ندوة دولية بالرباط إحتفاءا بستين سنة
نظمت ندوة علمية مساء يوم الإثنين بالرباط، بمناسبة الذكرى الستين لإقامة العلاقات بين المغرب والسنغال، حضر الفعالية عدد من الدبلوماسيين وطلاب الجامعة الدولية للرباط، بالإضافة إلى وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، تحت شعار يعكس أهمية التعاون بين المغرب والسنغال من أجل مستقبل مشترك، تم تنظيم الندوة من قبل صندوق الإيداع والتدبير بالتعاون مع “معهد تمبكتو – المركز الإفريقي لدراسات السلام”، وبشراكة مع الجامعة الدولية للرباط (UIR)، وقد انعقدت هذه الفعالية برعاية الملك محمد السادس والرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، حيث تم التأكيد على البعد التاريخي لهذه الاتفاقية التي وقعت في داكار، والتي تعد من النصوص الأساسية التي تشكل معالم العلاقات المميزة بين الرباط ودكار.
في كلمة ترحيبية ألقتها لطيفة الشهابي، الكاتبة العامة لصندوق الإيداع والتدبير، بالنيابة عن المدير العام خالد سفير، تناولت مضامين الاتفاقية التي تعد بمثابة حجر الزاوية في إقامة العلاقات بين المغرب والسنغال، وأشارت إلى أن هذه الاتفاقية تمنح المواطنين السنغاليين المقيمين في المغرب نفس الحقوق التي يتمتع بها المغاربة، والعكس صحيح، كما أوضحت الشهابي أن الاتفاقية التاريخية، التي نحتفل اليوم بذكرى تأسيسها، تتيح لمواطني البلدين فرصا متساوية في الوصول إلى الوظائف في القطاعين العام والخاص، فضلا عن المشاركة في الصفقات العمومية، مؤكدة وجود إمكانيات كبيرة يمكن أن ترسخ التعاون الاقتصادي، مما يتيح لرجال الأعمال من كلا البلدين استغلال الفرص المتاحة.
في مداخلتها، أكدت سينادو ديال، سفيرة جمهورية السنغال لدى المغرب، على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسها، وأشارت إلى أن هذه العلاقات قد أثمرت عن العديد من المكاسب المهمة التي تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، وأضافت أن ديناميكية التعاون بين المغرب والسنغال تمثل نموذجا يعبر عن نجاح كبير، وهناك دائما رغبة في تعزيز هذا التعاون، وكما أبرزت أهمية الرعاية التي يحظى بها هذا التعاون من قبل قائدي البلدين، مشيرة إلى عمق الروابط التاريخية، وخاصة في الأبعاد الروحية والدينية، مؤكدة أن العلاقات بين الشعبين تتجاوز مجرد الاحتفال بمرور ستين سنة على الاتفاقية، لوجود روابط ثقافية متينة لا تزال قائمة حتى اليوم، وأشارت إلى أن المغرب يعتبر بلدا ثانيا للسنغاليين، كما أن السنغال هو كذلك وطن ثان للمغاربة المقيمين فيه، وفي ختام كلمتها، هنأت منظمي هذه الندوة الدولية التي أقيمت تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس ورئيس السنغال.
تطرق بكاري سامبي، المدير الإقليمي لمعهد تمبكتو – المركز الإفريقي لدراسات السلام، خلال مداخلته عن الفرص الاقتصادية الواعدة بين المغرب والسنغال، مشيرا إلى الموقع الجيواستراتيجي للبلدين في غرب إفريقيا، وأشاد سامبي بمبادرة الاحتفال بهذه الاتفاقية، معتبرا أن جذور العلاقات التاريخية بين البلدين عميقة، كما أعرب عن تقديره للمبادرات المغربية التي تدعم القارة، منها، مبادرة الولوج الى المحيط الأطلسي التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تفتح آفاق التنمية المستدامة للدول الإفريقية، خاصة في الأقاليم الجنوبية للمغرب، وأوضح أن الندوة الحالية عقد في الرباط، مع الإشارة إلى تنظيم فعالية كبيرة في الداخلة نهاية السنة، بهدف استحضار تاريخ العلاقات بين البلدين واستكشاف آفاق التعاون المستقبلية للأجيال القادمة.
مداخلة أمل الفلاح السغروشني
في مداخلة لها، تحدثت أمل الفلاح السغروشني، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ومتحدثة رئيسية ضمن الفعالية، عن مضامين مذكرة التفاهم الموقعة بين المغرب والسنغال والتي تركز على تحديث الإدارة العمومية وتعزيز القدرات في مجال إدارة وتنمية الموارد البشرية،مبرزة نقاط الاهتمام المشترك بين دكار والرباط في مجالات حيوية، كتبسيط الإجراءات الإدارية وتحديث الأنظمة الإلكترونية، بالإضافة إلى تعزيز الرأسمال البشري وإدارة الكفاءات.
الذكاء الاصطناعي ركيزة للنهوض باللامركزية الإدارية
وأكدت الوزيرة على أهمية النهوض باللامركزية الإدارية وجودة الخدمات العمومية، مشيرة إلى أن ذلك يتطلب تحديث استخدام الذكاء الاصطناعي والاستثمار في تدريب الطلبة والتلاميذ في هذا المجال، كما أشارت إلى برنامج “المرأة الإفريقية في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي”، الذي ساهم في تحقيق الأهداف المنشودة من خلال مشاركة دول إفريقية والمغرب، تحت رعاية “المركز الدولي للذكاء الاصطناعي بالمغرب” في جامعة محمد السادس.
وتطرقت السغروشني في حديثها إلى وجود نموذجين حاليا للرقمنة والذكاء الاصطناعي، أحدهما صيني والآخر أمريكي، في ظل سعي أوروبي لإضعاف وجودهم التكنولوجي، وطرحت تساؤلا حول موقع إفريقيا وشبابها في هذا النطاق التنافسي، معتبرة أن ذلك هو السؤال المحوري لمستقبل القارة، كما دعت إلى ضرورة التفكير الجماعي الإفريقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، مشددة على أهمية التعليم الرقمي للأجيال القادمة في ظل التطورات السريعة في التقنيات مشيرة إلى الحاجة للخروج من البرامج التعليمية التقليدية، والانتقال إلى ما يعرف بـ “deeptech”، مما يتطلب استثمارات وكفاءات جديدة ومسارات تعليمية متطورة تتجاوز الأساليب التقليدية.