مليكة بوخاري
فرنسا تسعى كتابة فصل جديد مع المغرب
تستعد فرنسا، بتوجيه من الرئيس إيمانويل ماكرون، لكتابة فصل جديد في العلاقات مع المغرب، و تولى وزير الخارجية الجديد “ستيفان سيجورني“، هذه المهمة، على الرغم من ماضيه السلبي في البرلمان الأوروبي،وقد تسارعت الأحداث بعد تصريحات سيجورني الإيجابية تجاه المغرب، حيث تساءل النائب الفرنسي “تييري مارياني” عما إذا كان سيعترف بمغربية الصحراء ويعتذر عن ماضيه السيء مع المملكة.
تلك التصريحات أعطت أملًا للمراقبين في العلاقات الفرنسية المغربية بفتح فصل جديد في العلاقات وعودة فرنسا إلى الحضن الإفريقي.
وأكد سيجورني دعم فرنسا الواقعي لمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمغرب منذ إعلانها سنة 2007 ، ويدرك الفرنسيون أهمية الصحراء للمغرب وأنها تعتبر حلقة اقتصادية بين الرباط ودول العالم والقارة الإفريقية، وترى فرنسا في ذلك فرصة استراتيجية للعودة إلى القارة السمراء التي ارتبطت بها تاريخيًا.
تشير المؤشرات إلى أن فرنسا تريد استعادة تواجدها في إفريقيا وذلك بتعزيز الروابط مع المغرب، كما تعتبر الأقاليم الجنوبية المغربية مفتاحًا لتحقيق ذلك. ومن المحتمل دفع باريس نحو الاعتراف بمغربية الصحراء وتبني موقفًا واضحًا في هذا الشأن، ومن الواضح أن فرنسا لم تحقق أي تقدم في تحسين العلاقات مع المغرب في الماضي، وبالتالي لا يمكنها أن تستفيد من دعم المغرب في العودة إلى إفريقيا إذا لم تتبنى موقفًا واضحًا تجاه قضية الصحراء.
تعيين سيجورني وزيرًا للخارجية يعتبر إشارة سلبية للرباط، ولكن باريس تسعى جاهدة لتغيير ذلك وتعزيز العلاقات مع المغرب، فرنسا ترغب في تطوير العلاقات الاستراتيجية مع المغرب وتجنب تكرار سيناريو الساحل الإفريقي الذي يراها الفرنسيون على أنها مستعمراتهم وممتلكاتهم.
العودة المتوقعة للعلاقات الفرنسية المغربية
تبدو الأمور في طريقها للتحسن بين فرنسا والمغرب، في الوقت الحالي عن تحول جدي في الموقف الفرنسي، إذ يبدو أن العلاقات بين البلدين سابقا وصلت إلى طريق مسدود بسبب الرئيس الفرنسي والمنظار المغربي، وفي ظل هذا الموقف، لم يكن هناك سوى خيارين: إما العودة إلى الوضع السابق أو إغلاق أي باب للتسوية القابلة للتحقيق، وهذا سيكون له تأثير سلبي على مصالح البلدين.
لكن يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وصل إلى قناعة بضرورة تغيير موقف باريس من القضية المثيرة للجدل المتعلقة بالصحراء المغربية، وقد اتخذ ماكرون مقاربة جديدة تتضمن الاستجابة الكاملة للمطالب المغربية.
هذا التحول يعكس الدينامية الحالية في العلاقات بين البلدين، حيث لا يمكن تصور وجود ركود كامل ومستمر، والتسوية السلمية تكاد تكون مستحيلة بدون تغيير فرنسي في الموقف المتعلق بالقضية الرئيسية للمغرب.
وبالنسبة للتشكيكات التي طرحتها بعض الأوساط الفرنسية في تصريحات سيجورني، يجب أن نعتبرها أمرًا طبيعيا بناءً على ماضيه السياسي في البرلمان الأوروبي، ولكن ينبغي أن ننظر إلى هذا الموضوع بمنظور أوسع ونركز على ما يفعله الرئيس ماكرون كونه المسؤول الرئيسي عن السياسة الخارجية.
وبالنسبة للمغرب، فإنه يحظى بدعم دولي مستمر لقضية الحكم الذاتي، ولا يمكن لفرنسا تجاهل التوجه العالمي الحالي ،وقد حان الوقت لتجاوز الخسائر التي لحقت العلاقات بين البلدين منذ فترة التوتر.