الجزائر في زمن التغيير آثار فقدان الحليف
مليكة بوخاري
عقب إعلان التلفزيون السوري الرسمي ووسائل الإعلام الدولية في الثامن من ديسمبر من السنة الجارية عن نجاح المعارضة السورية المسلحة في الإطاحة بالنظام السوري، مما أجبر بشار الأسد على الفرار، وقد عمت الفرحة بين السوريين، وبين الشعوب التي تسعى للحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم. ولكن النظام العسكري الجزائري شعر بخيبة الأمل لفقدانه حليفا رئيسيا كان يشاركه القمع ومصادرة الحريات، حيث تكتظ السجون والمعتقلات في كلا البلدين بالعديد من الأبرياء، بل هناك مواطنين مضطرين للعيش في المنفى، والمثير للدهشة أن الواجهة المدنية للنظام العسكري الجزائري، “عبد المجيد تبون”، قد أجرى اتصالا مع بشار الأسد الهارب قبل أيام قليلة، تم التفاهم على ترسيخ التعاون الثنائي بين البلدين من خلال تبادل الزيارات، وقد أعلن وزير خارجيته أحمد عطاف عن دعم الجزائر لسوريا في مواجهة التهديدات الإرهابية، وأكد هذا الموقف السفير الجزائري بدمشق، “لحسن تهامي”، أثار هذا الموقف استياء العديد من السوريين الذين عبروا عن رفضهم لدعم نظام القمع والظلم، وأيضا انتقد وزير الخارجية الأسبق “صبري بوقادوم”تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية، معتبرا إياه ضربة لجميع الأعضاء.
التدخل العسكري والمرتزقة
الأمر الأكثر إثارة للدهشة ما تم تداوله في العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، خاصة الفرنسية، حول مشاركة مسلحين جزائريين ومرتزقة البوليساريو إلى جانب جيش نظام الأسد في إطار اتفاق سري ثلاثي بين سوريا وإيران والجزائر ضد “الجيش السوري” و”ثوار سوريا”، وقد أكدت التقارير حاليا سيطرة المعارضة المسلحة السورية على العاصمة دمشق، واعتقال جنرال جزائري المسمى “طير حمود“، الذي كان يقود فرقة تضم ثمانمئة مقاتل، بينهم ثلاثمئة ضابط من الجيش الجزائري وخمسمئة مرتزق من البوليساريو، ومن جانب آخر اتصل وزير الخارجية الجزائري بنظيره السوري لترتيب نقل أو دفن جثامين الجنود الجزائريين بسرية تامة، دون الكشف عن هوياتهم، حيث اعتبرت المعارضة السورية النظام العسكري الجزائري عدوا رئيسيا للشعب السوري، وقد سعت الجزائر بكل وسائلها لإفشال هذه الثورة وحرمان الشعب السوري من حقوقه.
تشابه الأنظمة
لن يغفر الشعب السوري وثواره للجزائر مشاركتها في قمع وتهجير العائلات، فقد استخدم الدكتاتور الأسد السجون والمعتقلات لإسكات وتكميم أفواه معارضيه وشن البراميل المتفجرة على شعبه الأعزل، يشبه النظام العسكري الجزائري إلى حد كبير نظيره السوري في الاستبداد، فكلاهما نظام دموي يتشاركان في العديد من الصفات، فقد ظل حزب البعث السوري يهيمن على الحياة السياسية، كما تم إخضاع الجزائر لسيطرة “جبهة التحرير الوطني”، وفي السياق المتشابه، وصل حافظ الأسد إلى سدة الحكم عبر الدبابة، واستمر في الحكم حتى انتقلت السلطة إلى ابنه بشار، بينما جاء هواري بومدين إلى السلطة من خلال انقلاب عسكري، وظل “نظام العسكر” المتحكم في تعيين الرؤساء في الكواليس.
دعوة للتغيير
بشكل عام، يجب أن ينشغل ثوار سوريا بتحقيق الأمن والاستقرار، والانطلاق نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية تضم جميع أبنائها على قدم المساواة، وفي الوقت نفسه، يجب على النظام العسكري الجزائري استيعاب درس سوريا وغيرها من الأحداث بالدول العربية، واستنتاج الدروس اللازمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، والعمل على تحسين ظروف حياة المواطنين الجزائريين قبل فوات الأوان، تفاديا لمصير الأسد وما شهده من الحكام المستبدين.