دونالد ترامب وأوروبا تحديات الأمن المشترك
أدى موقف دونالد ترامب من الحرب في أوكرانيا إلى زلزال داخل حلف شمال الأطلسي، مما دفع القادة الأوروبيين إلى التوجه إلى الولايات المتحدة في محاولة لإنقاذ الحلف العسكري الغربي، ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع ترامب بشكل منفصل في البيت الأبيض، سعيا لإقناعه بدعم أوكرانيا.
مخاوف أوروبية من انهيار الحلف الأطلسي
تتزايد المخاوف في العواصم الأوروبية من أن حلف الأطلسي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية قد ينهار، خاصة في ظل سعي ترامب لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويعتبر الكثير أن ترامب قد تخلى عن الرؤية التقليدية للولايات المتحدة حول نظام عالمي قائم على القواعد، وبدلا من ذلك، اختار الانخراط في سياسات قومية تتماشى مع مصالح موسكو وبكين، وقد أدى هذا إلى حالة من الذعر في أوروبا، التي اعتمدت على الضمانات الأمنية الأميركية على مدى 80 سنة.
ترامب يدعو لاجتماع بين بوتين وزيلينسكي
وفي هذا السياق، قال ماكس برغمان، مدير برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن، لوكالة فرانس برس: “الأوروبيون يسعون لحل هذه المسألة بسرعة”. من جانبه، يؤكد ترامب أنه يسعى لتحقيق السلام في أوكرانيا، حيث صرح للصحافيين في مكتبه بالبيت الأبيض: “يجب أن يجتمع الرئيس بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإنهاء القتال”.
قلق أوروبي تبني ترامب لخطاب الكرملين
تبني ترامب لخطاب الكرملين بشأن أوكرانيا، بما في ذلك وصفه للرئيس الأوكراني بأنه “ديكتاتور غير منتخب” وتحميل أوكرانيا مسؤولية الغزو الروسي في 2022، أثار قلقا كبيرا في أوروبا، كما أن ترامب قد يضع نهاية لعقود من الدعم الأميركي للأوروبيين، مما يثير مخاوف المسؤولين الأوروبيين من أن تركيز الولايات المتحدة في ظل حكمه قد تتحول مناطق نفوذه الأقرب، كما هو الحال مع روسيا والصين.
ترامب أوكرانيا ليست أولوية أميركية
في تعليقه على حرب أوكرانيا، قال ترامب: “إنها لا تؤثر كثيرا على الولايات المتحدة، فهي تقع على الضفة الأخرى من المحيط”، وقد هدد ترامب خلال ولايته الأولى، بالانسحاب من الناتو وطرح تساؤلات حول سبب دفع الولايات المتحدة مبالغ ضخمة للإبقاء على قواتها في أوروبا، وبالتالي، يمكن أن تسود التوترات خلال اجتماعاته مع ماكرون يوم الإثنين وستارمر يوم الخميس، حيث أفاد ماكرون بأنه سيحث ترامب على عدم الضعف بشأن ملف أوكرانيا.
بريطانيا وفرنسا تعرضان قوات حفظ السلام
عرضت كل من بريطانيا وفرنسا إرسال قوات لحفظ السلام إذا تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، لكن ستارمر أكد على ضرورة وجود دعم وضمانات أميركية، ووجه ترامب انتقادات للزعيمين، مشيرا إلى عدم قيامهما بأي شيء لإنهاء الحرب خلال السنوات الثلاثة الماضية.
الهوة تتسع بين ضفتي الأطلسي
يدرك العديد من الأوروبيين أنهم قد يواجهون مرحلة صعبة، وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، لوكالة فرانس برس خلال “مؤتمر التحرك السياسي المحافظ” قرب واشنطن: “نعيش الآن لحظة صعبة وخطيرة للغاية حيث تزداد الهوة بين ضفتي الأطلسي”.
أزمة غير مسبوقة عبر الأطلسي
يعتبر نايل غولد-ديفيز، الخبير في الشؤون الروسية والأوراسية في “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” في لندن، أن الوضع الحالي يمثل “أزمة غير مسبوقة عبر الأطلسي”، حيث ترى الولايات المتحدة أنها تتفاوض مع روسيا متجاوزة الأوروبيين، مما يؤدي إلى اضطرابات في السياسات الأوروبية.
ضرورة تحمل أوروبا مسؤولية أمنها
السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت أوروبا، بعد سنوات من الحديث عن ضرورة تحملها مسؤولية أكبر عن أمنها، وستتخذ خطوات فعالة في هذا الاتجاه، وأكد وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكي راسموسن، أنه يتعين على أوروبا “بذل المزيد من الجهود للدفاع عن نفسها ودعم أوكرانيا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العالم”.
عدم الوقوع في أفخاخ روسيا
كما دعت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة إلى عدم الوقوع في “أفخاخ” روسيا الساعية لتقسيم الغرب، لكن برغمان يرى أن هذه الظروف تمثل جرس إنذار لأوروبا، حيث ينبغي عليها أن تتحرك بشكل فعال لتظهر كقوة عظمى.