الإعلام في الجزائر وسيلة للتوجيه والسيطرة أم منصة

الإعلام في الجزائر وسيلة للتوجيه والسيطرة أم منصة للتعبير ؟


مليكة بوخاري

الإعلام في الجزائر وسيلة للتوجيه 

يُعتبر الإعلام أحد أبرز أدوات التأثير في المجتمعات الحديثة، حيث يلعب دورا حيويا في تشكيل الرأي العام ونقل الأحداث، غير أن الوضع في الجزائر يبدي كيف أصبح الإعلام أداة بيد النظام العسكري الحاكم، يستخدم لترويج سياسات معينة وتوجيه الأنظار بعيدًا عن الأزمات الداخلية. فقد تحول الإعلام في السنوات الأخيرة إلى وسيلة لتجميل صورة النظام الحاكم، مما يؤدي إلى بيئة تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية.

التلاعب بالحقائق

تشير التقارير إلى أن الإعلام الجزائري اتخذ من المغرب هدفا رئيسيا لهجماته، في محاولة واضحة لتحويل الأنظار عنه كسبب رئيسي لتشويه صورته، ولعل المثال الأبرز على هذه العقلية العسكرية المسيطرة هو تعامل الجزائر مع الإمارات والمغرب في سياق التوترات الإقليمية الحالية، فالجريدة التي تم توقيفها لم تكن الوحيدة التي تطرقت إلى هذه المواضيع، إذ سبق لصحيفة “الشروق” أن اتهمت الإمارات بالتآمر على الجزائر، دون أن يجرؤ العسكر على اتخاذ اجراءات مماثلة، هذا الأمر يكشف عن الانحدار الذي وصلت إليه وسائل الإعلام الجزائرية، التي تعتمد أساليب السب كوسيلة للتعبير عن المواقف السياسية.

إيقاف صحيفة “جزائر الغد”

في خطوة تعكس تعاظم الهيمنة العسكرية على المشهدين السياسي والإعلامي، أصدر النظام العسكري الجزائري قرارا مفاجئا بإيقاف نشاط صحيفة “جزائر الغد” بشكل عاجل، وبدء إجراءات قانونية لتصفية وجودها نهائيا، جاء ذلك بعد نشرها مقالا يتحدث عن مزاعم  مؤامرة محتملة لاغتيال الرئيس عبد المجيد تبون، مما أثار ردود فعل قوية من النظام، اعتبرت الجهات العسكرية أن المحتوى المنشور يتضمن “معلومات مضللة وغير موثقة”، متذرعة بالقوانين الصحفية المعمول بها، وقداستند النظام إلى المادة 54 من الدستور والمادة 70 من قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية، مستغلًا هذه القوانين كأداة لإخراس الأصوات الإعلامية التي لا تتماشى مع روايته الرسمية. ورغم محاولات الصحيفة الدفاع عن نفسها بالاعتماد على “مصادر موثوقة”، إلا أن ذلك لم يثنِ النظام عن اتخاذ هذه الإجراءات القاسية.

تأثير القمع على الصحافة

يتسق قرار إيقاف صحيفة “جزائر الغد” مع سلسلة من الإجراءات القمعية التي تتبعها السلطات الجزائرية تجاه وسائل الإعلام. تهدف هذه الإجراءات بشكل مباشر إلى إسكات أي صوت يتجاوز الرواية الرسمية أو يعبر عن انتقادات للنظام، مما يُضعف قدرة الصحافيين على تناول المواضيع الحساسة بحرية. تساهم هذه الأوضاع في خلق حالة من التوتر في المشهد الإعلامي، مما يؤثر سلبًا على كفاءة العمل الصحفي، لقد أصبح الإعلام أداة للرقابة بدلاً من كونه منصة للنقاش الحر والتعبير عن الآراء المختلفة. تسيطر الدولة أو الجهات العسكرية على معظم الصحف الكبرى في الجزائر، مما يعزز من هيمنة النظام على المشهد الإعلامي، ويقلل من الفرص المتاحة للتعبير عن وجهات الرأي. في ظل هذا المناخ القمعي، يُحرم المواطن الجزائري من المعلومات اللازمة لفهم القضايا الوطنية والإقليمية.

البيئة الإعلامية القمعية

تعكس القرارات المتتالية لقمع الإعلام المستقل في الجزائر رغبة النظام في استخدامه كأداة استراتيجية لنشر الروايات الرسمية لمصالحه. يؤدي ذلك إلى تهميش الأصوات المستقلة، حيث يُقابل أي محاولة للخروج عن هذا الإطار بقمع فوري، هذه السياسة لا تعكس فقط رغبة النظام في السيطرة على المعلومات، بل تؤكد أيضًا على هشاشة موقفه أمام أي تحد قد يطرأ على سلطته، ويبقى السؤال المطروح في المشهد الإعلامي، كيف يمكن أن يتحول الإعلام من أداة للتعبير والحرية والحصول على المعلومة إلى وسيلة للرقابة والسيطرة؟.


تحقق أيضا

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد الأمن المائي

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد الأمن المائي والطاقي والنهوض بالصناعة الوطنية

أخنوش استراتيجيات متكاملة لتجويد حكيمة القرقوري أكد رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال جلسة اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *