اخبار عاجلة
جريدة الاخبار 24

التحولات الجذرية البوليساريو تواجه الأزمات الداخلية والضغوط الدولية


التحولات الجذرية البوليساريو تواجه الأزمات الداخلية والضغوط الدولية

مليكة بوخاري

في خضم التغيرات الكبيرة التي تشهدها قضية الصحراء المغربية، تتجلى معطيات تسلط الضوء على عمق الأزمة التي يواجهها مرتزقة البوليساريو. فقد أظهرت التطورات الأخيرة جوانب خفية من الوضعين الميداني والسياسي للنزاع المفتعل، حيث أدت الهزائم العسكرية إلى تراجع البوليساريو عن المناطق التي تدعي تحريرها، منذ عودة المواجهة مع القوات المسلحة الملكية سنة 2020، جاء ذلك بالتزامن مع اعترافات نقلها ممثل البوليساريو لدى الأمم المتحدة، الذي أقر بصعوبة الوضع الحالي خلال اجتماع مغلق نظمته ما تسمى وزارة الخارجية الصحراوية.

تراجع خطاب البوليساريو والهزائم الميدانية.
يشير السياق إلى أن الخطاب الانفصالي يتعرض لتآكل داخلي، حيث تتزايد الضغوط الدولية على البوليساريو، خاصة في ظل الدعم المتزايد للموقف المغربي على الساحة الدولية، حيث تراجعت فرص البوليساريو بشكل كبير، خاصة بعد خسارتها العسكرية في منطقة الكركرات، التي كانت تأمل من خلالها تحقيق مكاسب استراتيجية، هذه الهزيمة أثرت بشكل عميق على شعار حمل السلاح الذي كانت الحركة تروج له، أما فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التي نفذتها البوليساريو في بعض المناطق منها المحبس والسمارة، فإنها لا تعدو كونها محاولات يائسة للتغطية على التراجع الميداني، فقد أدى فقدان البوليساريو لمواقعها وإلى تقليص قدرتها على الدفاع عن أطروحتها الانفصالية أمام المجتمع الدولي، تتوالى الضغوط على الأطروحة المتعلقة بالأراضي المحررة، في ظل الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل، خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا.

الضغط الداخلي والخارجي والأزمات المتفاقمة
علاوة على ذلك، فإن الأزمة لم تقتصر على الجانب الخارجي فحسب، بل امتدت إلى الداخل، حيث تأثرت معنويات النشطاء داخل البوليساريو نتيجة الوضع الدبلوماسي المتأزم، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الداخلية التي قد تهدد تماسك القيادة، وتواجه الجزائر، التي تعد الحاضن الرئيسي للبوليساريو، أزمات داخلية تعزز من عزلتها الدبلوماسية، بينما انحصرت خيارات البوليساريو في دعم بعض الجمعيات المدنية في دول مثل السويد وإسبانيا، لكن الأطروحة الانفصالية تراجعت، واحتمال انخراط البوليساريو في حركات إرهابية، وقد شهدت السنوات الأخيرة تحولا نوعيا في تعاطي المغرب مع ملف الصحراء، على مختلف الأصعدة، وقد تمثل ذلك في تأمين معبر الكركرات، الذي شكل نقطة تحول استراتيجية في تعزيز السيطرة المغربية على المناطق العازلة. هذه الجهود ساهمت في ترسيخ سيادة المملكة على أراضيها، مما قلل من تحركات البوليساريو، وقد رافق النجاح الميداني تطورات دبلوماسية ملحوظة، حيث أبدت العديد من الدول، بما فيها الولايات المتحدة، دعمها لموقف المغرب في مجلس الأمن، كما شهدت مواقف الاتحاد الأوروبي تحولا في سياسته، حيث باتت عشرين دولة من أعضائه دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وأيضا أعربت 113 دولة عن تأييدها لهذه المبادرة، وافتتاح ثلاثون دولة لقنصلياتها بمدينتي العيون والداخلة لتجسيد الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه ووحدة اراضيه، وفي المقابل، تراجع معسكر المرتزقة على عدة مستويات، حيث سحبت العديد من الدول اعترافها بالبوليساريو، مما يعكس انحسار الدعم الدبلوماسي لهذا الكيان الوهمي، وتعيش أوضاع المخيمات التي تديرها البوليساريو في تندوف، حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي، مع تصاعد التمرد الداخلي.

انهيار البوليساريو
بدأت قيادات جبهة البوليساريو تدرك فشلها المتزايد على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وهو ما يتوازى مع الإخفاقات المستمرة للدبلوماسية الجزائرية في ملف الصحراء. في هذا السياق، قامت الجبهة بجرد خسائرها في المحطات السابقة، وكشفت صحيفة الأنباء الموريتانية، استنادًا إلى مصادر موثوقة، عن اجتماع مغلق لممثلي البوليساريو بالخارج، الذي عُقد في تندوف مطلع يناير الجاري. تناول الاجتماع التطورات الأخيرة في ملف الصحراء، بالإضافة إلى الضغوط التي تتعرض لها الجبهة على مختلف الأصعدة، حيث تم الاعتراف في الاجتماع المغلق، من ممثل الحركة في نيويورك، محمد عمار، بالهزائم الدبلوماسية التي لحقت بالبوليساريو، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض فكرة إحداث دولة في الصحراء، وأكد أن هذا الموقف تم تبنيه منذ سنة 2008، مستندا إلى رسالة من جورج دبليو بوش إلى جلالة الملك محمد السادس، حيث أكد أن إحداث دولة في المنطقة ليس خيارا عمليا، واعتبر مخطط الحكم الذاتي جديا وذو مصداقية، تبدي هذه المعطيات، التي تم الكشف عنها ضمن الاجتماع المغلق، حالة من الانهيار المتزايد التي تواجهها مليشيا البوليساريو على الصعيدين الميداني والدبلوماسي، وقد اعترفت هذه المليشيا بالدور الحاسم لكل من فرنسا والولايات المتحدة في التأثير على قرارات مجلس الأمن، مما يؤكد دعم باريس وواشنطن للموقف المغربي.

موقف الجزائر في ظل التغيرات الدولية
تواصل الجزائر تمسكها بموقف التعنت السلبي، رغم التغيرات الملحوظة في الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية. هذا التحول لم يكن عشوائيًا، بل نتج عن إدراك فرنسي بأن الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في إفريقيا يتطلب علاقات قوية مع المغرب، كما يشاهدنا تراجع العديد من الدول الإفريقية عن الاعتراف بالجمهورية الوهمية، عندما تبين لها أن الموقف الجزائري لا يتماشى مع الواقع الدولي المعاصر، إن سحب الاعتراف بالكيان الوهمية يعد دليلا على ضعف الأطروحة الجزائرية، التي تستند إلى أسس قانونية لم تعد فعالة، تتركز الصراعات اليوم بين الدول حول التجارة الدولية، وبدلا من النزاعات الإقليمية التقليدية، أصبح التركيز على الوصول إلى الثروات والموارد، يتجه العالم الآن نحو تجاوز الحدود التقليدية، حيث تبحث الدول عن أسواق جديدة، بينما تظل الجزائر محاصرة في ماضيها، رغم المبادرات العديدة التي طرحها المغرب للتعاون الاقتصادي في الإطار المغاربي، إلا أن الجزائر كانت ترفضها.

عزلة الجزائر في ظل الاعتراف الدولي
تطرق الخطاب الملكي المغربي إلى الحاجة للتكيف مع الديناميات الجديدة في العلاقات الدولية، مع طرح مبادرة الأطلسي التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين إفريقيا والولايات المتحدة، لكن الجزائر للأسف، تفضل الانغلاق على نفسها، مما يزيد من عزلتها، يأتي الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء نتيجة قناعة بأن الحكم الذاتي هو الحل الأمثل، مما أثر سلبا على موقفها ولم تستغل الجزائر الفرصة التاريخية للحوار مع المغرب، فاعترف ترامب بمغربية الصحراء، كان نتيجة فهمه لأهمية المغرب كمنصة اقتصادية في إفريقيا، عودة ترامب تعني ترسيخ الاعتراف ضمن سياق التجارة العالمية، وهو ما لم تستوعبه الجزائر، حيث تتدفق الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير، بينما تواجه الجزائر صعوبات في جذب هذه الاستثمارات، وتفضل الشركات العالمية فتح فروعها في المغرب بدلا من الجزائر، مما يعكس الفجوة الكبيرة بين البلدين في مجال الاقتصاد والتنمية.


تحقق أيضا

جريدة الاخبار 24

هل يمكن اعتبار هوس إعلام الجزائر جزءا من استراتيجية النظام للتعامل مع الأزمات؟

هل يمكن اعتبار هوس إعلام الجزائر؟ مليكة بوخاري حقق المغرب في السنوات الأخيرة إنجازات بارزة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *