الإعلام بين الرسالة النبيلة وخدمة المصالح نظرة

الإعلام بين الرسالة النبيلة وخدمة المصالح نظرة نقدية لواقعنا الإعلامي


بوجمعة الدعنوني

الإعلام بين الرسالة النبيلة وخدمة المصالح 

نبدأ قولنا بما قاله الأديب الفلسطيني “غسان كنفاني” بأن الإنسان في آخر المطاف قضية ، في روايته “عائد إلى حيفا” ، نستقيها لنؤكد من خلالها أن الإعلام في أول و آخر المطاف رسالة ، رسالة تحمل أبعادا إنسانية و اجتماعية و وطنية و أخلاقية ، تروم البناء الوطني و المجتمعي ، و تساهم في تقويم الاختلالات و الاعوجاجات المسجلة ، ضمن إطار أخلاقيات لازمة و ضرورية .

لم يخطئ ما سمى الإعلام بصاحبة الجلالة ، لكن هاته الصورة الوردية سرعان ما بدأت تختل ، لصالح الحفاظ على الصاحب ، دون الجلالة ، أي أن بعض ممارسي هاته المهنة أسقطوا عنها الجلالة ، و جعلوها خادمة للمصالح أو للنزوات الفردية ، بعيدا عن قيمها الإنسية و المجتمعية و الوطنية ، التي وجد من أجلها الإعلام ، و التي بدونها يبقى الإعلام أجوفا ، ما دام جوهره الأصلي قد أتلف و أصبح بلا روح .

ربما ، و يا للأسف هذا هو الواقع المسجل في حال مشهدنا الإعلامي ، من خلال مسميات إلكترونية ، جعلته خادما للمصالح ، و ليس للقضايا التي وجد من أجلها ، فابتلي هذا الجسم الإعلامي بإعلاميين تجاوزوا مصطلحات كانت قديمة وصفت بأنها صحافة الطوار ، ليصبح الابتلاء الجديد يتجاوز حتى هاته الثقافة المرفوضة ، إلى ترسيخ نمط جديد من “الصحافة” تقوم على الارتزاق كقاعدة أساسية ، خادمة لمصالح مادية مباشرة ، كما الحال بالنسبة لمجموعة من هاته الحالات الشاذة ، و من ضمنها بعض من ينسبون للإعلام في بعض مدن المملكة.

حيث أصبحت الكتابات أمام شيوع الأمية الثقافية لدى نموذج الإعلا – أمي ، ما دام ممتهنو هاته المهنة ، من هاته الطينة ، الذين ولجوها من بوابة المصالح و الاسترزاق لا يستحيون ، و ليست لهم ذرة كرامة ، خفافيش ظلام تدعي انتماءها إلى الصحافة و الإعلام لإدارة مصالح شخصية معروفة و معلومة للعادي و البادي ، كما يستشف من جذورها الأصلية، شخوص من طينة الكراكيز ، دائمة الحضور ، على الرغم من أميتها ، الفكرية و اللغوية و حتى التكنولوجية ، و هو ما يحير بالفعل و يجعلك تفتح ألف قوس حول هذا الحضور / الغياب ، و هو ما يفتح الباب أمام ألف سؤال ، من المسؤول عن كل هذا التسيب ؟ و ما هو السبيل للتصدي لهؤلاء المرتزقة و المتطفلين على مهنة سميت مهنة المتاعب ، و لكنها لدى هؤلاء أصبحت مهنة المصالح ؟، الإطارات النقابية المسؤولة عن تأطير مهنيي الصحافة و الإعلام ، من واجبها التدخل لحماية هذا القطاع من الخفافيش التي تسيء و تضرب عرض الحائط بكل أخلاقيات المهنة ، و ذلك من أجل ضبط قواعد ممارسة الصحافة ، و حمايتها من الارتزاق الإعلامي، إن عملية البناء تقتضي أولا البدء من الذات قبل الحديث عن دور الإعلام في تحقيق البناء و التنمية المجتمعية ، و من هنا كانت لنا هاته الإطلالة، أي أن الهدف هو فضح هذه الشردمة ، رغم عدم ذكر أسماءهم ، لأنهم معلومون لدى الجميع، كائنات كارتونية مضرة ابتلي بها المشهد الإعلامي أمام شيوع الفوضى داخل هذا المجال ، حيث اختلط الحابل بالنابل ، فأضحى الكريم لئيما ، و اللئيم كريما ، أصبح الإعلام في وقتنا الراهن ، لدى البعض ، مهنة من لا مهنة له ، بعد هذا التسيب الذي فرخ العشرات، والواضح أن السعي وراء الاسترزاق بهاته الطرق فرخ طابورا من عديمي الإحساس بالكرامة ، و مرغ أخلاقيات المهنة في وحل مسلكيات غريبة كل الغرابة عن هذا الجسم ، و باسم الإعلام و الصحافة ، و يا للأسف ، لتتحول هاته المهنة الشريفة بالنسبة إليهم ، عينا لا تجف ، و هاجسهم الأسمى هو القرب من مسؤولين عديمي الضمير و النزاهة للحصول على امتيازات محضة ليس إلا .

إن المطلوب هو تخليق المشهد الإعلامي قبل كل شيء ، ليستعيد تلك القيم التي فقدها في سوق الحاجة المادية و الفقر الفكري و الأخلاقي ، استعادة لصاحبة جلالة فعلية ، و إن قال فيها أحد عمالقة الإعلام بالولايات المتحدة الأمريكية أنها فقدت في أمريكا ، ليطالب باستقالة الصحافيين و تعيين حقوقيين مكانهم ، فما بالنا بواقع حال مشهدنا الإعلامي المطلي بهاته الصباغة النفعية المباشرة ، التي حولت الممارسة الصحافية الى مصالح معينة ، باعتماد أسلوب السخرية التي فاحت رائحتها ، و هي و الحمد لله معلومة لدى مختلف المصالح .

ولنا عودة في الموضوع


تحقق أيضا

حملة صحية لمرضى السكري بتازة بمناسبة المسيرة الخضر

حملة صحية لمرضى السكري بتازة بمناسبة المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال

حملة صحية لمرضى السكري بتازة تزامنا مع تخليد ذكرى المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال، وبمناسبة اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *