مليكة بوخاري
الانتخابات الرئاسية الجزائرية
تظل مشاركة الناخبين الجزائريين في الانتخابات مسألة محورية تتطلب تسليط الضوء على عدة عوامل، فإما أن تثبت أغلبية الناخبين حضورهم، مما يضفي شرعية على النتائج، أو أن يتجهوا نحو العزوف، مما يعكس تفشي الإحباط تجاه النظام السياسي القائم، مشاركة الناخبين الجزائريين في الانتخابات القادمة تبقى مشروطة بمدى قدرتهم على التعبير عن تطلعاتهم ومطالبهم، في ظل هيمنة النظام العسكري على المشهد السياسي، إذا استمر العزوف، فقد تبقى الانتخابات مجرد إجراءات شكلية لا تعكس الإرادة الشعبية الحقيقية.
المشاركة الشعبية سؤال مفتوح
يبقى السؤال الأكثر إلحاحا: هل يشارك الناخبون الجزائريون في الانتخابات؟ تتباين الآراء حول هذا الموضوع، إذ أن نسبة المشاركة يمكن أن تحدد شرعية الانتخابات، بينما يواجه الناخبون ضغوطا من النظام العسكري، الذي يقوده الجنرال سعيد شنقريحة، مما يثير تساؤلات حول قدرتهم على التعبير عن إرادتهم بحرية، يعتبر الجيش، بقيادة سعيد شنقريحة، القوة الفعلية التي تدير الشأن السياسي في الجزائر، هذا النظام العسكري لا يبدي استعدادا للتعامل مع مطالب الشعب، بل يفضل محاكمة الرموز منها السياسين، الحقوقيين، والصحافة، لتنظيم انتخابات تتماشى مع مصالحه.
التحالفات السياسية ودعم المرشح
يظهر الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، مرشح “حر” بدون انتماء سياسي واضح، مما ينقل رسالة مفادها أن الحياة الحزبية ليست ذات أهمية، طالما أنه يتمتع بدعم الجيش، وهو ما يعكس استمرارية الهيمنة العسكرية على السياسة الجزائرية، رغم ذلك، تسعى عدة أحزاب لدعمه في انتخابات 7 سبتمبر 2024، معربة عن ثقتها في قدرته على تحقيق المزيد من الإنجازات، رغم انتقادات تتعلق بطبيعة هذه التحالفات.
غياب القضايا الملحة
المؤسف أن هذه الأحزاب لم تتطرق لأهم القضايا التي تؤرق الشارع الجزائري، كان يُنتظر من الأحزاب الداعمة لتبون أن يكون محور نقاشها في الحملة الانتخابية هموم الشعب، وتحسين الأوضاع المعيشية، والإفراج عن المعتقلين من مظاهرات الحراك، إلا أن هذه القضايا غابت عن النقاشات، وعن الخطابات السياسية، وعلى ما يبدو أن الانتخابات الحالية لا تختلف كثيرا عن سابقاتها، لأن التحالفات السياسية تركز على دعم “مرشح السلطة” بدلا من تقديم رؤى جديدة أو استراتيجيات فعالة لحل الأزمات، ستظل الانتخابات الرئاسية بالجزائر محاطة بالكثير من التساؤلات حول مدى ديمقراطيتها، في ظل هيمنة القوى العسكرية على المشهد السياسي .
أهمية الانتخابات الرئاسية والديمقراطيات
أما بالنسبة لجميع ديمقراطيات العالم، تعد الانتخابات الرئاسية بمختلف الدول، ممارسة حضارية تعكس حرية الفرد في اختيار ممثليه في السلطة، فالانتخابات الحرة والنزيهة أحد الأهداف الأساسية التي تسعى الدول لتحقيقها، حيث تعبر على مستوى ديمقراطيتها، وغالبا ما ينال المرشح للرئاسة دعم الحزب الذي يمثله أو دعم مجموعة من الكيانات السياسية، سواء كانت توجهاتها يمينية أو يسارية أو وسطية.