إعادة هيكلة مؤسسات الجالية المغربية وفق الخطاب الملكي السامي
مليكة بوخاري
خصص الملك محمد السادس جزءا من خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء للحديث عن توجه جديد يهدف إلى تعزيز دعم الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وقد دعا الملك إلى ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بهذه الفئة، مشيرا إلى أهمية إصدار قانون جديد لمجلس الجالية المغربية وإحداث “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”، تعكس هذه المبادرات الإرادة الملكية في ترسيخ الروابط بين الوطن والمغاربة في الخارج.
الوحدة الترابية والمنظومة المؤسساتية
شمل خطاب الملك محورين رئيسيين، حيث استعرض التقدم المحرز في قضية الوحدة الترابية، وقد وجه الملك أنظار الحكومات نحو “منعطف جديد” في التعامل مع شؤون المغاربة بالخارج، مما يجسد مفهوم “الهندسة الملكية” لإعادة صياغة المنظومة المؤسساتية، تأتي هذه الخطوات كاستجابة لدعوة سابقة من الملك في غشت 2022 لإعادة التفكير في كيفية تعامل الدولة مع المغاربة في المهجر، حيث تم تشكيل لجنة وزارية لبحث هذا الأمر، وقد تتضمن الهيكلة الجديدة للمؤسسات إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي سيعزز بإطار قانوني جديد، بالإضافة إلى المؤسسة المحمدية، التي ستتولى تشغيل السياسات والمشاريع العامة التي تعود بالنفع على المغاربة المقيمين بالخارج.
فتح آفاق استثمارية وتنسيق بين القطاعات
في إطار هذه الإصلاحات، ستعمل المؤسسة الجديدة على فتح آفاق استثمارية أوسع لجاليتنا، التي لا تزال استثماراتها تمثل نسبة ضئيلة من الإجمالي، يتطلب ذلك تحسين آليات الدعم والتنسيق بين مختلف القطاعات لتحقيق نتائج ملموسة، تمثل هذه الإصلاحات نقلة نوعية في الجهود المبذولة لدعم المغاربة بالخارج، مما يعكس رؤية جلالة الملك محمد السادس نحو مستقبل دامج ومستدام يعزز من انتماء الجالية وإسهاماتها في مسيرة التنمية الوطنية.
التزام الجالية ودورها في التنمية
أشاد الملك محمد السادس بروح الوطنية التي يتحلى بها المغاربة المقيمون بالخارج، وبالتزامهم بالدفاع عن مقدسات الوطن والمساهمة في تنميته، كما أعلن الملك عن إحداث تحول جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج، بهدف ضمان عدم تداخل الاختصاصات وتشتت الفاعلين، والتجاوب مع حاجياتها الجديدة.
الانتظارات من المؤسسة الجديدة
وفيما يخص التطلعات من هذه المؤسسة، ذكر الملك محمد السادس أهمية انخراط القطاعات الوزارية المعنية، ومختلف الفاعلين، لتقديم دعم قوي للتأطير اللغوي والثقافي والديني لأفراد الجالية، على اختلاف أجيالهم، ومن أبرز التحديات التي يستوجب على هذه المؤسسة مواجهتها، تبسيط ورقمنة المساطر الإدارية والقضائية الخاصة بأبناء الجالية، وكما أشار الملك إلى ضرورة فتح آفاق جديدة أمام استثمارات أبناء الجالية داخل وطنهم، حيث أكد على عدم معقولية أن تظل مساهمتهم في حجم الاستثمارات الوطنية الخاصة في حدود 10 في المائة، إن هذه الإجراءات تمثل خطوة متقدمة نحو تحفيز دور الجالية المغربية في التنمية الوطنية، مما يساهم في بناء مستقبل مشترك أكثر إشراقا.