الانتهاكات في زمن الانتخابات
في الآونة الأخيرة، أقدمت النظام العسكري الجزائري على اتخاذ إجراءات صارمة ضد مدن وقرى جمهورية القبائل، تحت ذريعة الحفاظ على النظام والأمن، وذلك تزامنا مع الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الرئيس عبد المجيد تبون، المدعوم من الجيش، على ولاية ثانية، وتشير التوقعات أن فوز تبون يبدو محسوما لصالحه، مما يثير تساؤلات حول الأساليب المستخدمة لضمان ذلك.
تصعيد أمني غير مسبوق
تشير التقارير أن المدن الرئيسية بجمهورية القبائل شهدت انتشارا مكثفا لعناصر الأمن والمخابرات، حيث تم فرض حظر للتجوال وتقييد الاتصالات وقطع الإنترنت، تأتي هذه الإجراءات في سياق حملة اعتقالات واسعة ضد النشطاء القبايليين، مما يعكس مساعي النظام لخلق حالة من الرعب والخوف من “المؤامرات الخارجية”، وهو ما برر به هذا النظام لإعتقال عدد من الأفراد بتهمة التجسس.
استهداف الشخصيات السياسية
شملت الحملة اعتقالات لشخصيات سياسية بارزة، “علي بلحاج“، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ونجله “عبد الفتاح بلحاج “وقد أدانت منظمة شعاع لحقوق الإنسان، من مقرها بلندن، هذه الانتهاكات، مشيرة أنها تتعارض مع الدستور والمواثيق الدولية، تبدو هذه الاعتقالات محاولة للضغط على المعارضين وإسكاتهم.
الاحتجاجات والضغط على السكان
عبرت حركة استقلال منطقة القبائل، المعروفة اختصارا بـ”ماك“، عن استنكارها للضغوط التي تمارس على السكان، بما في ذلك الأطفال، وقد أُرسل النظام قوات عسكرية كبيرة إلى شوارع تيزي وزو وبجاية لقمع الاحتجاجات، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة.
القمع والحرمان من الحقوق
وفي تصريح له، أكد “فرحوح حنفي“، الوزير الأول في حكومة القبائل المؤقتة، أن الشعب القبائلي يتعرض لقمع غير مسبوق، حيث لا يزال مئات الناشطين السياسيين رهن الاعتقال بتهمة الانتماء العرقي، بينما يُمنع العديد من القبائليين مغادرة البلاد، وكذلك معاناة العديد من أفراد الجالية بالخارج من فقدان الجنسية، مما يعكس حجم الأزمة.
الدعوة إلى الاستقلال
تأتي هذه الأحداث في وقت حساس، حيث تم الإعلان عن ميلاد دولة مستقلة تجمع شمل القبايليين، وقد نبهت “الرابطة القبائلية لحقوق الإنسان” الرأي العام الدولي إلى هذه التطورات، خاصة بعد إعلان رئيس الحركة تقرير مصير بلاد القبائل عن تأسيس الدولة القبائلية مجددا.
غياب المعارضة
أشار الناشط الجزائري المعارض “شوقي بن زهرة“، أن الوضع الحقوقي بالجزائر بلغ أسوأ مراحله منذ السبعينيات، حيث غابت أصوات المعارضة بسبب القمع، وأصبح التعبير عن الرأي محظورا، مما يعكس قمعا واسعا ضد أي انتقاد للنظام.
نهج جديد للنظام
رغم كل هذه الضغوط التي تمار على الشعب القبائلي ، أن النظام الجزائري يتبنى نهجا جديدا، حيث يقدم “إغراءات” لتخفيف من حدة التوتر، تهدف هذه الخطوة إلى ضمان فترة رئاسية هادئة لتبون، حيث يُعتبر الشعب القبائلي من بين الحركات الاحتجاجية الأكثر تحديًا للنظام، فالوضع بجمهورية القبائل يعكس تصاعدا في القمع السياسي ومحاولات لإسكات الأصوات المعارضة، مما يثير القلق بشأن مستقبل حقوق الإنسان في الجزائر، ويبقى السؤال مع اقتراب الانتخابات، حول مدى قدرة النظام العسكري على السيطرة على الوضع المتفجر في المنطقة.