المغرب يعود دبلوماسيا إلى دمشق
أعلن وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، اليوم السبت في خطوة تفتح الباب أمام تحولات دبلوماسية لافتة في المشهد العربي، عن قرار المملكة المغربية إعادة فتح السفارة في العاصمة السورية دمشق، بعد أكثر من عقد على إغلاقها، وذلك خلال تمثيله للعاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس في القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في بغداد.
وفد مغربي رفيع في قمة بغداد
يضمّ الوفد المغربي المشارك في القمة العربية ببغداد تركيبة دبلوماسية رفيعة المستوى، عكست أهمية الحضور المغربي في هذا الاستحقاق العربي، السفير محمد آيت وعلي، المندوب الدائم للمملكة لدى جامعة الدول العربية، إلى جانب عبد الكريم بنسلام، القائم بأعمال السفارة المغربية في العراق، وأيضا عبد العالي الجاحظ، رئيس قسم المنظمات العربية والإسلامية بوزارة الشؤون الخارجية، وهشام ولد الصلاي، نائب المندوب المغربي في الجامعة العربية، بالإضافة إلى المستشار محمد نوري، ممثلا عن المندوبية الدائمة.
موقف ثابت واستراتيجي
لم يأت القرار المغربي من فراغ، بل يحمل في طياته أبعادا سياسية وإقليمية تتجاوز الطابع البروتوكولي المعتاد لمثل هذه الإعلانات، فقد شدد بوريطة في كلمته على أن الخطوة تعكس “موقف المغرب التاريخي والثابت في دعم تطلعات الشعب السوري للحرية والأمن والسيادة”، في إشارة واضحة إلى أن الرباط ترى في دمشق اليوم شريكا يمكن العودة إليه ضمن سياق عربي أكثر تصالحا، وأقل اصطفافا.
مقاربة براغماتية مغربية
إعادة فتح السفارة تتجاوز الإطار الرمزي، لتدل على مقاربة براغماتية جديدة تعتمدها السياسة الخارجية المغربية، في ظل متغيرات إقليمية متسارعة تعيد رسم خارطة التحالفات ومناطق النفوذ، وتبنى المغرب، مواقف معتدلة ومتزنة في قضايا المنطقة، يبدو الاستعداد لاستثمار حالة الانفتاح العربي على سوريا، والتي تجلت سابقا في عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، وامتدت إلى حراك اقتصادي وأمني على مستويات مختلفة.
رسائل مغربية لإحياء القضايا العربية
يمكن اعتبار الخطوة المغربية جزءا من دينامية عربية تسعى إلى تطويق الأزمات القديمة وفتح قنوات جديدة للتواصل، فإن الرسائل التي حملها بوريطة لم تقتصر على الملف السوري، فقد جاءت تصريحاته بشأن القضية الفلسطينية لتعيد التأكيد على مركزية هذا الملف في السياسة المغربية، حيث أدان الانتهاكات المستمرة في غزة، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات، مؤكدا دعم المغرب للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها.
المغرب في قلب التوازن العربي
تنعقد القمة العربية ببغداد، وسط ظروف إقليمية شديدة التعقيد، شكلت منصة مناسبة للمغرب لتأكيد موقعه كلاعب دبلوماسي يسعى إلى بناء التوازن، وتفعيل أدوات الحوار في منطقة تعاني من أزمات مستدامة.
الرباط تعيد تموقعها
لا يمكن في النهاية فصل قرار الرباط بإعادة فتح سفارته في دمشق عن مشهد إقليمي يتجه تدريجيا نحو تطبيع محسوب للعلاقات مع سوريا، غير أن ما يميز الموقف المغربي هو توازنه بين المبدأ السياسي والمصلحة الاستراتيجية، معادلة نادرا ما تتحقق في دبلوماسية المنطقة.














