التأثير السياسي والاقتصادي للنزاع المفتعل في الصحر

التأثير السياسي والاقتصادي للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية على الاستقرار الأمني والإقليمي


التأثير السياسي والاقتصادي للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية

مليكة بوخاري

شهدت قضية الصحراء المغربية تطورات ملحوظة أدت إلى اعتراف العديد من الدول الكبرى، منها: الولايات المتحدة- فرنسا-إسبانيا وألمانيا، بسيادة المغرب على وحدة آراضيه وصحرائه، في المقابل، أبدت الصين وروسيا موقفا رافضا حضور بما يسمى الجمهورية الوهمية في الاجتماعات مع دول منظمة الاتحاد الإفريقي، مما يعكس تغيرا في المواقف الدولية تجاه هذا النزاع، وفي سياق تعزيز المغرب على وحدة آراضيه وسيادته على صحرائه، بدأ في تنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى في المنطقة، منها فتح آفاق لدول الساحل للوصول إلى المحيط الأطلسي، ومشروع  أنبوب الغاز الأطلسي، ترسخ هذه الخطوات موقف المغرب كمركز اقتصادي في المنطقة، ويلعب دورا رئيسيا في تنمية إفريقيا بشكل عام.

تراجع الدور الجزائري وزيادة الضغوط على موريتانيا
دخلت مليشيات البوليساريو مرحلة الانهيار والتفكك، مع تراجع دور الجزائر في قضية الصحراء المغربية، يضع هذا الوضع موريتانيا أمام تحديات استراتيجية جديدة، حيث تجد نفسها في وضعية ضعف وعزلة أكثر من أي وقت مضى، حيث فرض النظام العسكري الجزائري، على موريتانيا موقفا حياديا في قضية الصحراء المغربية، مما يزيد من الضغوط على العلاقات بين البلدين، وتتطلب هذه التطورات من المغرب وموريتانيا بناء شراكة استراتيجية قوية تشمل مجالات أمنية واقتصادية واجتماعية، فليس من مصلحة المغرب وجود جار غير مستقر، كما أن الأمن القومي المغربي يتطلب تعزيز الاستقرار في السنوات الأخيرة بموريتانيا، حيث بدت دعوات لفصل الولايات الشمالية عن موريتانيا، مما زاد من قلق السلطات الموريتانية، وردا على هذه التحديات، قامت السلطات الموريتانية باعتقال عدد من الأفراد الذين يروجون لدعوات الانفصال، وأعربت نخب موريتانية، منها مسعود ولد بولخير، عن مخاوفه من تغذية النعرات القبلية من مرتزقة البوليساريو وصنيعتها الجزائر، محذرين من خطر يهدد وحدة الدولة الموريتانية، في خضم هذه الأوضاع، أكدت النخب الموريتانية على ضرورة تنظيم حوار وطني شامل لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد، فقد صرح مسعود ولد بولخير بأن الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات الراهنة، محذرا من أن عدم اتخاذ إجراءات سريعة قد يؤدي إلى تفكك الدولة الموريتانية.فعليها إعادة تقييم استراتيجيات التعاون بين البلدين، لتعزيز الشراكة بين المغرب وموريتانيا ليس فقط مصلحة وطنية، بل ضرورة لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية
تتجاوز آثار الهشاشة الحدود الوطنية للدولة الهشة، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي ارتفاع تكاليف الهشاشة في النمو الاقتصادي الضائع، تتحمله الدول المجاورة، التي تعاني بشكل كبير من تأثيرات عدم الاستقرار التي تنتج عن جيرانها ، مما يؤدي إلى الانخفاض في معدل النمو سنويا لكل دولة مجاورة، وتُحدث الدول الهشة تأثيرات سلبية على جيرانها من خلال عدة قنوات، من أبرزها انتشار أسواق الأسلحة، كما هو الحال في موريتانيا، حيث يتم سهولة اختراق الحدود الوطنية لحركة الأسلحة والذخائر بين الدول، يزيد هذا الوضع من مخاطر الصراعات العنيفة وعدم الاستقرار الإقليمي، تبدي تأثيرات الجار الهش أيضا تحركات اللاجئين عبر الحدود، مما يفرض تكاليف باهظة على الدول المستقلة، وكما تؤدي هذه التحركات الجماعية إلى زعزعة استقرار البلدان المجاورة، حيث تتحول مخيمات اللاجئين إلى مواقع لتنظيم نشاط الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة.

التهريب وتهديد الاستقرار
علاوة على ذلك، يشكل استمرار التدفقات غير المشروعة، منها تهريب الكوكايين، تجذب هذه الأنشطة إلى الدول ذات السيطرة المحدودة على أراضيها، مما يجعلها عرضة للانفلات الأمني، وتهديد استقرار البلدان المجاورة، تواجه الدولة الموريتانية عجزا في إحدات نظام عصري وبناء اقتصاد وطني قوي، مما يجعلها عرضة لمخاطر التدمير الداخلي التدريجي بسبب ارتفاع معدلات الفقر والهشاشة الاجتماعية، وايضا تتصاعد التوترات الإثنية والعرقية، مما يزيد من الانتماءات القبلية والمشاكل الاجتماعية، فقد فشل النظام في إقامة هوية وطنية موحدة تحترم التعدد العرقي، مما يعزز فرص اندلاع التوترات بين فئات المجتمع المختلفة، مثل البيضان والحراطين والأفارقة السود، هذه الفئات تشكل أقلية غير ناطقة باللهجة الحسانية، وأصول أغلبها تعود إلى القبائل الزنجية المنتشرة على ضفتي نهر السنغال، وكما يتضح أن الهشاشة في الدول تؤثر بشكل كبير على جيرانها، مما يستدعي ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي وبناء استراتيجيات فعالة للتصدي لهذه التحديات. فعلى موريتانيا أن تعمل على تحسين نظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي لتحقيق الاستقرار الداخلي وتخفيف الآثار السلبية على الدول المجاورة.


تحقق أيضا

موقف إيلون ماسك من السياسة الألمانية دعم أم تدخل؟

موقف إيلون ماسك من السياسة الألمانية دعم أم تدخل؟

موقف إيلون ماسك من السياسة الألمانية أثار إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *