استضافة الجزائر للحركات الانفصالية
مليكة بوخاري
قامت الجزائر بإعادة تفعيل ورقة جديدة تتعلق بالانفصال، مستهدفة هذه المرة تركيا وسوريا، وذلك بعد تراجع حليفها، نظام بشار الأسد، فقد استقبلت الجزائر مجموعة من الانفصالين الأكراد الذين زاروا مخيمات تندوف للتعبير عن تأييدهم لمليشيا البوليساريو، هؤلاء ينتمون إلى الإدارة الذاتية لشمال سوريا المعروفة بـ”روجافا”، الذين يسعون لتأسيس دولة كردية، وقد زار هذا الوفد، القادم من شمال شرق سوريا، الذي تسيطر عليه حاليا قوات سوريا الديمقراطية، مقرات مرتزقة البوليساريو بتندوف، حيث تم التقاط صور جماعية، تضم الأعلام الخاصة بالمناطق الكردية الانفصالية ترفرف جنبا إلى جنب مع علم مرتزقة البوليساريو، مما يبرز التحالف بين الحركتين، وفي خطوة تثير العديد من التساؤلات، استقبال مخيمات تندوف، الخاضعة لسيطرة مليشيا البوليساريو والنظام العسكري الجزائري، لمجموعة من الانفصاليين الأكراد، هؤلاء يدعمون استقلال إقليم كردستان ويؤيدون ميليشيا وحدات حماية الشعب، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي يسعى لتوحيد الأراضي الكردية في تركيا وسوريا والعراق وإيران، بالإضافة إلى قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ”قسد”، المنتشرة في الشمال وشمال شرق سوريا، وقد تمت زيارة هؤلاء إلى تندوف، بإشراف من السلطات الجزائرية، حيث تم رفع علمي الكيان الوهمي، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، المعروفة باسم “روجافا”، التي تشمل أجزاء من المحافظات السورية منها الحسكة-دير الزور-حلب والرقة، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وبعض الميليشيات الأخرى.
رسائل سياسية لتعزيز النزعات الانفصالية
يرى المهتمون استضافة الجزائر لهذه العناصر الانفصالية تحمل رسائل سياسية موجهة إلى كل من تركيا وسوريا، اللتين تواجهان تحديات أمنية كبيرة مع الحركات المسلحة الكردية، وفتح مخيمات تندوف أمام هذه الحركات الانفصالية هو جزء من استراتيجية الجزائر لتعزيز النزعات الانفصالية وخلق تحالفات مع فاعلين غير حكوميين، مما قد يساهم في ترسيخ نفوذها الإقليمي على حساب أمن الدول الأخرى، مشاركة الوفد الكردي من شمال وشرق سوريا، المرتبط بوحدات الحماية الكردية، يمثل تهديدا واضحا لوحدة أراضي كل من تركيا وسوريا من البوليساريو والجزائر، حيث قام هؤلاء المرتزقة برفع علم الانفصال الكردي، وعرض تفاصيل العمليات الأمنية والعسكرية التي ينفذها الجيش التركي لضبط الحدود ومنع تسرب العناصر المتطرفة.
فشل دبلوماسي وارتباك سياسي
يتماشى هذا النشاط بتنسيق بين المخابرات الجزائرية وميليشيا البوليساريو، بهدف فك عزلتها السياسية ولتوجيه أنظار الشعب الجزائري عن المشاكل الداخلية الجزائرية بما فيها الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية، ووجود تهديد خارجي لأمنه، وايضا تسعى الجزائر إلى ربط مرتزقة البوليساريو بحركات انفصالية مشابهة في الأيديولوجية، لمحاولة إحياء النزاع الإقليمي المفتعل وإعطائه طابعا نضاليا، هذه الخطوات تؤكد فشل الدبلوماسية الجزائرية في الترافع عن مواقفها، وتعكس حالة الارتباك السياسي التي تعاني منها وزارة الخارجية الجزائرية، ووزيرها أحمد عطاف عن عدم تقديم رؤية واضحة لتطوير الدبلوماسية الجزائرية، نتيجة التأثير النظام العسكري على قراراتها.
الجزائر واحتضان الحركات الإنفصالية
تعتمد الدبلوماسية الجزائرية على تسخير ميليشيات انفصالية ذات صلات إرهابية من أجل تحقيق اختراقات سياسية، وذلك من خلال تحويل مخيمات تندوف إلى نقطة تجمع لعناصر انفصالية من مختلف أنحاء العالم، هذا النهج يهدف إلى زعزعة استقرار الدول الإقليمية، وهذا يعكس كيف أصبحت دبلوماسية الجزائر جزءا من المشهد الإقليمي المتوتر، حيث تؤدي سياساتها العدائية إلى تكوين مخاطر في المنطقة. تتمثل في العقيدة التصادمية للنظام ومحاولته لعب أدوار إقليمية بارزة عبر التدخل في قضايا متعددة، مما يجعله أحد محركات الصراع.
احتضان الجزائر للانفصاليين
يشكل احتضان النظام العسكري لجماعات انفصالية كردية تهديدا للأمن القومي التركي ويُعقد ميكانيزمات الصراع في الشرق الأوسط، هذا الأمر يكشف عن فشل صانع القرار الجزائري في فهم الأحداث الإقليمية السريعة والمتداخلة، في وقت يحتاج العالم إلى حلول من القوى الإقليمية لترسيخ استقرار الدول، وفي ظل هذا تظل الدبلوماسية الجزائرية مقيدة بمقاربات تقليدية، تعتمد على دعم الميليشيات الانفصالية والجماعات الإرهابية، مما يعيق صياغة رؤية استراتيجية متكاملة تجاه التفاعلات الإقليمية، تنظيم مثل هذه الأنشطة بتندوف، منها رفع علمي مليشيا البوليساريو والانفصاليين الأكراد، تعكس هذه الاستراتيجيات تحولا للأطراف المعنية، مما يثير تساؤلات جيوسياسية حول مغزى هذا الحدث، إن استضافة الأكراد المؤيدين لاستقلال كردستان مما يبدي توجها جديدا نحو التضامن بين الحركات الانفصالية العابرة للحدود، ويحمل رسائل سياسية معقدة، وكما تعتبر استضافة هؤلاء الانفصاليين في تندوف، التي تعد منطقة حساسة تحت سيطرة النظام العسكري الجزائري، وهي بمثابة رسالة سياسية موجهة إلى تركيا وسوريا، اللتين تواجهان تحديات مع الحركات الكردية، قد تفهم هذه الخطوة كتحرش غير مباشر بوحدة أراضي الدولتين، نظرا لما تحمله من رمزية تعكس التقارب بين جبهات تسعى لتحقيق أجندات انفصالية.
تواجد الأكراد بالجزائر مخاطر وتأثيرات إقليمية
منح تسهيلات للأكراد الولوج للجزائر، قد يعكس تنسيقا بين النظام الجزائري وهذه الحركات، مما يعتبر جزءا من استراتيجية النظام العسكري لاستخدام ورقة الانفصاليين للضغط على خصومه الإقليميين والدوليين، هذا الأمر يتزامن مع تصاعد التوترات بين الجزائر وتركيا، وكذلك الجزائر والمغرب، وأن التداخل بين الحركة الكردية وجبهة البوليساريو قد يُحدث قلق وتداعيات أوسع، ويدفع الدول إلى التنسيق ورد فعل دبلوماسي وأمني، وجود حركات كردية بتندوف محاولة للجزائر بتعزيز نفوذها الإقليمي، لكن هذا الأمر يجلب مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى عزلتها الدبلوماسية وزيادة الانتقادات الدولية، ويثير هذا النشاط تساؤلات قانونية حول احترام الجزائر للقوانين الدولية التي تدعو إلى احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، مما يعرضها لمزيد من الانتقادات، وأخيرا، رفع علمين لجبهتين انفصاليتين بتندوف يبدي تصاعد التقاطعات بين الحركات الانفصالية عالميا، ويضع المنطقة أمام سيناريوهات معقدة، لذا على الدول المتأثرة، منها المغرب وتركيا وسوريا، تعزيز التنسيق الإقليمي والدولي لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار العالمي.