تجنيد الأطفال بمخيمات تندوف
مليكة بوخاري
يساءل مركز التفكير الكندي “بوليسانس”، الذي يتخذ من أوتاوا مقرا له، منظمة الأمم المتحدة بشأن مصير الأطفال الجنود بمعسكرات تندوف،وأكد المركز أن تجنيد هؤلاء الأطفال من قبل مليشيات “البوليساريو” يعد “جريمة حرب”. وفي رسالة موجهة إلى “فيرجينيا غامبا”، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، أشار مدير المركز، عبد القادر الفيلالي، إلى وجود عملية تجنيد ممنهجة للأطفال على أيدي مرتزقة “البوليساريو”.
زيارة دي ميستورا واستقباله من الأطفال الجنود
ذكر المركز أن المبعوث الشخصي للأمين العام، ستيفان دي ميستورا، استقبل من الأطفال الجنود المفترض وجودهم في المدارس خلال زيارته لمخيمات تندوف، وقد عبر المركز عن استيائه من الاستعراضات العسكرية التي تمت بمناسبة هذه الزيارة، حيث أظهرت مقاطع شريط فيديو صورا صادمة لأطفال يرتدون زيا عسكريا، مما يعد دليلا قاطعا على تجنيد “البوليساريو” للأطفال في تحد صارخ للقانون الدولي، محملا المجتمع الدولي مسؤولية السكوت عن هذا الاستغلال البشع، رغم الحماية التي يوفرها القانون الدولي للأطفال في النزاعات المسلحة، تستمر البوليساريو في فصل الأطفال عن عائلاتهم، مما يعرضهم لخطر القتل والتشويه والاعتداء الجنسي، هذا الاستغلال يُعد انتهاكا واضحاً للمعاهدات الدولية.
مخاوف المجتمع من انتهاكات حقوق الأطفال
أشار المركز إلى أن منظمات المجتمع المدني قد أعربت منذ سنوات عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الأطفال، وذكر بأن تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة يتعارض مع اتفاقيات الأمم المتحدة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويعتبر “جريمة دولية” و”عملا غير إنساني”. وقد امتدت هذه الظاهرة منذ سنة 1982، عندما تم انتزاع الأطفال من آبائهم بمخيمات تندوف وإرسالهم قسرا إلى كوبا.
نشر قائمة بالمنتهكين لحماية للأطفال
في ختام رسالته، دعا مركز “بوليسانس” إلى نشر قائمة كاملة بمرتكبي الانتهاكات في تندوف، وأكد على الحاجة لأداة قوية وفعالة لتعزيز حماية الأطفال في النزاعات المسلحة ومحاسبة المنتهكين، هذه الخطوة تعتبر ضرورية لضمان حقوق الأطفال وتفادي تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.
استفسارعن مصير الأطفال الجنود
على مدى ربع قرن، بذلت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية جهودا مضنية لتحرير نحو 170 ألف طفل من براثن الجماعات المسلحة في المناطق المتوترة، رغم هذه الجهود، تواصل مليشيات البوليساريو، بدعم من صنيعتها الجزائر، تجنيد الأطفال القاصرين بشكل علني، هذا التجنيد يتجاهل جميع المواثيق الدولية التي تحظر هذه الممارسات، وتهدف إلى بناء “جيش” يغذيه الكراهية تجاه المغرب.
تجنيد الأطفال القاصرين
تعلن جماعة البوليساريو بشكل متكرر عن تخريج دفعات جديدة من المجندين، معظمهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما، يُجبر هؤلاء الأطفال على حمل السلاح والتدريب على استخدام الذخيرة الحية في ظروف قاسية ومعزولة عن العالم الخارجي، وقد حذرت تقارير أممية عديدة من خطورة عمليات التجنيد هذه في مخيمات تندوف، حيث قام المغرب بإثارة هذه القضية في المحافل الدولية، مقدما أدلة تثبت هذه الانتهاكات، بهدف الضغط على المجتمع الدولي لتحرير هؤلاء الأطفال.
## إحداث مركز دولي لمكافحة تجنيد الأطفال
استشعارا منه بخطورة تجنيد الأطفال، أسس المغرب مركزا دوليا للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال بالداخلة في 31 مارس 2022، هذا المركز يمثل خطوة مهمة لفضح الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها البوليساريو، ويؤكد المغرب على الالتزام بحماية حقوق الأطفال، إن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في شمال إفريقيا ودول الساحل، مما يشكل تهديدا للأمن الإقليمي.
تحديات الرقابة الدولية بتندوف
تعد مراكز تجنيد الأطفال في تندوف، التي ترعاها الجزائر، واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الأمم المتحدة، بغلق العديد من هذه المراكز ويتم منع الوصول إليها، مما يثير تساؤلات حول فعالية الرقابة الدولية على هذه الانتهاكات، هل تراقب الأمم المتحدة عن كثب ما يحدث في هذه المخيمات؟ وهل تسعى فعلا لإجبار الجزائر على الالتزام بالقرارات الأممية المتعلقة بتجنيد الأطفال؟
تجنيد الأطفال جريمة ضد الإنسانية
تجميع الأطفال في مراكز عسكرية وتجنيدهم يمثل جريمة ضد الإنسانية وانتهاكا صارخا لحقوق الأطفال، فالمغرب ملتزم تماما بالشرعية الدولية، حيث صادق في 22 مايو 2002 على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن تجنيد الأطفال، ويعمل على تنفيذ مقتضياته بشكل كامل، هذا الالتزام يبرز الفجوة بين المبادئ الدولية والممارسات التي تقوم بها مليشيات البوليساريو وصنيعتها الجزائر.
استغلال الأزمات لتجنيد الأطفال
تستمر مليشيا البوليساريو في تجنيد الأطفال في ظل أزمة سياسية وعسكرية التي تعيشها، مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة لعائلات هؤلاء الأطفال، فالعديد من هؤلاء الأطفال إما انتُزعوا من عائلاتهم أو مشردون، مما يضعهم في دائرة التجنيد القسري.
آثار تجنيد الأطفال على الاستقرار الإقليمي
تتضح الصورة القاتمة لتجنيد الأطفال من خلال ممارسات البوليساريو، التي تهدف إلى زرع الكراهية في نفوسهم وتنشئتهم على الطاعة العمياء، هذه الانتهاكات تهدد مستقبل هؤلاء الأطفال، وأيضا استقرار المنطقة بأسرها.
ضرورة التدخل الدولي العاجل
من الضروري أن يتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل للتصدي لهذه الممارسات، وكما تشير تقارير دولية إلى سوء التغذية بين سكان المخيمات، مما يزيد من كآبة الوضع، وفي ظل هذه الظروف، يظهر جليا أن تجنيد الأطفال يشكل تهديدا للأمن الإقليمي، وقد يتحول إلى فوضى أكبر إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة.
محاسبة الجزائر على الانتهاكات
إن ما تقوم به مليشيا البوليساريو من انتهاكات لحقوق الأطفال يستدعي تحركا عاجلا، وفرض عقوبات اقتصادية على الجزائر ودعوة المجتمع الدولي للضغط على قادتها، وتحميل النظام الجزائري المسؤولية الكاملة أمام المجتمع الدولي، وضرورة مساءلته عن استغلال هؤلاء الأطفال بالأراضي التي تديرها، هذه القضية ليست مجرد حقوق إنسان، بل تتطلب استجابة حاسمة من المجتمع الدولي للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.