مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية

Nov 18, 2025 /

مجلس النواب يصادق على مشروع

صادق مجلس النواب، يوم الثلاثاء، بالأغلبية على مشروع القانون رقم 03.23 القاضي بتعديل وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، وذلك في إطار القراءة الثانية. وقد حظي المشروع بموافقة 47 نائبا، في المقابل عرضه 15 نائبا، دون أي امتناع، ما يعكس تباينا واضحا في الرؤى داخل المؤسسة التشريعية بشأن مضامين التعديلات المقترحة، التي أثارت نقاشا سياسيا حادا بين الفرق البرلمانية حول موازنة المشروع بين مقتضيات العدالة وحقوق الأفراد.

حماية الملكية في مساطر الحجز
تأتي مصادقة مجلس النواب على النص المعدل عقب سلسلة من التعديلات الجوهرية التي بادر بها مجلس المستشارين، والتي شكلت محور نقاش عميق داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، اعتبرت اللجنة أن هذه المراجعات لا تندرج فقط في إطار الصياغة التقنية، بل تعكس توجها نوعيا لترسيخ الانسجام التشريعي والرفع من منسوب الحماية القانونية للحقوق الفردية، ومن أبرز هذه التعديلات، التنصيص على استثناء الأصول غير المرتبطة بالفعل الجرمي منها الأجور، المعاشات، والتركات السابقة لتاريخ وقوع الجريمة من مساطر الحجز وتجميد الممتلكات، ما يؤشر على حرص المشرع على إرساء توازن دقيق بين الصرامة القانونية في مكافحة الجريمة، وبين صون الملكية الفردية وضمان عدم المساس بحقوق الأبرياء أو الأشخاص غير المعنيين مباشرة بالملاحقة.

ترشيد الإكراه واعتماد المقاربة العادلة
أعادت التعديلات رسم الإطار الإجرائي لمسطرة الإكراه البدني، بإلغاء شرط الإنذار المسبق الذي كان يعتبر خطوة أولى إلزامية، واعتماد آلية رقمية عبر منصة إلكترونية لنشر البيانات المرتبطة ببدء عملية التحصيل، لم تأت هذه الرقمنة منفصلة عن روح الإصلاح، بل ترافقت مع مراجعة في شروط تطبيق المسطرة نفسها، إذ تم رفع الحد الأدنى لسن الخضوع لها من 18 إلى 20 سنة، مع استثناء الديون التي تقل عن 8000 درهم، في اعتراف ضمني بأن اللجوء إلى الإكراه في هذه الحالات قد يكون مجحفا وغير متناسب مع طبيعة المخالفة أو قدرة الفرد على الأداء، تؤكدالتعديلات الجديدة بهذا المنظور توجه المشرع ترشيد أدوات الإكراه القانوني، وربطها بمقاربة أكثر عدالة وإنصافا، تنأى عن الطابع العقابي الأوتوماتيكي، لصالح مقاربة مرنة تراعي الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية للأفراد المعنيين.

رقمنة الإشعارات وتخفيف العقوبات للأحداث
يعكس تحديث منظومة العدالة الجنائية توجها مؤسساتيا، حيث تم إلغاء مسطرة الإعلان عن المتهمين الغائبين عبر الإذاعة الوطنية أو الوسائط السمعية البصرية، ليتم تعويضها بمنصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض، لايقتصر هذا التغيير على الجانب التقني، بل يحمل دلالة سياسية وقانونية على انخراط المشرع في رقمنة المساطر القضائية، بما يضمن سرعة التبليغ وفعاليته، مع تقليص هامش التشهير غير الضروري، جاءت هذه التعديلات في منحى مواز، متعلقة بالمحكومين من فئة الأحداث ببعد إنساني واضح، حيث تم التنصيص بموجب المادة 632.7 على مضاعفة مدة الاستفادة من التخفيض التلقائي للعقوبة، تؤشر هذه الخطوة على إرادة تشريعية في تقوية فرص إعادة الإدماج الاجتماعي للقاصرين، والتقليل من تبعات العقوبات السالبة للحرية التي قد تؤثر سلبا على مساراتهم النفسية والسلوكية، بذلك يترجم النص المعدل برؤية أكثر توازنا بين الردع والعناية، تراعي خصوصية الفئات الهشة وتؤسس لعدالة أكثر عدلا.

إجراءات تحت سقف زمني
أقرّ المشرّع في سياق مراجعة دقيقة للإجراءات ذات الطابع الأمني، تقليص مدة التحقيق من الهوية لتصبح محددة في أربعة ساعات فقط تحتسب انطلاقا من لحظة الإيقاف، مع إمكانية تمديدها لأربعة ساعات إضافية بناءا على إذن من النيابة العامة، يأتي هذا التعديل لينهي العمل بالمهلة السابقة التي كانت تبلغ ستة ساعات، في خطوة تعكس توجها واضحا نحو ترشيد استعمال السلطة الأمنية وتعزيز رقابتها القضائية، يعد هذا التعديل جزءا من مقاربة تشريعية متدرجة تهدف إلى إرساء توازن دقيق بين متطلبات الفعالية الجنائية من جهة، وضمان الحقوق الفردية وصون الحريات من جهة أخرى، خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها المغرب على المستويين المؤسساتي والرقمي، يراهن المشرع، من خلال هذا النوع من الضبط الزمني والإجرائي، على إعادة صياغة العلاقة بين السلطة العامة والمواطن، بما يكرس احترام القانون دون المساس بجوهر الكرامة الإنسانية.

شروط النشر:

يُرجى الالتزام بأسلوب محترم في التعليقات، والامتناع عن أي إساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات.
يُمنع تمامًا توجيه أي عبارات تمسّ الأديان أو الذات الإلهية، كما يُحظر التحريض العنصري أو استخدام الألفاظ النابية.

الأخبار 24 جريدة إلكترونية مغربية شاملة تتجدد على مدار الساعة ، تقدم أخبار دقيقة وموثوقة.
    نعتمد على إعداد محتوياتنا بالتحري الجاد والالتزام التام بأخلاقيات مهنة الصحافة المتعارف عليها دولياً، مما يضمن جودة الخبر ومصداقيته.

قلق دولي من تداخل الأنشطة الإرهابية أفاد دبلوماسي أوروبي مقيم…
×
Verified by MonsterInsights