الهروب الجماعي من مخيمات تندوف واقع مزر وتفاقم الأوضاع

مليكة بوخاري

الهروب الجماعي من مخيمات تندوف 

تشهد مخيمات تندوف منذ أسبوعين حالة من الاستنفار الكبير، حيث غصت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري بالإعلانات الفردية والجماعية المتزايدة حول الرغبة في الهروب من المخيمات بأي ثمن، يتبادل العشرات من الأشخاص والمجموعات رسائل بينهم وبين عائلاتهم وذويهم، تفيد بتصريح أصحابها بنيتهم مغادرة مخيمات تندوف بأي وسيلة، مهما كانت العواقب.

تفكيك عصابة البوليساريو

تفاقمت الأزمة لتصل إلى أهم مؤسسة لجماعة البوليساريو الارهابية، حيث أعلن بعض أفراد ميليشياتها صراحة عن بحثهم عن مساعدة للعبور إلى الضفة الأوروبية، بعضهم تجاوز كل الخطوط الحمراء بالإعلان الواضح عن نيتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيسبوك، وذهب البعض إلى نشر صورهم بالزي العسكري للبوليساريو من المناطق العسكرية، في خطوة جريئة وغير مسبوقة، كشفت حجم التفكك داخل مليشيا البوليساريو.

الهروب الجماعي للعائلات 

قبل 15 يوما، بدأت رحلة الهروب الجماعي للعائلات وذوي القياديين إلى خارج المخيمات تحت بند “حرارة الصيف” والاستجمام، كما جرت العادة، لكن هذه المرة، الأمر يختلف ويتم بأشكال مريبة خوفا من المجهول، وكأنه ترحيل قسري جماعي للأهالي والأقارب قبل وقوع الكارثة، يشهد الوضع بالمخيمات فوضى عارمة وانفلاتا أمنيا خطيرا، بلغ مستويات متقدمة من القتل واعتراض السبيل وقطع الطريق وسرقة السيارات والسطو والهجوم حتى على المؤسسات الرسمية.

رسائل استغاثة

تفاقم الوضع ليشمل تورط محسوبين على شرطة ودرك البوليساريو في العصابات المسلحة وارتكابهم لجرائم بالدليل والبرهان، ما أثار صدمة كبيرة،استدعى  هذا الوضع توجيه طلبات عاجلة من عدد كبير من الساكنة بضرورة التدخل الجزائري والإشراف المباشر لمؤسساتها الأمنية على المخيمات وتأمينها، كما اتخذت القبائل الصحراوية إجراءات سريعة لرص الصفوف وتحصين نفسها بالاعتماد على مجموعات قبلية مسلحة للدفاع عن النفس.

فشل العدالة الوهمية

كشف “منتدى فوراستين” من قلب مخيمات تندوف على صفحته الفيسبوكية، أن ما تسمى وزارة العدل “الوهمية” أصدرت استدعاء اعتقال وإحضار في حق متورطين في جرائم قتل وضرب وجرح، دون فائدة تذكر، دفع هذا الأمر  ذوي أحد القتلى إلى إعلان أخذهم القصاص واسترجاع حق دم ابنهم المهدور، منحت عائلات المتهمين مدة لتقديم أبنائهم، قبل أن تحل الكارثة وتصبح مواجهات مباشرة بين القبائل وسط غياب تام للمليشية الوهمية ومؤسساتها الصورية.

مواجهة عصابة البوليساريو

في ظل هذا الوضع الجديد، يحاول العقلاء والحكماء وشيوخ القبائل تفادي المواجهات المباشرة، وتركيز الجهود لمواجهة عصابة البوليساريو، التي فقدت البوصلة وأصبحت قاب قوسين من الغرق، وجه  قياديون بارزون نداءات استغاثة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثل البشير مصطفى السيد، شقيق مؤسس عصابة البوليساريو، الذي دعا إلى ندوة شاملة لتدارك الأمور قبل فوات الأوان، ونداء آخر للقيادي وممثل البوليساريو بأوروبا أبي بشرايا البشير، وغيرهما الكثير.

استقالات وهروب جماعي

سبقت هذه النداءات استقالات جماعية وتخلي إعلاميين وأطر بارزة عن مناصبهم وهروب بعضهم إلى الخارج، وقد اشتعلت السوق السوداء لبيع الفيزات والتي وصلت أسعارها إلى مستويات قياسية بل خيالية، والكل يسارع بدعم عائلي أو بيع ممتلكات للظفر بتأشيرة للعبور إلى خارج مخيمات تندوف، التي تشير كل المعطيات الميدانية أنها قاب قوسين أو أدنى من الغرق إلى الأبد.