دعم المغرب للثورة الجزائرية من الكفاح ضد الاستعمار

دعم المغرب للثورة الجزائرية من الكفاح ضد الاستعمار إلى التناقضات الحالية


مليكة بوخاري

دعم المغرب للثورة الجزائرية من الكفاح ضد الاستعمار

ساند المغرب الثورة الجزائرية في كفاحها ضد الاستعمار الفرنسي، حيث قدم الملك محمد الخامس، رحمه الله، دعما سياسيا وماديا للثوار واستضاف اللاجئين الجزائريين، موفرا لهم المأوى والمساعدة، ومع ذلك، يبدو أن النظام الجزائري الحالي يتجاهل هذه الحقائق التاريخية ويستمر في دعم مرتزقة البوليساريو، مما يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية، بينما تقدم الجزائر دعما غير محدود للبوليساريو، وتتجاهل نفس المبادئ في أماكن أخرى من العالم، هذا التناقض يفتح المجال للعديد من التساؤلات حول التزام الجزائر بالمبادئ التي تدعيها، هل هو تصفية حسابات سياسية أم أن هناك أجندات خفية تسعى لتحقيقها على حساب استقرار المنطقة ووحدتها؟

بعض التساؤلات 

*- لماذا لا تؤيد الجزائر حركات تقرير المصير في التبت وتايوان؟ يعود ذلك أن الصين تعتبر هاتين المنطقتين جزءا لا يتجزأ من أراضيها، فأي دعم لحركات تقرير المصير هناك قد يضر بالعلاقات الاقتصادية والسياسية مع الصين.

*- لماذا لم تؤيد الجزائر استقلال الشيشان عن روسيا؟ ربما يعود ذلك إلى خشيتها من ردود الفعل القوية من روسيا، إذ تعتبر روسيا الشيشان جزءا من أراضيها، وأي دعم لحركة تقرير المصير قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع روسيا.

*- لماذا لم تؤيد الجزائر حقوق الأكراد في تركيا وسوريا والعراق وإيران؟ ربما لأنها ترغب في تجنب أي توتر مع تلك الدول، لأن الأكراد يسعون إلى تقرير مصيرهم بعدة مناطق، وأي دعم لحركاتهم قد يؤدي إلى تصعيد العلاقات بين الجزائر وهذه الدول.

*- لماذا لم تعترف الجزائر باستقلال كوسوفو؟ ربما يعود ذلك إلى دعم روسيا لصربيا، رغم أن كوسوفو قد أعلنت استقلالها عن صربيا في ظل هذا الدعم، مما دفع الجزائر إلى رفض الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة.

*- لماذا لم تدعم الجزائر حركات الاستقلال في الباسك وكاتالونيا خوفا من ردود فعل إسبانيا، إذ تعتبر إسبانيا هاتين المنطقتين جزءا من أراضيها، وأي تأييد لحركات تقرير المصير قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع إسبانيا.

*- لماذا لم تؤيد الجزائر استقلال كورسيكا؟ ربما لتفادي حدوث توتر مع فرنسا، التي تعتبر كورسيكا جزءا من أراضيها، فأي دعم لحركة تقرير المصير هناك قد يؤدي إلى تصعيد العلاقات مع فرنسا.

*- لماذا لم تؤيد الجزائر استقلال قبرص الشمالية؟ لأن  ذلك يعود إلى خشيتها من ردود فعل تركيا، التي تدعم استقلال هذه المنطقة، فأي تأييد لحركة تقرير المصير في قبرص الشمالية قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع تركيا.

الشعارات الزائفة

من ناحية أخرى تعلن الجزائر عن دعمها لفلسطين، لكنها تتعرض لانتقادات بسبب استغلالها للقضية الفلسطينية لأغراض سياسية دعائية، وتستخدم قضية فلسطين لتعزيز مكانتها في العالم العربي والإسلامي، حيث تؤكد دعمها القوي للفلسطينيين في المحافل الدولية، لتستفيد من هذا الموقف وتكسب التأييد الشعبي الداخلي، ومع ذلك، يُنتقد هذا الدعم على أنه غير صادق، ويعتبر وسيلة لتحقيق أهداف سياسية سواء داخل البلاد أو خارجها، وقد كشفت الأحداث الأخيرة عن تراجع الدعم الجزائري الفعلي للفلسطينيين، مما أثار سخرية وانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي كان فيه الفلسطنيون يتعرضون للقصف، وتكتفي بإصدار بيانات شجب واستنكار دون اتخاذ خطوات فعلية للدعم، هذا التراجع الفعلي يثير السخرية والانتقادات .

شعب القبائل

شعب القبائل له تاريخ طويل في المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، وقد لعب دورا كبيرا في الثورة الجزائرية، ومع ذلك، شعر الكثير من أبناءه بعد الاستقلال، لم ينالوا على الاعتراف الكافي بمساهماتهم، بل بالتهميش من الحكومة المركزية، ظهرت في السنوات الأخيرة، حركة تدعو الى تقرير المصير لشعب القبائل، “ماك” ” حركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل”، هذه الحركة تطالب بالاعتراف بحقوق القبائل الثقافية والسياسية، وتسعى إلى الحصول على حكم ذاتي أو الاستقلال.

التناقض في السياسة الجزائرية

الحكومة ترفض الاعتراف بهذه الحركة وتعتبرها تهديدا لوحدة الجزائر، وتقمع شعب القبائل بطرق مختلفة، بما في ذلك الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد قادتها، يعكس هذا القمع تناقضا في سياستها الخارجية، حيث تدعي دعمها لحق تقرير المصير في الخارج بينما ترفضه داخل حدودها، هذا التناقض يضعف مصداقية الجزائر على الساحة الدولية، حيث تتبجح الجزائر بحق تقرير المصير مرتزقة البوليساريو ، وتتجاهل نفس المبدأ عندما يتعلق الأمر بشعب القبائل، يثير هذا التناقض تساؤلات حول دوافع الجزائر الحقيقية ومدى التزامها بمبادئها المعلنة.

عدم انجرار المغرب وراء سياسة الجزائر العدائية

لم ينجر المغرب وراء سياسة الجزائر العدائية ولم يتعامل بالمثل، بل حافظ على موقفه الثابت والداعم للوحدة الوطنية، موقف يعكس نضجا سياسيا ورغبة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، قد حافظ المغرب على موقفه الثابت والداعم للوحدة الوطنية، واستقرار المنطقة، والاعتماد على التعاون والتفاهم مع الدول، وكان يؤمن المغرب بأن الوحدة الوطنية أساس لتحقيق التنمية والازدهار، ويرفض الانجرار وراء السياسات العدائية.

الدبلوماسية الهادئة

يتبع المغرب سياسة دبلوماسية هادئة ومتزنة في التعامل مع الجزائر، حيث يسعى دائما إلى حل النزاعات بالطرق السلمية وعبر الحوار، هذه السياسة تعكس نضجا سياسيا ورغبة في الحفاظ على الاستقرار بالمنطقة، بعيدا عن التصعيد والتوتر، وكما يسعى المغرب دائما إلى تعزيز التعاون الإقليمي مع الدول ، بما في ذلك الجزائر، لتحقيق التنمية المشتركة، ويؤمن بأن التعاون الاقتصادي والسياسي هو السبيل لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة، ولذلك كان يرفض الانجرار وراء السياسات العدائية التي قد تعرقل هذا التعاون.

التركيز على التنمية الداخلية

المغرب يركز على تحقيق التنمية الداخلية وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وعلى التنميةالتي تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والازدهار على المدى الطويل، ويتبنى نهجا متوازنا وهادئا في الأزمات الإقليمية، ويسعى دائما إلى تقديم الحلول السلمية والتعاون مع الدول المجاورة لتحقيق الاستقرار، ثبت هذا النهج  نضجا سياسيا ورغبة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.

الإزدواجية والتناقض

يثير موقف الجزائر من قضية مرتزقة  البوليساريو العديد من التساؤلات حول مدى التزامها بمبدأ تقرير المصير، بينما تدعم هذا المبدأ إلا في حالة إستثنائية “مرتزقة البوليساريو”، وتتجاهله في حالات أخرى مشابهة، مما يضعف من مصداقيتها ويثير الشكوك حول دوافعها الحقيقية، لتحقيق العدالة والمساواة، فالمنتظر أن يكون لها موقف ثابت وموحد تجاه جميع القضايا، بعيدا عن الانتقائية والمصالح السياسية الضيقة، لإن الانتقائية في تطبيق المبادئ تضعف من مصداقيتها، وتثير تساؤلات حول مدى التزامها الحقيقي بالمبادئ التي تعلنها، فالعدالة الحقيقية تتطلب التزاما صادقا وثابتا بمبادئ حقوق الإنسان وتقرير المصير، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة والمصالح الآنية.


تحقق أيضا

الملك محمد السادس يستقبل رئيس الجمهورية الإسلامية

جلالة الملك محمد السادس يستقبل رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية

جلالة الملك محمد السادس يستقبل في ما يلي بلاغ الديوان الملكي          …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *