تصريحات وزير الخارجية وتصاعد العزلة الإقليمية
في إطار التحليل لتصريحات وزير الخارجية الجزائري، “أحمد عطاف “، نستنتج أن الجارة الشرقية تعاني من تدهور في دبلوماسيتها وتراجع في رؤيتها المستقبلية، مما يؤدي إلى زيادة عزلتها وفشلها على المستوى الإقليمي والدولي. فقد استندت الجزائر لسنوات على حسابات جيوسياسية تؤدي إلى عزلتها وتصعيد النزاعات في المنطقة. وقد تجاوزت حتى الآن حدود حسن الجوار وقامت بأفعال تهدد الأمن والسلم، بما في ذلك قطع جميع العلاقات القائمة بين البلدين “المغرب”.وقد إمتدت هذه السلوكيات العدائية للجزائر إلى جيرانها الآخرين، حيث أثارت أزماتًا مع مالي والنيجر، حيث تتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول وتهدد بقطع العلاقات. ولم تسلم حتى ليبيا وتونس من التدخل الاستفزازي ، مما زاد من عدم الاستقرار والانشقاق في هاذين البلدين.كل هذا يتناقض مع حلم وزير الخارجية الجزائري بتحقيق المغرب العربي الموحد، والذي فشل في تحقيقه بسبب مزاجية العسكريين والساسة في الجزائر. ومن الواضح أن الجزائر تحاول الآن استخدام سياسة المهادنة لإخفاء سلسلة الإخفاقات التي تعاني منها. وأظهرت هذه السياسة بوضوح عندما قررت الجزائر إعادة بناء علاقتها الدبلوماسية مع إسبانيا التي كانت قد قطعتها منذ عام ونصف بسبب تأييدها لمقترح الحكم الذاتي المغربي. وبدلاً من التصرف بشكل مسؤول، اتبعت الجزائر سياسة التضليل والتصعيد غير المبرر، مما يشير إلى رضاها عن تطورات العلاقة بين إسبانيا والمغرب ومصالحها المشتركة مع المغرب.بشكل عام، يمكن القول أن تصريحات وزير الخارجية الجزائري تكشف عن تراجع دبلوماسية الجزائر وتضليلها للواقع السياسي والإقليمي. الجزائر تتعامل بشكل استفزازي وعدائي مع جيرانها، مما يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار وعدم الاستقرار في المنطقة. يبدو أن الجزائر تفتقد البصيرة اللازمة لفهم المصالح المشتركة والتعاون مع جيرانها، وتفضل التصرف بطرق تصعيدية وعدائية التي لا تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار.تصريحات وزير الخارجية الجزائري تعكس أيضًا عجز الدبلوماسية الجزائرية عن التعامل بشكل فعال مع التحولات السياسية والدبلوماسية الحاصلة في المنطقة. تبدو الجزائر عالقة في ماضيها ومحاصرة في تصورات قديمة للعلاقات الدولية، مما يجعلها غير قادرة على التأقلم مع التحولات الراهنة والمستجدة.في النهاية، يمكن القول إن تصريحات وزير الخارجية الجزائري تكشف عن تدهور دبلوماسية الجزائر وعجزها عن التعامل بشكل مناسب مع التحديات الراهنة. لإن استمرار هذا النهج العدائي والتصعيدي للجزائر قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الإقليمية والدولية وتفاقم الأزمات الداخلية .وكما أشار الوزير الجزائري إلى الدور المهم الذي تلعبه الدبلوماسية الملكية المغربية في إفريقيا. وهذا الاعتراف يبرز فشل العقيدة التصادمية التي اعتمدها النظام الجزائري، ويؤكد عدم قدرته على مواجهة المزيد من الضغوط الدولية الموجهة ضده. فإن هذا الدعم المتزايد لمبادرة المغرب للحكم الذاتي يضعه في موقف صعب، حيث لم يعد بإمكانه الاحتكام لسياسة الهروب إلى الأمام.وقد تتضح هذه الحقيقة من خلال التطورات الأخيرة، بما في ذلك زيارات نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي جوشوا هاريس إلى الجزائر في فترة قصيرة جدًا. كما ينبئ بتغيير التحالفات الإقليمية ،وأن النظام الجزائري لم يعد لديه مجالًا للمناورة، حيث يعمل المغرب على توسيع قاعدة شركائه الإقليميين والدوليين، وذلك في إطار نظام جديد متعدد الأقطاب. وقد أدى ذلك إلى توطيد العلاقات المغربية الصينية والمغربية الروسية، كما تم التأكيد على ذلك في منتدى التعاون العربي الروسي. من الواضح أن الجزائر إفتقدت هذه الفرصة لغيابها عن الاجتماع الوزاري بالمغرب، الذي ناقش كيفية تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وهو أمر يعكس مضمون الخطاب الملكي السامي بشأن الوضع في الصحراء المغربية.ايضا تجاهل الوزير الجزائري مبادرة المغرب للحكم الذاتي، ما يكشف العداء العميق تجاه أي محاولة لحل الصراع المفتعل. وعلى الرغم من نفيه مسؤولية بلاده كطرف رئيسي في هذا النزاع، إلا أن تصريحاته تؤكد وجود الخلاف المستمر بين الجزائر والمغرب.وحتى يكون واضحًا فإن هذه المبادرة تهدف إلى الصحراء المغربية وسكانها، وليس لها أي علاقة بالجزائر. وبدلاً من ذلك، تبدو تصريحاته إلى تشويه صورة المبادرة وتجاهل دور الدبلوماسية في بناء العلاقات الدولية بشكل بنّاء ، كما تعتبر العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر تحديًا مستمرًا. من خلال تعارض النظامان السياسيان والاقتصاديان للبلدين، وهذا يؤثر على العلاقات . النزاع الدائر بشأن الصحراء المغربية، يعد القضية الرئيسية في العلاقات بين البلدين، يعزز التوترات والتحديات الدبلوماسية.فالمغرب استخدم الدبلوماسية الملكية كأداة لتوسيع نفوذه في المنطقة والحصول على الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وقد حقق المغرب نجاحا في تعزيز علاقاته مع عدة دول أفريقية وعربية، ومن ضمنها بعض الدول التي كانت تدعم الجزائر سابقًا، مما يشكل تحديًا للجزائر.من جانبها، تعتمد الجزائر على استراتيجيتها الدبلوماسية في قضية الصحراء المغربية لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية. ايضا تستخدم الجزائر تأثيرها في المنظمات الإقليمية والدولية لإيجاد الدعم لموقفها وتعطيل مبادرة المغرب. إد واجهت الجزائر تحديات في تحقيق أهدافها الدبلوماسية بسبب تغير الظروف الإقليمية والتحالفات الجديدة التي تشكلت في المنطقة. فالدبلوماسية الملكية المغربية في القارة الأفريقية،حققت تقدمًا ملحوظًا في زيادة تواجدها وتأثيرها في القارة، وهو ما يعتبر تحديًا للجزائر التي كانت تعتبر نفسها اللاعب الرئيسي في المنطقة. حيث توسعت العلاقات المغربية مع مختلف الدول الأفريقية في مجالات الاقتصاد والتجارة والأمن والتنمية، وهو ما يقوض موقع الجزائر في القارة، بسبب النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.