غياب برمجة المشاريع الكبرى بإقليم
خريبكة: سعيد العيدي
انعقدت الدورة العادية لشهر يوليوز من السنة الجارية، بمدينة خنيفرة، حيث صادق مجلس جهة بني ملال-خنيفرة على مجموعة من المشاريع التنموية المتنوعة، شملت قطاعات متعددة ضمن مسار تفعيل برنامج التنمية الجهوية 2022-2027، غير أن هذه الدينامية التنموية، التي اتسمت بغنى المبادرات، لم تشمل إقليم خريبكة، الذي غاب اسمه بشكل شبه كلي عن لائحة المناطق المستفيدة، ما فجر موجة من التساؤلات والاستياء بشأن موقع هذا الإقليم في خارطة الأولويات الجهوية، وجدية الالتزام بمبدأ العدالة المجالية داخل تراب الجهة.
إقليم غني بالموارد فقير في المشاريع
جاء غياب إقليم خريبكة عن لائحة المستفيدين من المشاريع التنموية التي صادق عليها مجلس جهة بني ملال-خنيفرة لافتًا ومثيرا للاستغراب، خاصة في ظل استبعاده من مشاريع استراتيجية كان من شأنها أن تساهم في رفع مؤشرات التنمية المحلية، كالمسبح الأولمبي، وكلية الطب، ودار الصحافة. هذا الإقصاء لم يكن حالة معزولة، بل يندرج ضمن مسلسل من التهميش الممنهج، تجلى سابقًا في استبعاد الإقليم من خارطة الكليات والمعاهد والمدارس العليا، في مقابل تركيز كثيف للمشاريع الكبرى بمدينة بني ملال، عاصمة الجهة، رغم تنوع المشاريع المدرجة في الدورة الأخيرة وشمولها لقطاعات البنية التحتية، الفلاحة، البيئة، الاقتصاد، التعليم، والثقافة، إلا أن حضور خريبكة اقتصر على إدراج مشروع وحيد يتعلق بإنشاء منطقة تسريع صناعي بشراكة مع مستثمر صيني، مشروع لا يزال في طور التصريحات والمخططات النظرية، دون خطوات تنفيذية واضحة، بالرغم من الزيارات الرسمية المتكررة التي رافقته، ما يزيد من الشكوك حول مصداقية التوجه التنموي الجهوي تجاه هذا الإقليم الغني بثرواته والفقير بمشاريعه.
خريبكة ركيزة اقتصادية
يثير هذا الواقع تساؤلات عميقة حول مدى جدية السياسات الجهوية في إرساء مبدأ العدالة المجالية داخل جهة بني ملال-خنيفرة، حيث يظل إقليم خريبكة، رغم مكانته الاستراتيجية كمركز للفوسفاط وركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، يعاني من هشاشة تنموية واضحة وضعف في البنيات التحتية الأساسية. ويزداد هذا الوضع تأزمًا في ظل صمت ممثليه داخل المجلس الجهوي، الذين يفترض أن يكونوا حماة مصالحه التنموية والمدافع الأول عن حقوقه في الاستفادة من المشاريع الجهوية، يشير متابعون إلى مفارقة لافتة في توزيع الاستثمارات، حيث تحظى بني ملال، عاصمة الجهة، بحصة الأسد من المشاريع الكبرى، مقابل تراجع واضح في حجم المبادرات الموجهة لباقي الأقاليم، وعلى رأسها خريبكة، هذا التفاوت الصارخ يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام الجهة لتوصيات المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي شددت على ضرورة إرساء التوازن بين الأقاليم وضمان توزيع عادل للموارد والمشاريع في إطار تنمية منصفة ومستدامة.
تساؤلات حول استمرار اختلال التنمية الجهوية
يتصاعد في أوساط الرأي العام المحلي بمدينة خريبكة شعور متزايد بالتهميش، يتجسد في تساؤلات جوهرية حول جدوى السياسات الجهوية ومدى التزامها بخدمة التنمية الشاملة والمتوازنة، إذ يتساءل كثيرون عما إذا كانت جهة بني ملال-خنيفرة، تترجم ذلك إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، تراعي حاجيات مختلف الأقاليم، وفي مقدمتها خريبكة، ويطرح المتتبعون علامات استفهام حول ما إذا كانت المشاريع المعتمدة تخدم فعلا تطلعات ساكنة الجهة، أم أنها تصب في خدمة مركز القرار الجهوي فقط، بما يعيد إنتاج نفس الاختلالات التنموية القديمة، كما يتجدد السؤال الأهم: هل ستظل خريبكة رقما مهملا في معادلة التنمية الجهوية، أم أن الوقت قد حان لتصحيح هذا المسار وضمان تمثيلية عادلة ومنصفة لهذا الإقليم الذي ظل لعقود خارج دائرة الاهتمام الفعلي؟، يبقى الأمل قائما في اختتام الدورة على أعضاء المجلس الجهوي بروح المسؤولية التاريخية والأخلاقية، وأن يرتقوا إلى مستوى انتظارات المواطنين، وتوجيهه لمشاريع عادلة ومستدامة، تحقق تنمية منصفة وشاملة لكل أقاليم الجهة، بما في ذلك خريبكة، التي لا تزال تنتظر إنصافا طال غيابه.
مشاريع بالجملة واستثناءات تثير التساؤل
في ما يلي أبرز المشاريع التي صادق عليها مجلس جهة بني ملال-خنيفرة خلال دورته العادية لشهر يوليوز 2025، موزعة حسب المجالات والمناطق المستفيدة، في إطار تنزيل برنامج التنمية الجهوية 2022-2027:
1_أولا – البنيات التحتية والنقل:
تأهيل مداخل مدينة الفقيه بن صالح.
تعبيد وتهيئة طرق ومسالك بكل من جماعتي تيزي نسلي وأحد بوموسى.
تطوير النقل الحضري بين الجماعات، في إطار شراكة وطنية لدعم التنقل داخل المجال القروي وشبه الحضري.
2_ثانيا – البيئة ومعالجة المياه:
مشروع إعادة استعمال المياه العادمة بمدينة مريرت.
إنجاز شبكات للتطهير السائل لفائدة ساكنة دواوير جماعة سيدي حمادي.
مشروع مماثل بجماعة أجلموس بإقليم خنيفرة لتحسين جودة الخدمات البيئية والصحية.
3_ثالثا – الفلاحة والموارد المائية:
إحداث مستودعات لتبريد اللحوم بعدد من الجماعات القروية بإقليم خنيفرة لتعزيز سلاسل التوزيع الفلاحي.
تمويل عمليات نزع الملكية لعقارات مخصصة لبناء سدود تلية وصغرى بمجموعة من الجماعات، من بينها: فم أودي، بني عياط، سمكت، حد بوحسوسن، مولاي بوعزة، شكران، تنانت، وأولى.
4_رابعا – الاقتصاد والتشغيل:
إحداث منطقة للأنشطة الاقتصادية بمدينة مريرت لتشجيع الاستثمار المحلي.
إطلاق منصة لتثمين وتسويق المنتوجات المجالية بمركز بنخليل بخنيفرة.
إدراج مشروع إنشاء منطقة تسريع صناعي بخريبكة، في شراكة مرتقبة مع مستثمر صيني، غير أن المشروع لا يزال في طور الدراسة ولم تبدأ بعد أشغال التنفيذ.
5_خامسا – الثقافة والتعليم:
ترميم المدينة العتيقة بخنيفرة ضمن برنامج تأهيل التراث العمراني والتاريخي.
بناء وتجهيز كلية الطب والصيدلة بمدينة بني ملال لتعزيز العرض الجامعي بالجهة.
إحداث مركز للبحث والتطوير بمدينة الفقيه بن صالح.
برمجة مشاريع ثقافية ورياضية كبرى بمدينة بني ملال، تشمل المسرح الجهوي، المعهد الموسيقي، المسبح الأولمبي، والقاعة المغطاة متعددة التخصصات.
6_سادسا – الطاقة والتنمية المجالية:
إنجاز مشاريع للإنارة العمومية بالطاقة الشمسية بعدد من الجماعات القروية، من بينها أفورار، تيموليلت، بني عياط، أيت امحمد، وأكودي الخير، بهدف دعم التنمية المستدامة وتقليص كلفة الطاقة.
تعكس هذه المشاريع تنوعا في القطاعات، لكنها في الوقت ذاته تبرز تفاوتا واضحا في التوزيع المجالي، حيث نالت بعض الأقاليم حصة الأسد، بينما بقيت أخرى، وعلى رأسها خريبكة، على هامش الاستفادة الفعلية من الدينامية التنموية الجهوية.














