ندوة فكرية للتنمية الترابية بالمغرب بتازة
نظمت منشورات عبودة بالتعاون مع المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة، يوم الجمعة 24 نوفمبر 2023، في قاعة مسرح المعهد الموسيقي بتازة، ندوة فكرية تحت عنوان “التنمية الترابية بالمغرب: الفاعلون والفعالية”. شارك في هذه الندوة مجموعة متميزة من المتخصصين والخبراء، بينهم الدكتور عبد الواحد بوبرية، الدكتور عبد الواحد المهداوي، الدكتور الحسين الصغيور، الأستاذة فاطمة السرار، الأستاذ عبد القادر ولد الشريفة، والأستاذ محمد الحويط، بالإضافة إلى منسق الندوة عبد الحق عبودة.تميزت الندوة بحضور متميز، حيث حضر مجموعة متنوعة من الخبراء والمتخصصين في مجالات مختلفة، بما في ذلك أكاديميين وباحثين ورواد أعمال وشخصيات في المجتمع المحلي. أبدى الحضور اهتمامًا كبيرًا بالموضوع واستعدادًا للمشاركة والتفاعل، مما أضفى طابعًا ديناميكيًا وحيويًا على الندوة. تناولت الندوة مجموعة واسعة من الأفكار والموضوعات الهامة المتعلقة بالتطورات الحديثة في مجال التنمية الترابية بالمغرب. وقد أسهم تنوع الحضور في إثراء النقاشات وتبادل الأفكار، حيث قدمت وجهات نظر متعددة ومتباينة تساهم في تطوير هذا المجال.تميز الحضور أيضًا بالمشاركة الفاعلة، حيث تم طرح مجموعة من الأسئلة وتبادل الخبرات والمعرفة بين الحضور. وقد تيسر التواصل المباشر مع المتحدثين وتبادل الآراء والتجارب، مما أضفى جوًا ديناميكيًا وحماسيًا على الندوة.بالإضافة إلى ذلك، استفاد الحضور من فرصة قيمة لتبادل المعرفة والتواصل مع المهتمين بمجال التنمية الترابية بالمغرب. تم تسليط الضوء على أحدث التطورات والممارسات الناجحة في هذا المجال، وتم تبادل الخبرات والأفكار المبتكرة التي يمكن أن تساهم في النمو المستدام والتنمية الشاملة في كل المناطق القروية والحضرية بالمغرب.
استهلت هذه الندوة الفكرية بكلمة : الدكتور “حسن الصغيور” الذي أكد أن موضوع التنمية الترابية أصبح التنظير فيه صعبا للغاية لإرتباطه بالفعل العمومي بإكراهاته المحلية ومعيقاته ويشكل هذا الموضوع أهمية بالغة لكل ساكنة هذه المنطقة ،حيث اصبح يأخد مساحة كبيرة في النقاش العمومي ،ويطرح عدة إشكالات تنموية باعتباره مدخلا للديمقراطية المحلية الحقيقية، على اعتبار أن المجال الترابي يشكل خطاب مناسب، لبلورة ووضع تصورات وبرامج وإستراتيجيات تنموية ولتحقيق التنمية الشمولية المستدامة ، وقد أصبحت المراهنة أكثر من أي وقت مضى على المستوى الترابي، أو ما يسمى بالمقاربة الترابية للإشكال التنموي، اصبح يحضى باهتمام واسع من طرف منظري المسألة الترابية لاعطاء البعد المحلي مكانة أساسية، وفتح المجال للفاعل المحلي العمومي لكي يلعب دورا مركزيا في تحقيق التنمية حيث أصبحت الجماعات الترابية أحد أهم الفاعلين العموميين المعول عليهم في النهوض بقضايا التنمية الترابية.
وفي كلمة الدكتور عبد الواحد بوبرية أشار إلى أن خريطة التنمية المستدامة تنبني على ثلاث سياقات أساسية السياق الأول مرتبط أساسا بالقانون التنظيمي .111.14 و 112.14و 113.14.كان السؤال المطروح خلال هذه الندوة لماذا استحضر القانون التنظيمي ؟ وفي تحليله خلال الندوة افاد الدكتور بوبرية : استحضرت القانون التنظيمي لأن داخل هذا القانون هناك بند يحث على ضرورة تكثيف الجهود لمجموعة من الجماعات، وبالتالي دور الجغرافيين والباحثين في التنمية الترابية “البحث” عن المؤشرات التي يمكن أن تؤسس عليها هذه المجموعات .حيث قدم مقاربة مجالية لخريطة في الندوة الفكرية ترتبط بترتيب وتقسيم تراب إقليم تازة، والمتمثلة في جماعات عليا تنتمي إلى الريف الأوسط الجنوب الشرقي ،و الوسطى بتلال مقدمة الريف، تم منخفض أو ممر كناو، و مجموعة الأطلس المتوسط بالشمال الشرقي، فلا يمكن أن نتحدث عن التنمية دون الربط بالجانب القانوني، لأنه يعد مدخلا أساسيا لما قد يترتب عنه سواء ما يتعلق بالتنمية الترابية أو غيرها، مسترسلا في سياقه الثاني، المرتبط بالتقسيم الجهوي لجهة فاس مكناس في الخريطة التي تعكس هذا التقسيم والمتمثل في أربع مجالات مشاريع :
*-مجال مقدمة الريف
*-مجال مكناس فاس تازة فيه منخفض هضبة سايس
*-مجال الاطلس المتوسط
*-مجال ملوية الوسطى
تلتها كلمة الدكتور عبد الواحد المهدوي الذي افتتح كلمته بسؤال ،لماذا التعمير؟ ، والذي اعتبره موضوع تلتقي فيه كل الديناميات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية وغيرها وعززه ببعض الأرقام المهمة، حيث يشكل التعمير في التوسع الحضري 2 في المائة، من الناتج الخام العالمي ويشكل أيضا 60 في المائة ،من النمو العالمي بصفة عامة للاقتصاد العالمي.وأضاف ،من بين المعطيات الهامة جدا على المستوى الدولي والوطني ،مستقبل الدول في المدن ،كما أن في الدول الكبرى المتقدمة نسبة السكان المقيمين في المدينة 80% و20 %خارج المدن ،أما في المغرب حسب إحصائيات سنة 2014 وصلنا نسبة 65% منذ بداية القرن العشرين 10% وخرجنا ب 65% ،وتميزت المدن بسرعة التوسع، وسيطرتها على المجال ،مما يتطلب تخطيط عمراني دقيق وعقلاني يحمي المجالات الغابوية والفلاحية، ويحافظ على الثروة، ففي المغرب وضمن المؤشرات ،تتم المصادقة على 120 ألف ملف في السنة ، منها بناية أو مشروع استثماري بغلاف مادي يصل الى 40 مليار درهم .
وفي كلمة الأستاذ : عبد القادر ولد الشريفة أوضح أن القوانين التنظيمية مند 1963 إلى 1976 خولت للجماعات الترابية اختصاصات تمثلث في دور استشاري وتسيير إداري، و لم تُمنح للجماعات الترابية إختصاصات فعلية الى غاية 1976،حين صدور الميثاق الجماعي، تم بعدها جاء ميثاق 78.00 ،الى غاية 2009 ،ليتم منح الجماعات إعداد مخططات التنمية الجماعية .وفي هذه الفترة بالذات تم منح المجتمع المدني حق المساهمة في إعداد المخططات الجماعية في إطار المقاربة التشاركية، لكن لم يكن هذا المنح عبثا بل في سياق داخلي وسياقات خارجية، تتمثل في الأزمة التي شهدتها الديمقراطية التمثيلية، والتي أفرزت العزوف السياسي بأنواعه المتعددة , فالاختلالات البنيوية في الديمقراطية التمثيلية ، أصبحت غير قادرة على إحتضان كل مكونات المجتمع وأفرزت لنا ، بياضات حيث نلتقي بالمنتخب فقط خلال مرحلة الانتخابات الى غاية المرحلة الموالية، كما قال وعارض جون جاك روسو ” إن انتخاب المسؤولين لايبقى للشعب سوى الخضوع والإمتثال “، هذه السياقات المرتبطة بازمة الديمقراطية ،أدت الى التوجه نحو الديمقراطية التشاركية الذي تبناها المغرب في الوثيقة الدستورية سنة 2011 وفي القوانين التنظيمية لسنة 2015.
وفي نفس السياق أضافت الأستاذة فاطمة السرار أن المنتخب حسب إحصائيات وزارة الدخلية خلال الانتخابات 2021 عرفت سيرورة صادمة لإحصائيات المنتخب الأمي 10% ، دون أي مستوى تعلميي و 27% من المنتخبين بمستوى ابتدائي متسائلة : كيف يمكن تدبير الشأن المحلي في غياب الكفاءة المطلوبة ؟ أكدت أن عوائق التنمية الترابية تمثلت في العنصر البشري، والعزوف السياسي، لايفعل من داخل المؤسسات الحزبية ، لان الأحزاب السياسية تخلت عن دورها وتأطيرها السياسي للنخب و المجتمع، كما كان في السابق.أما بخصوص العائق الثاني يتجلى في التدبير الحر الذي خصص له دستور 2011 ،في فصله 136 ينص على أن المدبر او الجماعات الترابية بمستوياتها الثلاث لها إستقلالية في التداول والمقرارت لكن الأمر يختلف، هناك فاعلين آخرين ، منها المعين والمنتخب موضحة أن المقررات تعرض على العامل أو بالنسبة للجهة تعرض على الوالي الذي يوقع الميزانية والقرارات وكذلك بالنسبة لتحرير الملك العمومي، لابد للجماعة أن تستعين بالسلطة المحلية وبالتالي القرار لا يكون مستقلا . ومن جهة أخرى تناولت ، الإستقلال المادي للجماعات ولمواردها ، الغير كافية لتحقيق الإستقلال المادي ،تظل في حاجة الى المساعدات التي تنتظرها من الدولة أو البحث عن شركات مع الوزارات المعنية ،من أجل تنفيد المشاريع ،المحلية التي تواجه اكراهات، لتحقيق التنمية المحلية وبالتالي تبقى رهينة لهذه المؤسسات المانحة بالإضافة إلى عائق التداخل السياسي وأتره على التدبير . واختتمت هذه الندوة بتوزيع شواهد تقديرية على المشاركين.
وعلى هامش هذه الندوة افاد الدكتور عبد الحق عبودة في تصريح له مع جريدة الأخبار24 :
أن الندوة الفكرية جاءت في سياق المشروع الثقافي والفكري الذي سنته منشورات عبودة برانت ،لفتح وتوسيع النقاش العمومي حول عدد من القضايا والأوراش التي يمضي المغرب في بلورتها وتكريسها ،وكان موضوع الندوة هو التنمية الترابية : الفاعلون والفعالية إحدى هذه الأوراش التي يعول عليها المغرب ،في اللحاق بركب التحضر والتنمية .وكانت الندوة كذلك فرصة للنقاش وتبادل الأفكار ،من خلال مداخلات دكاترة وأساتدة مختصون ،رصدوا عبرها مسارات المخططات التنموية المغربية و أعطابها ومآزقها ،وإقترحوا عددا من الحلول والمخارج حتى يستقيم أمر التنمية في البلاد ،واختتم تصريحه بأن منشورات عبودة برانت ستمضي في تنظيم مثل هذه الملتقيات من أجل توسيع وتعميق النقاش المتعلق بأوراش التنمية .