كيف يعيد النظام الجزائري حساباته في ظل الاعتراف

كيف يعيد النظام الجزائري حساباته في ظل الاعتراف الفرنسي والدولي بمغربية الصحراء؟


مليكة بوخاري

كيف يعيد النظام الجزائري حساباته 

يشكل الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء المغربية خطوة جوهرية تعزز من موقف المغرب على الساحة الدولية. هذا الاعتراف يتجاوز كونه تأييدا سياسيا، ليصبح تأكيدا على شرعية مطالب المغرب واعترافا بجهوده في تحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة، وأيضا بمثابة تعزيز مكانة المغرب كدولة رائدة إقليميا،ويعكس التزام فرنسا بدعم الحلول السلمية والدبلوماسية للنزاعات الإقليمية، هذا الاعتراف الفرنسي يمكن مقارنته بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في ديسمبر 2020، الذي كان له أثر كبير في تعزيز موقف المغرب دوليا، بالإضافة إلى ذلك جاء الموقف الإسباني في مارس 2022 ليعزز هذا التوجه، حيث أعلنت إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية، هذا التحول في الموقف الإسباني، بعد عقود من الحياد، يعكس اعتبار مدريد لمخطط الحكم الذاتي كأساس أكثر جدية وواقعية ومصداقية لتسوية الخلاف، وقد منح هذا الدعم الإسباني دفعة قوية لمبادرة الحكم الذاتي المقترحة من المغرب.

ترسيخ التعاون الاقتصادي وإثارة ردود الفعل السلبية

يُعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء المغربية خطوة استراتيجية تفتح آفاقا واسعة للتعاون بين المغرب وفرنسا، خاصة في مجالات متعددة منها، الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، هذا الاعتراف يعزز فرص التنمية المستدامة في المنطقة ويقوي العلاقات الثنائية بين البلدين، مما يساهم في تحقيق أهداف اقتصادية مشتركة، في المقابل، لم يكن مستغربا أن تأتي ردة فعل النظام الجزائري سلبية تجاه هذا الاعتراف الفرنسي، إذ نددت الجزائر بشدة بهذه الخطوة، التي تعارض الوحدة الترابية للمغرب منذ زمن طويل، وتصر على موقفها المعادي لمغربية الصحراء، مما يسعى إلى إطالة أمد النزاع وتحقيق توترات إقليمية مستمرة، هذا الموقف يعقد الوضع الإقليمي ويحول دون تحقيق مصالح الشعوب في المنطقة، ومن الواضح أن الجزائر تسعى إلى تعقيد الوضع في المنطقة بدلا من العمل على تحقيق السلام والاستقرار، هذا الموقف يعكس رغبة الجزائر في تعزيز نفوذها الإقليمي ومعارضة أي تقدم يمكن أن يحققه المغرب في قضية الصحراء المغربية، وإن استمرار الجزائر على هذا النهج من المناورات والتوترات يعيق أي جهود دولية لحل هذا النزاع المفتعل بطرق سلمية، حيث تسعى الجزائر إلى الحفاظ على نفوذها الإقليمي كما تدعي من خلال معارضة الحلول السلمية، وتخشى أن يؤدي حل هذا النزاع إلى تغيير التوازن العسكري لصالح المغرب، وترى في استمرار النزاع وسيلة للحفاظ على نفوذها الإقليمي ومواجهة التحركات المغربية في إفريقيا.

الدبلوماسية المغربية:الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء 

على مدى السنوات الأخيرة، حقق المغرب سلسلة من الانتصارات الدبلوماسية التي عززت من موقفه في قضية الصحراء المغربية، من خلال بناء تحالفات قوية مع دول كبرى وتقديم مبادرات تنموية في المنطقة، واستطاع المغرب كسب تأييد دولي واسع، مما عزز من موقفه في الساحة الدولية، بهذه الانتصارات الدبلوماسية، ويؤكد المغرب على قدرته على تحقيق أهدافه بطرق سلمية وفعالة، ومع ذلك، يواجه تحديات جديدة تتطلب منه الاستمرار في ترسيخ موقفه الدولي والعمل على تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، ويتعين على المغرب مواجهة تحديات متعددة في مجال حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى التحديات البيئية والاجتماعية الناجمة عن التغيرات المناخية والتحولات الاقتصادية العالمية، وترسيخ التعاون الإقليمي والدولي في مجالات، الطاقة المتجددة والتعليم والتكنولوجيا، مما يساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار في المنطقة، من خلال تبني استراتيجيات شاملة ومتكاملة، ومواصلة تحقيق نجاحاته الدبلوماسية وتعزيز مكانته كقوة إقليمية مؤثرة.

الجزائر تواجه خيبات دبلوماسية متتالية

في المقابل، تواجه الجزائر خيبات دبلوماسية متتالية نتيجة لدعمها الطويل لقضية فاشلة كلفتها مليارات الدولارات، وقبل أيام من الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، تلقت الجزائر صفعة دبلوماسية في عقر دارها من تصريحات سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر، “إليزابيث مور أوبين“، التي أكدت أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء لا يزال قائما، وأن بلادها تعتبر مخطط الحكم الذاتي المغربي الحل القابل للتطبيق في الصحراء، هذه التصريحات عززت من موقف المغرب وزادت من عزلة الجزائر دبلوماسيا، إذ تلقت الجزائر ضربة دبلوماسية قوية، وكذلك نجح المغرب في إصدار قرار من الاتحاد الإفريقي يمنع مرتزقة البوليساريو من حضور المحافل الدولية للمنظمة، وهي أقوى ضربة وجهها المغرب إلى صنيعة الجزائر، منذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2016، أي أن المغرب سحب البساط من تحت الجزائر وجنوب إفريقيا حتى لا يمارسان الضغط على الاتحاد الإفريقي لإقحام صنيعة الجزائر، وقد واجهت الجزائر تحديات في محاولاتها لتعطيل التقدم المغربي، بالإضافة إلى ذلك، وجدت نفسها معزولة دبلوماسيا في ظل تزايد عدد الدول التي تعترف بمغربية الصحراء وتدعم مخطط الحكم الذاتي.

ماذا بعد الاعتراف الفرنسي؟

يتساءل الكثير بعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وعن هذه الخطوات، هل ستتبع دول أخرى نفس النهج؟ وكيف سيؤثر هذا الاعتراف على مستقبل النزاع في الصحراء المغربية؟ من المتوقع أن يؤدي هذا الاعتراف إلى تعزيز موقف المغرب في الساحة الدولية وزيادة الضغط على الجزائر لتغيير موقفها، ويمكن أن تشجع هذه المبادرة دول أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة، مما يعزز من فرص حل النزاع بطرق سلمية ودبلوماسية، ويمثل الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء نقطة تحول حاسمة في النزاع الطويل الأمد، ويعزز من فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ويفتح آفاقا جديدة للتعاون الدولي، هذا الاعتراف يعكس التغيرات الجيوسياسية العميقة ويؤكد على أهمية الحلول السلمية والدبلوماسية في تحقيق الاستقرار الإقليمي، وايضا يرسخ هذا الاعتراف الفرنسي مكانة المغرب كقوة إقليمية مؤثرة، ويفتح الباب أمام فرص جديدة للتعاون والشراكة مع المجتمع الدولي، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار للمنطقة بأسرها، وهنا لا بد من التذكير بما قاله الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء: “المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”. هذه الكلمات تلخص العزم والإصرار المغربي على تحقيق الوحدة الترابية، وتعكس الروح الوطنية ملكا وشعبا .


تحقق أيضا

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد الأمن المائي

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد الأمن المائي والطاقي والنهوض بالصناعة الوطنية

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد حكيمة القرقوري أكد رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال جلسة اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *