في مواجهة الأزمة العميقة التي تعاني منها تونس، يستدل الدبلوماسي التونسي إلياس القصري بتصريحات الراحل الحبيب بورقيبة، الذي أشار في وقت سابق إلى أن البلاد تواجه تحدّي الجهاد الأكبر ضد التخلف ومقوماته المادية والمعنوية والثقافية ، وقد أصبح هذا التحدي أكثر خطورة مما كان عليه في الماضي، حيث يهدد الآن كيان الدولة التونسية وصيرورتها.
وبناءً على ذلك، يؤكد الدبلوماسي التونسي على أن الخيار الوحيد الذي تملكه تونس هو التركيز بشكل حصري على عملية الإنقاذ من المتاهات والمغامرات والعنتريات الواهية ، وعليها أن تعمل بثبات وجدية على تصحيح المسار التنموي، وتعطي إنطلاقة جديدة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، وذلك بطريقة مستدامة ومتناغمة مع متطلبات العصر والتنافسية الدولية، التي لا يمكن لتونس الإستغناء عنها إن أرادت أن يكون لها مستقبل.
ويشدد السفير التونسي السابق على ضرورة الإعتراف بصورة عقلانية وواقعية وتواضع بأن هناك دولًا يمكن أن تكون مصدر إلهام لتونس في تجربتها التنموية وتدعيم الشراكة الإقتصادية معها، وعليها أن تحافظ في الوقت نفسه على علاقات الأخوة والإحترام المتبادل مع هذه الدول، والتي يجب أن تستند إلى المصلحة المشتركة والتكافؤ ، ومن بين هذه الدول المغرب ومصر، واللذين حققا تقدمًا رغم التحديات الجسيمة التي تواجههما.
ويشد إلياس القصري، في ختام مشواره، الإنتباه إلى أن هذا التقييم ليس حكما على تجارب الحكم والاقتصاد في الدول الأجنبية، فكل شعب يتحمل مسؤولية خياراته السيادية، ومع ذلك يجب على تونس أن تقيّم بشكل موضوعي التجارب الأخرى، نظرًا لإرتباط التنمية بالعلاقات الخارجية، إن تونس تسعى إلى العثور على وسائل وطرق جديدة للتنمية، وتسعى لإرساء نموذج إجتماعي وإقتصادي جديد يضمن التنمية المستدامة لجميع فئات شعبها، وذلك من دون أي إستبعاد أو هيمنة داخلية أو خارجية.
باختصار، تواجه تونس تحديات جسيمة تتطلب تصحيح المسار التنموي وبناء شراكات قوية مع الدول الجارة والإستفادة من تجاربهما. من خلال التركيز على التنمية المستدامة وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي، يمكن لتونس الخروج من الأزمة الحالية وتحقيق الازدهار لجميع شرائح المجتمع.