العلاقات المغربية المالية تثير قلق الأجهزة الجزائرية بسبب التقارب مع دول الساحل

العلاقات المغربية المالية تثير قلق الأجهزة الجزائرية بسبب التقارب مع دول الساحل


العلاقات المغربية المالية تثير قلق الأجهزة الجزائرية

تشهد العلاقات المغربية مع دول الساحل تطورًا سريعًا خلال الفترة الأخيرة، وذلك نتيجة رغبة المملكة في توسيع نطاق تواجدها في القارة الإفريقية، من خلال مبادرة تهدف إلى ربط الدول الساحلية بالمحيط الأطلسي.

وقد بدأ التقارب بين المغرب ودول الساحل، وخاصة دولة مالي، التي أثرت قلقًا للجارة الشرقية، اعتبرها تهديدًا لأمنها واستقرارها، حسبما كشف عنه تقرير استخباراتي جزائري. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “مغرب إنتلجنس”، يحذر قصر المرادية من التقارب المغربي المالي، مشيرًا إلى أن مبادرة الأطلسي تزيد من المخاوف لدى الأجهزة الجزائرية.

هذه المعطيات تطرح تساؤلات حول الأسباب وراء هذا التخوف، وكيف يؤثر انفتاح المغرب على عمقه الإفريقي على المصالح الجزائرية في دول الساحل.

وبالنظر إلى هذه التساؤلات، يتبين أن مالي والجزائر لديهما حدود مشتركة، وتشهد هذه الحدود بعض المشاكل نتيجة احتجاجات محلية، وقد أثرت المحاولة الأخيرة للتدخل الجزائري في القضية المتعلقة بأزواد ومالي سلبًا على العلاقات بين البلدين، وأعربت مالي عن استياءها واعتبرت ذلك تدخلاً صريحًا في شؤونها الداخلية.

ما جعل الصراع القائم بين المغرب والجزائر تقارب بين المغرب ومالي ،ما يشكل خطوة لاحتواء الجزائر وتقييدها من الجنوب، ويعزز التواجد المغربي في دول الساحل، وخصوصًا بعد انحسار التأثير الفرنسي في المنطقة. وبفضل الدبلوماسية المغربية التي تتسم بعدم التدخل والمساعدة في حل المشاكل دون المساس بسيادة أو التدخل في شؤون أي طرف، تمكن المغرب من تعزيز وجوده القوي في المنطقة، وهو أمر ذو أهمية كبيرة بالنسبة لدول الساحل.

وأصبحت المبادرة الأطلسية الأخيرة تشكل خطرًا على مصالح الجزائر، وتهديدًا يثير مخاوف من تتعزيز النفوذ المغربي في المنطقة. يعتبر الجزائر التدخل المغربي في مالي ودول الساحل بمثابة انتهاك لمجالسة الجزائر في هذه المنطقة، ويعتبر ذلك تهديدًا للأمن الجزائري واستقرارها.

من جانبها، ترى المملكة المغربية أن توسيع نفوذها في القارة الإفريقية يعزز مكانتها الإقليمية ويعود بالفائدة على الاقتصاد المغربي والتعاون الاقتصادي والأمني مع دول الساحل. تسعى المبادرة الأطلسية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمار في البنية التحتية وتعزيز الروابط التجارية بين المغرب ودول الساحل، مما يعزز التنمية الاقتصادية ويعمق العلاقات الثنائية.

من المهم أن نفهم أن هذا التوتر القائم بين المغرب والجزائر يعود إلى الصراعات التاريخية والمصالح المتنازع عليها في المنطقة. وفي ضوء التطورات الأخيرة، يتعين على الدولتين السعي إلى تهدئة التوترات والعمل على تعزيز التعاون والتفاهم المشترك من أجل الاستقرار والتنمية في المنطقة.

مع ذلك، يجب أن يتم تعزيز الحوار والتفاهم بين المغرب والجزائر، وتبادل الرؤى والمصالح المشتركة، بهدف بناء علاقات مستدامة ومفيدة للجانبين وللمنطقة بأكملها. يمكن أن يساهم التعاون الإقليمي في تعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة في القارة الإفريقية.

٢ العلاقات المغربية المالية واقع مبني على التاريخ والثقافة

تعد العلاقات المغربية المالية علاقاتٍ تاريخيةٍ قائمةٍ على أسسٍ مترابطة، وهي لا تتأثر بالديناميكية التي تحكم القرارات السيادية في السياسة الخارجية للجهات المالية المختلفة. وبالتالي، فإن الخلاف الدبلوماسي الحاصل بين باماكو والجزائر لا يُعَدُّ فرصةً للمغرب، على الرغم من المخاوف التي تراود الجزائر وتُروِّجها مؤسساتها.

تتميز المملكة المغربية بوجود علاقاتٍ تاريخيةٍ وروحيةٍ تجمعها بدولة مالي. ومن الضروري التشديد على أن التضليل الذي تسعى المؤسسات الجزائرية لنشره لا يعكس الواقع السياسي للمغرب، حيث تسعى الرباط للاستفادة من الخلافات السياسية بين القادة في باماكو ونظرائهم في الجزائر لتحقيق أهداف جيوسياسية، ولكن هذا لا يتناسب مع السياسة المغربية في العلاقات الإقليمية والإفريقية. فالمغرب يتمسك بمبادئ وقيم مسؤولة توجه علاقاته، ويديرها من خلال مؤسساتٍ ملتزمة بأخلاقيات العمل السياسي والدبلوماسي.

تُعَدُّ العلاقات المغربية المالية جزءًا من مسار سياسيٍ مبنيٍ على أسسٍ مترابطة. ويعتمد المغرب على هذه العلاقات كجزءٍ من رؤيته الاستراتيجية للتكامل الإفريقي والتواصل مع العمق الإفريقي، بهدف تعزيز مصالح المغرب في القارة وبناء طموح إفريقي يستجيب لتطلعات الشعبين المغربي والمالي.

لا يمكن الحديث عن تقارب مالي مغربي في ظل الأزمة الحالية بين الجزائر ومالي. فالعلاقات المغربية المالية لم تعتمد أبدًا على النزاعات الإقليمية لتعزيزها، ولا تنتظر الخلافات الدبلوماسية لتعزيز وجودها. ببساطة، تُبنَى العلاقات على تاريخٍ طويلٍ وتجسد مسارًا سياسيًا وثقافيًا قويًا.

لم تؤثر العلاقات المغربية المالية يومًا على العلاقات الثنائية لمالي مع جيرمحيطها الإقليمي، وبالتالي لا يمكن القول بأن هناك تأثيرًا سلبيًا للرباط على المصالح الجزائرية فيما يتعلق بعلاقاتها المتوترة مع باماكو. ويُعتبر الادعاءات التي تصدر عن المؤسسات الجزائرية هدفًا لتضليل الشعب الجزائري وزرع الفتنة في القارة الإفريقية والتأثير على المصالح المغربية.

علاوةً على ذلك، فإن الدبلوماسية المغربية لم تعتمد يومًا على استغلال الأوضاع الغامضة كنهجٍ سياسيٍ لإدارة سياستها الخارجية أو تحديد خارطة طريقها الدبلوماسية. فالدبلوماسية المغربية تستند إلى تاريخٍ عريقٍ يحترم مستقبل الشعوب ويؤمن بالمؤسساتية كنهجيةٍ في العمل الدبلوماسي، مع احترام القانون والحقوق والأعراف الدولية كمعيار لإدارة العلاقات الدولية.

باختصار، العلاقات المالية المغربية تتمتع بأصولٍ تاريخيةٍ وثقافيةٍ قوية، وتعتمد على مؤسساتٍ ملتزمة وقيمٍ أخلاقيةٍ سامية. وبالتالي، فإنه من الغير واقعي القول بأنها تتأثر بالتوترات السياسية الراهنة أو تستغلها.

 


تحقق أيضا

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد الأمن المائي

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد الأمن المائي والطاقي والنهوض بالصناعة الوطنية

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد حكيمة القرقوري أكد رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال جلسة اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *