الملك عبدالله الثاني استقبال شعبي
اصطف عشرات الآلاف من المواطنين الأردنيين يوم الخميس على جانبي الطريق بالقرب من المطار حتى بوابة القصر الملكي في عمان لاستقبال الملك عبدالله الثاني بعد عودته من واشنطن، تعكس هذه الخطوة محاولة العاهل الأردني الاستناد إلى الدعم الشعبي في مواجهة الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يسعى لإقناع عمان بقبول خطة تهجير سكان قطاع غزة، وأدرك الملك عبدالله أن ردود الفعل الإقليمية مهمة لكنها ليست حاسمة، لذا اختار تعزيز موقفه من خلال التأييد الشعبي، فقد يبدو أن ترامب أدرك أيضا ذلك، وأشاد بالملك عبدالله ووصفه بأنه ملك عظيم وأن الأردنيين شعب رائع، مما أبدى تفوقه على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي رفض الخطة بشدة وهدد بعدم الذهاب إلى واشنطن إذا كان موضوع التهجير مطروحا، وفي حديثه للأردنيين قال ترامب: “لديكم ملك عظيم، وأحد القادة الحقيقيين في العالم، وأثناء لقائه بترامب، حاول الملك عبدالله تخفيف معارضته لخطة التهجير، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب صياغة موقف عربي موحد، وأن مصر لديها خطة للتعامل مع ما يطرحه الرئيس الأمريكي، هذه الاستراتيجية تبدي ذكاء الملك، حيث تمكن من الحفاظ على توازن دقيق بين عدم مجاملة ترامب وبين تجنب التصريح برفض قاطع للخطة، مما قد يعرض علاقات الأردن مع واشنطن للخطر، وقد وجد الملك عبدالله الثاني نفسه في موقف مشابه لنتنياهو، الذي شغل نفس المقعد قبل أيام.
الملك عبدالله الثاني توازن دقيق بين الضغوط الأمريكية
رد الملك بدبلوماسية، مشيرا إلى وجود خطة من مصر والدول العربية، وأفاد بأن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، دعاهم للمناقشات في الرياض، مؤكدا أن التحدي يكمن في جعل الخطة تخدم مصالح الجميع، كما دعا إلى مراعاة مصالح الولايات المتحدة وشعوب المنطقة، خاصة الشعب الأردني، من خلال هذا الموقف، حافظ الملك عبدالله على العلاقات القوية مع الولايات المتحدة، مما يضمن استمرار المساعدات الأمريكية الضرورية للأردنيين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، قد إختلفت مرونة العاهل الأردني عن الموقف الحاد للرئيس المصري، الذي لا يتوانى عن إبداء رفضه القاطع لخطة ترامب، سواء عبر تصريحاته المباشرة أو من خلال مسؤولين مصريين آخرين، منها رئيس الحكومة الذي أكد أن غزة تحتل الأولوية بالنسبة لمصر، وقد رفض بيان وزارة الخارجية المصرية، بعد اجتماع وزير الخارجية بدر عبدالعاطي مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، أي حل وسط بشأن التهجير، وسخر الدبلوماسي السابق حسين هريدي من تهديد ترامب بسحب المساعدات، مؤكدا أن مصر مستعدة لمواجهة هذه التهديدات، التي قد تضر بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، هذا الموقف ليس فقط لمصر وحكومتها، بل يعكس أيضا موقف الشعب المصري، ومن المفارقات في سياسة ترامب أن شعاره أميركا أولا، مما أدى إلى توحيد الدول العربية، وتبقى جبهة متماسكة تدافع الفلسطينيين، ومن المقرر أن تستضيف مصر قمة عربية طارئة في 27 فبراير الجاري، فبعد لقائه مع ترامب في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، أكد الملك عبدالله معارضته القوية لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، “كارولين ليفيت”، إلى أن الملك يفضل أن يبقى الفلسطينيون في أماكنهم مع إضافة أراض يمكن استخدامها للتنمية التي توفر فرص عمل، بينما يرى ترامب أن نقل الفلسطينيين إلى مناطق أكثر أمانا سيكون أفضل، وأيضا ترى الأوساط السياسية الأردنية أن الملك حقق نجاحا في زيارته لواشنطن، وجولة أخرى من خلال الاستقبال الشعبي، لكنهم حذروا من أن تحريك الشارع قد يكون خطيرا، حيث عانت المملكة من توظيف الشارع في السنوات الأخيرة، سواء في قضية ولي العهد السابق الأمير حمزة التي أثرت على توازن الأسرة الحاكمة، أو في المظاهرات الداعمة للحركة، التي هددت وحدة الأردن وغذت الانقسام بين الأردنيين الأصليين والفلسطينيين.
رغم الطقس البارد والأمطار المتقطعة، تجمع رجال ونساء وأطفال على طول الطريق من مطار ماركا في عمان حتى مدخل قصر رغدان، حيث امتدت المسافة لحوالي سبعة كيلومترات، انتشر فيها رجال الأمن والحرس الملكي بكثافة، وكان العديد من المتجمعين يحملون صورا للعاهل الأردني، مكتوبا على بعضها “معك سيدنا والأردن ثابت في وجه العواصف بقيادتك”، كما حملوا صورا له مع ولي عهده الأمير حسين بالزي العسكري، ورفعوا الأعلام الأردنية، فيما ارتدى الكثيرون الشماغ الأردني الأحمر والأبيض، بينما اختار البعض الكوفية الفلسطينية البيضاء والسوداء، ورفعت لافتات كُتب على بعضها “الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين، ولا لتهجير إخوتنا”، بالإضافة إلى خريطة للأردن بألوان العلم الوطني، كتب أسفلها “كلنا مع الملك”، بينما كان موكب الملك يسير، ظهر الملك عبدالله مبتسما، وخرج يده من نافذة السيارة ملوحا لمستقبليه، بينما قاد ولي العهد الأمير حسين السيارة وحيا الحضور أيضا، إذ عبر الملك عبدالله عن شكره لشعبه على منصة إكس بعد وصوله إلى القصر، حيث كتب: “أشكركم أبناء وبنات شعبي الوفي، أستمد طاقتي وقوتي منكم. مواقفنا ثابتة وراسخة، وسأفعل الأفضل لبلدي دائما، فمصلحة الأردن فوق كل اعتبار”، من جانبه، نشر ولي العهد الأمير حسين صورا لمواطنين خلال الاستقبال على صفحته في إنستغرام، وكتب: شكرا يا خير عزوة وخير سند، فخري عظيم بشعب لا تلين عزائمه.