سياسة جنائية حديثة آفاق العقوبات البديلة
مليكة بوخاري
نظم منتدى الباحثين في القانون، بشراكة مع اتحاد المحامين العرب والمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالقنيطرة، والمجلس الجهوي لهيئة الموثقين بالرباط، والمعهد الدولي للتحكيم والدراسات القانونية، ومجلة القانون والأعمال الدولية، ندوة علمية عن بُعد تحت عنوان “مستجدات إصلاح منظومة العدالة: قراءة في الحصيلة والآفاق”. شهدت الندوة حضور مجموعة من الخبراء والباحثين في المجال القانوني، من بينهم الدكتور عبد الصمد البردعي، نائب رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب، والدكتور مصطفى العليوي، عدل بمحكمة الاستئناف بالرباط، والأستاذ محسن عليوي، دكتور في القانون العام، بالإضافة إلى مجموعة من الباحثين المتميزين في سلك الدكتوراه. تمحورت النقاشات حول التحديات الراهنة وآفاق الإصلاح في المنظومة القضائية المغربية، مما يعكس التزام المجتمع القانوني بتحقيق العدالة الفعالة والمستدامة.
نقاش حول نظام العقوبات البديلة في التشريع الجنائي المغربي
شهدت الساحة التشريعية المغربية نقاشات عميقة حول نظام العقوبات البديلة، حيث عُقدت هذه الندوة التي شارك فيها الدكتور عبد الصمد البردعي، الذي قدم مداخلة تحت عنوان “نظام العقوبات البديلة في التشريع الجنائي المغربي وسؤال الغاية”. تطرق في المداخلة صدور قانون العقوبات البديلة في الجريدة الرسمية بتاريخ 22 غشت 2023، والذي سيدخل حيز التنفيذ في 22 غشت 2025.
الإطار القانوني
استهل الدكتور البردعي مداخلته بطرح تساؤلات حول الغايات من سن هذا القانون، مشيرا إلى الأزمة المحتملة في السياسة الجنائية المغربية، هل تعاني هذه السياسة من عجز في تحقيق الأهداف المرجوة في إصلاح وتهذيب السجناء؟ هل أثبتت السياسة العقابية الحالية فعاليتها في محاربة الإجرام وحالة العود؟
إشكالية النقاش
تتلخص الإشكالية الرئيسية في: إلى أي حد يمكن لنظام العقوبات البديلة أن يساهم في ترشيد وأنسنة الجزاء الجنائي؟ يتبع ذلك مجموعة من الأسئلة الفرعية، منها:
-ما هي الانتظارات المرجوة من إقرار العقوبات البديلة؟
-هل يشكل هذا النظام حلا قانونيا وواقعيا للحد من الخطورة الإجرامية؟
-كيف يمكن أن يساهم هذا النظام في تقليل حالات العود إلى الجريمة؟
المحاور الأساسية
تناول الدكتور البردعي الموضوع من خلال محورين رئيسيين:
1 – نظام العقوبات البديلة: المفهوم والتطور
2 -نظام العقوبات البديلة في النظام التشريعي المغربي: الغايات والتحديات
تعريف نظام العقوبات البديلة
وفقا للقانون رقم 43.22، تعرف العقوبات البديلة بأنها تلك التي يحكم بها القاضي بدلا من العقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات حبسا نافذا، وقد حدد المشرع المغربي نطاق تطبيق هذه العقوبات، والتي تشمل الجنح غير المستثناة بنص قانوني.
موانع تطبيق العقوبات البديلة
حدد القانون مجموعة من الموانع منها :
*الجرائم ذات الطابع الجنائي.
*حالة العود.
*جرائم محددة مثل الإرهاب والاتجار في المخدرات.
أنواع العقوبات البديلة
حدد المشرع المغربي أربعة أنواع من العقوبات البديلة:
1 -العمل لأجل المنفعة العامة
2 -المراقبة الإلكترونية
3 -تقييد بعض الحقوق
4 -الغرامة اليومية
الروافد التشريعية والمؤسساتية
لفهم نظام العقوبات البديلة، يجب النظر إلى الروافد التي استند إليها المشرع:
_الروافد الدولية : مثل قواعد الأمم المتحدة المتعلقة بالعقوبات البديلة.
_الروافد الوطنية: مثل الدستور المغربي والتوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة.
غايات نظام العقوبات البديلة
تهدف هذه العقوبات إلى تعزيز العدالة الجنائية من خلال:
-تقليص عدد السجناء.
-تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية.
-تحسين ظروف الحياة للمحكوم عليهم.
التحديات المتعلقة بنظام العقوبات البديلة
رغم الإيجابيات، هناك تحديات قد تواجه تنفيذ هذا النظام، منها:
-ضرورة توفير الإمكانيات اللوجستيكية.
-إحداث قسم خاص لتطبيق العقوبات البديلة.
-ضرورة تكوين الفاعلين في العدالة الجنائية حول هذا النظام.
تطوير السياسة الجنائية
يمثل نظام العقوبات البديلة خطوة مهمة نحو تطوير السياسة الجنائية المغربية من خلال التركيز على إعادة تأهيل المحكوم عليهم وتخفيف الآثار السلبية للسجن، لكن يتطلب الأمر جهودا كبيرة من جميع الأطراف المعنية لضمان نجاح هذا النظام وتحقيق الغايات المنشودة للحد من الإجرام وتحسين أوضاع السجناء.