عزلة الجزائر لفشل سياساتها الداخلية
مليكة بوخاري
تعيش الدبلوماسية الوطنية في المغرب، في الآونة الأخيرة، أفضل مراحلها، حيث أثبتت قدرة استثنائية على تعزيز قضية الوحدة الترابية. يعود ذلك إلى الموقع القوي الذي أحرزه المغرب على الصعيدين القاري والدولي، بالإضافة إلى الإنجازات الدبلوماسية التي راكمتها المملكة المغربية، في ظل الرؤية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
أسس العلاقات الدولية
لقد أسس المغرب علاقاته مع القوى العالمية، مما يعكس مبدأ “رابح رابح”. وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، الذي تم تكريسه عبر خطاب رسمي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون داخل قبة البرلمان، خلال زيارة دولة رسمية.
رمزية الموقف الفرنسي
إكتسبت هذه السياقات رمزية سياسية كبيرة، خصوصا في ظل تأثير فرنسا داخل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، مما يضفي على موقفها حجة قوية وطابعا مرجعيا في الساحة الدولية، خاصة في أوروبا.
الجذور التاريخية للصراع
تعود جذور هذا الصراع تاريخيا إلى الحقبة الاستعمارية، حيث حددت جغرافيا المنطقة وبرزت أطماع القوى المجاورة، خصوصا الجزائر، في الصحراء المغربية.
دعم استثنائي لمغربية الصحراء
لذلك، فإن الدعم الذي تقدمه كل من إسبانيا وفرنسا لمغربية الصحراء يمثل دعما سياسيا استثنائيا يعزز موقف المغرب في مواجهة خصومه.
آفاق المستقبل
بهذه الديناميكية، تظل الدبلوماسية المغربية محورية في رسم معالم مستقبل الوحدة الترابية، وتأكيد حقوق المغرب التاريخية والقانونية على صحرائه وسيادته على وحدة أراضيه.
موقف الدول المؤثرة
لا شك أن العديد من الدول المؤثرة ستتبنى نفس موقف فرنسا وإسبانيا الاعتراف بمغربية الصحراء، هذا التحول يمثل نقطة مفصلية في مسار حل هذا الملف، مما يعزز من موقف المغرب على الساحة الدولية.
دعم الحكم الذاتي
لم يقتصر الموقف الفرنسي على الاعتراف بمغربية الصحراء فحسب، بل تعداه إلى دعم الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا الصراع المفتعل، إذ تعمل فرنسا بجد على وضع إمكانياتها في خدمة المغرب، وهو ما تجلى من خلال الإجراءات التي إتخذتها بعد خطاب الرئيس ماكرون في البرلمان، حيث بدأت بالترافع عن مغربية الصحراء في مجلس الأمن.
مكاسب دبلوماسية
حققت القضية الوطنية مكاسب استثنائية، من خلال زيارة ماكرون وتبني مجلس الأمن قرارا جديدا، هذا القرار يعكس التأثير المتزايد للمغرب بعد أن حظي باعترافات من قوى كبرى، مما ساعد على تقديم مرافعات قوية تدعم مغربية الصحراء.
إفشال المخططات الجزائرية
في المقابل، فشلت الجزائر في تحقيق أي تقدم بمجلس الأمن، حيث لم تستطع استغلال عضويتها لتحقيق أهدافها، حيث نجحت الدبلوماسية المغربية في تعميق عزلة الجزائر، من خلال دعم الدول الأعضاء لمغربية الصحراء، مما زعزع موقف الجزائر التقليدي.
المستقبل في مجلس الأمن
من المتوقع أن يستفيد المغرب من دعم الدول الإفريقية في مجلس الأمن، حيث كانت تراهن الجزائر الإضرار بمصالح المغرب خلال عضويتها، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، مما أضعف من حظوظها، وأدى إلى استمرار الاعترافات المتقدمة للتسوية النهائية لهذا الملف.
عقيدة العداء في الجزائر
يجعل النظام العسكري من عداء دول الجوار عقيدة، لتبرير وجوده واستمراره، وكما تستند الجزائر إلى عدائها للمغرب وأطماعها في الصحراء كوسيلة للاستهلاك الداخلي، حيث تستخدم هذا العداء لتبرير نفقاتها وتوجيه الأنظار عن المشاكل الاقتصادية المتفاقمة، منها التضخم وغياب المشاريع المجتمعية.
فشل السياسات الداخلية
تعكس الأزمات المتزايدة التي يواجهها النظام الجزائري، نتيجة لسياساته الفاشلة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، فقد استنفدت الجزائر وصنيعتها البوليساريو جميع أوراقهما، بما في ذلك ورقة “حقوق الإنسان” و”الثروة”، وفشلا في تحقيق أي تقدم في مجلس الأمن أو من خلال تنظيمات الاتحاد الأوروبي، كما فقدت الجزائر دعم حلفائها التقليديين منها الصين وروسيا، مما ساهم في عزلتها القارية والعربية.
التوترات الإقليمية
تعمقت العزلة الجزائرية بعد الأزمة مع مالي، حيث تصاعد التوتر على الحدود بين الدولتين، يعاني الجنوب الجزائري من مشاكل أمنية متزايدة، ويعزز الوجود الروسي بمالي من تعقيد الأوضاع، هذه التوترات تزيد من أزمة الجزائر، خاصة في ظل عدم الاستقرار في المنطقة.
تراجع الجزائر مقابل صعود المغرب
بينما إزدادت قوة المغرب على الصعيدين القاري والدولي، تعمقت عزلة الجزائر، خاصة بعد توتر علاقاتها مع فرنسا وإسبانيا، ومع المغرب أيضا، كما تعاني الجزائر من أزمة مالية خانقة وتورطها في الوضع الأمني بمالي، وفي هذا السياق، تحاول الجزائر بناء تحالفات هشة مع دول تعاني من أزمات، منها: تونس وليبيا، سعيا لتحقيق زعامة وهمية.
مستقبل العلاقات الإقليمية
بشكل عام، فإن الجزائر في وضع صعب يستدعي إعادة تقييم سياساتها وعلاقاتها مع الجوار، بينما يواصل المغرب تعزيز مكانته، تظل الجزائر عالقة في دوامة من الأزمات التي تهدد استقرارها الداخلي وعلاقاتها الخارجية.