر خير ونفع للناس، وأوضح أوكجيم أن الفطرة الإنسانية قد تعترضها رغبات الأهواء والشهوات، لكن الوحي جاء ليعيد توجيهها ويرمم نقاءها، ويغرس في الإنسان دافعا روحيا دائما من خلال استحضار رقابة الله وجزائه، فالمؤمن الحق – على حد قوله – هو الذي يستشعر في كل قول وعمل وجود الله واطلاعه عليه، فيسعى جاهدا ليكون من أهل الرضا، يوقف نفسه عند أوامر الله ونواهيه، ويجعل حياته كلها في طاعة خالقه، واختتم المحاضر بالتأكيد على أن الله تعالى خلق الكون على الصلاح، والإنسان على الفطرة السليمة، ودعاه إلى أن يحيى بالصلاح ويترك أثرا صالحا بعد رحيله، ليذكر دائما بخيره، فإن الإيجابية في الإسلام ليست خيارا ثانويا، بل جوهر الانتماء إلى مقام العبودية لله، ومفتاح رضا الله ورضا الخلق.
تظاهرة علمية وروحية بالقنيطرة
لم تخل الجلسة الافتتاحية للأسبوع السادس عشر للسيرة النبوية بإقليم القنيطرة من نفحات فنية وروحية، حيث صدحت أصوات المديح والسماع بوصلات إنشادية أضفت على الفعالية أجواءا روحانية متميزة، ولم يقتصر هذا الموعد السنوي على الجلسة الافتتاحية، بل يمتد من 11 إلى 18 شتنبر الجاري ليشمل سلسلة محاضرات وندوات بمختلف مساجد الإقليم، موجهة لعموم المواطنين والمواطنات، في موضوع : “التربية على القيم الإيجانية من خلال السيرة النبوية”، تحت شعار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولايصبر على أذاهم” رواه الترمدي، وكما تتضمن الفعاليات أمسيات للمديح والسماع، في إطار محاولة لترسيخ الصلة بالجذور الروحية الأصيلة، وإبراز دور السيرة النبوية كمدرسة متجددة لتربية النفوس وبناء الأجيال، وبذلك يتحول الأسبوع إلى فضاء يجمع بين الفكر والعلم والفن الروحي، في تظاهرة دينية وثقافية تعكس مكانة السيرة النبوية في وجدان المغاربة، وتبرز تلاحم المؤسسات الدينية والأكاديمية مع محيطها المجتمعي في خدمة قيم الاعتدال والتربية الإيمانية، واختتمت فعاليات الأسبوع بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ولكافة أفراد الأسرة العلوية الشريفة.














