الهوية الوطنية تاريخ وجسر لفهم الحاضر
مليكة بوخاري
تاريخ الأمم هو مرآة تعكس تجاربها، تجارب تكتنفها الإخفاقات والنجاحات بالمغرب، يتجلى هذا التأمل في العمل الجاد نحو إعادة تعريف التاريخ كأداة استشرافية، وهو ما يعكسه المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، هذا المعهد يعد جزءا من أكاديمية المملكة المغربية، التي تسعى إلى تجاوز المفهوم التقليدي للتاريخ، حيث يُنظر إليه عادة كسرد للأحداث، بل يراد له أن يكون وسيلة لفهم السياسات الفكرية والثقافية الحالية، مستلهما من الدروس التاريخية.
تعيين “رحال بوبريك” مديرا جديدا للمعهد يمثل بداية فصل جديد في هذا السياق. بوبريك، الذي يحمل في جعبته خبرات أكاديمية رفيعة، يلتزم بتطوير البحث التاريخي ليشمل مجالات متداخلة مثل السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، هذا التوجه يهدف إلى فهم تحولات المجتمع المغربي عبر العصور، مما يجعل التاريخ أداة لبناء وعي نقدي يمكنه إعادة النظر في المسلمات السائدة.
بين الإحباط من الماضي والنشاط نحو المستقبل، يظهر شعور الأمل كحلقة وصل، الأمل هنا ليس مجرد شعور عابر، بل هو دافع نحو العمل، يدعو المعهد إلى استعادة الذاكرة الثقافية للمجتمع المغربي، من خلال دراسة شاملة تشمل كافة مكوناته الدينية والثقافية، هذا الجهد يتجاوز توثيق التاريخ إلى كونه وسيلة لتعزيز الهوية الوطنية وتجديد الانتماء.
تواجه المؤسسة تحديات كبيرة، منها ضرورة تكوين جيل جديد من المؤرخين الشباب، من خلال دورات تدريبية وتبادل أكاديمي، يسعى المعهد إلى توسيع شبكة المعرفة التاريخية، هذه المبادرات ستساهم في تعزيز البحث العلمي وتطوير المعرفة التاريخية، مما يدعم رؤية المغرب كدولة ذات تاريخ عريق وإرث حضاري متنوع.
يُعتبر التاريخ أكثر من مجرد سرد للأحداث؛ إنه أداة للتغيير وبناء المستقبل. من خلال استثمار الدروس المستفادة من الماضي، يمكن للمغرب أن يواجه التحديات المعاصرة بثقة، فالتاريخ، عندما يُنظر إليه بهذا الشكل، يصبح وسيلة ليس فقط لفهم الحاضر، بل أيضًا لصياغة مستقبل مشرق.