هل انتهى زمن التضليل؟ كيف تواجه الجزائر أحلام الهي 1

هل انتهى زمن التضليل؟ كيف تواجه الجزائر أحلام الهيمنة وإخفاقات الواقع في الساحة الدولية؟


هل انتهى زمن التضليل؟ 

مليكة بوخاري

قد لا ينجح النظام الجزائري في تحقيق ولو بعض الإنجازات، لكنه بارع في فن الهدم، تعكس هذه العبارة الثقافة السائدة للقائمين على الحكم في الجزائر، حيث يخلطون بين مفهوم الدبلوماسية ويتجاهلون الفجوة الكبيرة بين القانون الدولي والسلوكيات المرفوضة، لقد بدأ العالم يشعر بالتعب من تصرفات هذه القوة الضاربة الجزائرية، التي بدأت آثارها السلبية تتجلى، خصوصا مع تزايد الضغوط الداخلية وفشلها في تحقيق إنجازات سياسية ودبلوماسية، إضافة إلى تراجع دعم حلفائها التقليديين، من “إيران إلى سوريا”، ووقوعهم في هزائم متكررة أمام المملكة المغربية، لذا لم يستطع عسكر قصر المرادية فهم الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، كما عجز عن استيعاب موقف إسبانيا الداعم لخطة الحكم الذاتي، وتغيير موقف باريس تجاه قضية الصحراء المغربية، مما أدى الى ارتباك كبير داخل صفوف النظام العسكري، هذا التوجه الإيجابي يجسد خطوة محورية، بالاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، تعد خطوة تاريخية تعكس دعم فرنسا لوحدة التراب الوطني للمملكة، هذه الخطوة ألحقت هزيمة دبلوماسية قوية للجزائر، التي كانت تراهن على تقويض الموقف الفرنسي، لكن شكلت صفعة جديدة للجزائر وللوبياتها اليسارية داخل المؤسسات الأوروبية، فقد أعلن البرلمان الأوروبي رسميا عن تخليه عن المجموعة البرلمانية المشتركة للصحراء المغربية، مما يعد نكسة كبيرة للجهود الجزائرية الهادفة إلى استغلال هذه المجموعة لنشر أجندة تقسيم المغرب، يعكس هذا القرار بشكل واضح رفض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لأي محاولات تهدف إلى زعزعة استقرار المغرب أو المساس بسيادة ووحدة أراضيه الترابية، مما دفع نظام العسكري الشنقريحي للبحث عن سبل لتعطيل تقدم المغرب، الذي أثبت كفاءته كقوة إفريقية موثوقة بعيدة عن الاستعراضات العسكرية.

محاولات عزل المغرب
سعت الاستخبارات العسكرية الجزائرية بكل أدواتها لعزل المغرب عن محيطه الإقليمي، بدءا من محاولة احتواء موريتانيا في السبعينيات، مرورا بتسخير البوليساريو، لكن كل هذه الخطط باءت بالفشل أمام يقظة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، حيث استمرت الجزائر في استنزاف مواردها لدعم مرتزقة البوليساريو، معتقدة أن ذلك سيؤدي إلى إضعاف المغرب، لكن الواقع الإقليمي اليوم مختلف تماما، حيث شهدت التحولات السياسية والاستراتيجية تطورات مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أبرزها الفشل الملحوظ الذي تعرضت له الجزائر في محاولاتها لعرقلة صعود المغرب وتعزيز موقعه كقوة إقليمية ودولية. فقد سعى النظام الجزائري لسنوات إلى تنفيذ استراتيجية عدائية تجاه المغرب، مستخدمًا مجموعة من الأوراق لمحاولة تقويض مكانة المملكة، ومع ذلك، فإن هذه السنة أبدت تآكل هذه الأوراق وازدياد عزلة الجزائر نتيجة سياساتها غير المتوازنة وخياراتها الخاطئة، في المقابل استطاع المغرب تحقيق انتصارات دبلوماسية واقتصادية متتالية، مما يؤكد نجاح نهجه الاستراتيجي القائم على التنمية والتعاون الإقليمي والدولي.

إخفاقات النظام الجزائري
تتجلى إخفاقات النظام الجزائري في عدة مجالات، منها:
1-  فشل في زعزعة العلاقات بين المغرب ومصر عبر نشر وثائق مزورة.
2-  فشل في استدراج موريتانيا إلى صراع مع المغرب.
3- فشل في تحقيق وحدة مغاربية فعالة بسبب الأزمات في تونس وليبيا.
4-  محاولة فاشلة لتكرار تجربة البوليساريو في منطقة الريف.
5-  فشل في إقناع دول غرب إفريقيا بالانضمام إلى قوتها الإقليمية.
6-  عدم الاستفادة من التحولات في المنطقة نتيجة السياسات الإيرانية.
7-  فقدان حليف استراتيجي في سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد.
8-  فشل في احتواء الغضب الشعبي، مع تحميل المسؤولية لأطراف خارجية، كل‭ ‬هذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الجزائرية‭ ‬تعكس‭ ‬عزلة‭ ‬متزايدة‭ ‬للنظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬مجاراة‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم، فكل السياسات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭ ‬وخلق‭ ‬الأزمات‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬رؤية‭ ‬المغرب،‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬والشراكات‭ ‬البناءة‭، ‬بقيادة جلالة ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السّادس،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬معتمدًا‭ ‬على‭ ‬دبلوماسية‭ ‬حكيمة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستدامة‭.‬

سؤال المستقبل
على النظام العسكري بالجزائر أن يواجه سؤالا جوهريا لنفسه : لماذا هذا الفشل المستمر؟، هل يستدعي الأمر إعادة نظر حقيقية؟،  كان على هذا النظام الابتعاد عن السيطرة العسكرية، والتوجه نحو سياسة أكثر توازنا تتماشى مع التغيرات العالمية.

تصعيد العلاقات الجزائرية المغربية
في سياق تصعيد العلاقات الجزائرية المغربية، استخدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كلمته في البرلمان لتجديد رفض بلاده لسيادة المغرب على وحدة آراضيه وأقاليمه الجنوبية، وقد انتقد مبادرة الحكم الذاتي المغربية، واصفا إياها بسخرية بأنها “فكرة فرنسية” و”خرافة جحا”، ومن خلال كلمته تطرق الى الهوية الوطنية، في ظل التوترات السائدة مع فرنسا منها: قضايا تاريخية تتعلق بفترة الاستعمار الفرنسي، مطالبا باستعادة جماجم المقاومين الجزائريين والاعتذار عن الجرائم الاستعمارية، بالإضافة إلى معالجة ملف النفايات النووية، تأتي هذه التصريحات في إطار أزمة متفاقمة بين الجزائر وباريس، التي اختارت دعم الرباط في قضية وحدته الترابية، مما يضيف أبعادا جديدة للصراع.

استياء الجزائر من الدعم الدولي
عبر وزير الخارجية أحمد عطاف عن استياء الجزائر من الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيرا إلى أن هذا الدعم يعيق التفكير في خيارات بديلة منها الاستقلال الذي تسعى الجزائر لتعزيزه.

تأثير التحولات السياسية
وفي ظل التطورات الإقليمية السريعة، يتبنى النظام الجزائري نهجا تصعيديا تجاه المملكة، مما يعكس تأثير التغيرات السياسية والدبلوماسية التي عززت من مكانة المغرب،فخطاب تبون الأخير أمام البرلمان يحمل دلالات رمزية، إذ يتناول مواقف دولية مهمة، خاصة الموقف الفرنسي الداعم لمغربية الصحراء، مما يظهر التأثر الواضح للنظام العسكري الجزائري جراء هذا الدعم.

مواجهة التحديات
في الوقت الذي يسعى فيه النظام الجزائري لعرقلة إنجازات المغرب، يواجه انهيارا واضحا في مشروعه الوهمي، خاصة مع تغييرات مواقف العديد من الدول التي كانت تدعم هذا المشروع، منها: ملاوي وتشاد، اللتين افتتحتا بعثات دبلوماسية في المغرب، يأتي التصعيد الجزائري في وقت يعاني فيه النظام من أزمة داخلية خانقة، مدفوعة بالتحولات الدولية وتفكك حلفاء الجزائر في الشرق الأوسط، مما يدفعه لتوظيف النزاع حول الصحراء لتوجيه الأنظار عن مشاكله الداخلية وتراجع شرعيته.


تحقق أيضا

جودة وشفافية المحتوى بالفضاء الرقمي والتحديات في

جودة وشفافية المحتوى بالفضاء الرقمي والتحديات في عصر المعلومات السطحية

جودة وشفافية المحتوى بالفضاء الرقمي  في عصرنا الحالي، يشهد الفضاء الرقمي زيادة هائلة في حجم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *